جانبت تطمينات وزير التجارة الهاشمي جعبوب وزميله في الطاقم التنفيذي وزير الصناعة وترقية الاستثمارات حميد تمار، الواقع الذي يعيشه سوق مواد البناء في البلاد، حيث ما تزال المضاربة السمة الأساسية له أوصلت بسعر الكيس الواحد من الإسمنت إلى حدود 500 دج، بينما ما تزال الاشاعة تصنع منحنيات أسعار الحديد والاسمنت الابيض. يحدث هذا في غياب لجان المراقبة وهيئات الضبط التي تحدثا عنها الوزيران مطولا قبل وصول أولى شحنات الاسمنت المستورد من الخارج أكتوبر الماضي، في اطار برنامج استيراد 1 مليون طن لتلبية الطلب المتنامي في السوق. وحسب المتتبعين لملف سوق مواد البناء، فإن حل هذه الازمة يتطلب بالدرجة الاولى ضمان المراقبة الصارمة والمتابعة المستمرة لنشاط المركبات المصنعة والممونين المحليين وتجار الجملة والتجزئة، لان الامر يتعلق ب "المضاربة" وليس الندرة مثلما تريد لوبيات الاحتكار أن توحي به، مؤكدين أن الظرف الحالي ملائم (ديسمبر مارس) على اعتبار أن أشغال الخرسانة تشهد في الغالب تراجعا في هذه الفترة الممطرة. وحسب مصادر عليمة بخبايا الأسواق الموازية لمواد البناء، فان برنامج الاستيراد لم ولن يكون البديل الانجع لتهدئة الاسعار ما دامت لوبيات الاحتكار وشبكات المضاربة هي التي تسيطر حاليا على سوق تناهز أرباحه السنوية حسب مصادر غير رسمية ما يزيد عن 4 مليار دولار. وحسب مصادرنا، فان استمرار هذه السلوكيات قد يرهن مصير مئات الورشات، سواء تلك الجارية أشغالها أو المبرمجة للتنفيذ في اطار البرنامج التنموي 20102014 والتي تقضي بمضاعفة الانتاج وتكريس الرقابة فعلا وليس على شكل "تعليمات دون متابعة". وحسب الارقام التي قدمها وزير التجارة الهاشمي جعبوب في وقت سابق، فإن الحكومة رصدت غلافا ماليا قدره 2.5 مليار دولار لتطوير وترقية منظومة إنتاج الاسمنت، حيث سطرت هدف بلوغ سقف انتاج محلي يقدر ب 22 مليون طن في آفاق 2012 و27 مليون طن في 2015، أي بزيادة سنوية تقدر ب 5 ملايين طن، وذلك لتلبية حجم الطلب الذي يرتفع سنويا بنسبة 10 في المئة. وجدير بالذكر، فإن الانتاج المحلي الحالي حسب الارقام الرسمية يقارب سقف 10.4 مليون طن. وعلى ضوء هذه المعطيات، سارعت وزارة الصناعة وترقية الاستثمارات الى انشاء مجمع يشمل 12 مركبا عموميا لانتاج الاسمنت لسد الطلب المقدر حاليا بمليون طن، اختارت الحكومة مسعى الاستيراد لسده. ويرى المراقبون أنه لا مخرج للقطاع لتجاوز كبوته الحالية، إلا بفسح المجال أمام المستثمرين الاجانب الذين أبدوا رغبة ملحة للاستثمار في بلادنا، لكن بتليين وتسهيل المهمة لهم بما يضمن مصالح الطرفين (الجزائري والأجنبي). وفي هذا الصدد، سجلت الحكومة اهتمام مجموعة "إعمار" الاماراتية إنشاء شركة "سي بي سي الجزائر" للتطوير الصناعي، والتي ستتولى إنتاج الخرسانة. أما بخصوص مادة الحديد التي تخطى سعر الطن الواحد حاجز 1100 دج أكتوبر الماضي، فإن الحكومة سارعت الى اتخاذ جملة من التدابير لتحسين وتطوير الإنتاج، خصوصًا وان البرنامج الخماسي المقبل يتطلب أكثر 50 مليون طن لضمان السير الحسن للورشات سواء في مجال السكن أو البنى التحتية مثل السدود والطريق السيّار شرق غرب السريعة وورشات انجاز الشبكة الجديدة للسكك الحديدية. وتسجل البلاد عجزًا في إنتاج المادة يقدر ب 1.5 إلى 2 مليون طن، كما تستورد 70 في المئة من الحديد من أوكرانيا رقم واحد عالميا في انتاج الحديد.