الخليل، راس الوادي، أولاد براهم، عين تاغروت، غيلاسة، برج الغدير، بليمور، الجعافرة، مجانة هي محطات وأخرى وقفت عندها "الأمة العربية" لترصد الوضع الأمني الذي تعيشه الولاية بعد المصالحة الوطنية وأهم المشاريع التنموية والتكميلية التي دعمت بها خلال العهدتين السابقتين والرجوع إلى الحالة التي عاشها المواطنون في فترة العشرية السوداء جراء همجية الإرهاب. سجلت ولاية برج بوعريريج قفزة نوعية بعد الاستفادة من مشاريع تنموية وقاعدية أخرجت سكانها من معاناة العشرية السوداء والعزلة والتهميش خلال مرحلة سابقة ودفعوا خلالها أرواحا بريئة أدت إلى هجران سكان الأرياف والمداشر لقراهم تاركين وراءهم ممتلكاتهم، كما جنّدت العائلات العديد من أبنائها في فرق الدفاع الذاتي من أجل ردع الإرهاب الهمجي وتحقيق الأمن بالولاية والمشاركة في عملية البناء والتشييد. بعد المصالحة الوطنية ولاية البرج تمسح آثار الإرهاب وتتجه نحو المستقبل أكد رئيس جمعية ضحايا الإرهاب، بن علي دودو، أن المنطقة فقدت العديد من أبنائها جراء العمليات الإرهابية المتكررة كما شهدت مجازر دموية أثناء العشرية السوداء، معبرا عن اعتزاز المنطقة بقرار المصالحة الذي غيّر وجه المنطقة من العبوس إلى التفتح باستفادتها بعدة مشاريع أخرجت بلدية 27 ألف نسمة إلى النور خاصة بعد الاستفادة من ثانويتين وخمس متوسطات و25 مدرسة ابتدائية. بكثير من التفاؤل حدّثنا المجاهد دودو عن تحسن الأوضاع الأمنية بمنطقة الخليل بقوله "لقد عانت المنطقة على غرار باقي مناطق الوطن من ويلات الإرهاب، لازلنا نتذكّر المجازر الإرهابية وأنا كغيري من المواطنين الذين فقدوا أعز الناس على قلوبهم" وسرعان ما أضاف أنه فقد اثنين من أبنائه أحدهما كان ضمن قوات الجيش الوطني الشعبي بالإضافة إلى الضحايا الكثر من الأسرة وأبناء القرى والمداشر الذين فاق عددهم الأربعين شخصا ممن مزقت أرواحهم، حيث قتلوا وعذبوا بطريقة وحشية. ليس هذا فحسب، فإن محاولة المرتزقة مسح تاريخ منطقة المجاهدين قوبلت بوطنية متأججة بعد مشاركة العديد من مواطني المنطقة في تحقيق الأمن، مبرزا التضحية التي قدمها سلك الدفاع الذاتي في ميدان التصدي للإرهاب فاقدا بذلك 7 عناصر في مواجهات شديدة. وواصل الشيخ عبد الرحمان وهو يسرد علينا أسوأ اللحظات التي عرفتها المنطقة خلال سنوات الدم "المذبحة التي تعرض لها سكن الأحياء وفترة الحصار الشديد". مضيفا "لقد تطورت المنطقة ونحن اليوم في نعمة كبيرة بفضل سياسية الدولة وجهد الرئيس خاصة بعد عودة الأمن بفضل المصالحة الوطنية التي جمعت أبناء المنطقة بأهاليهم وعودة سكان المداشر إلى حياتهم وأملاكهم بعد إقرار الوئام المدني الذي كان بمثابة الفرج لعودة الاستقرار الأمني والتطور الاقتصادي والاجتماعي" مضيفا "كنا ندخل في حدود الساعة الرابعة مساء إلى بيوتنا ولا نحرج لأي سبب من الأسباب مهما عظمت". وبفضل الدرك الوطني وقوات الأمن عرفت المنطقة استقرارا أمنيا واسعا خاصة بعد تدعيم القطاع بأكثر من 300 عنصر في الدفاع الذاتي، حسب الإمام سعيد كروش، الذي أضاف قائلا "من أجل المصالحة ضحينا ومن أجل رفض المزيد من الضحايا والصلح خير بين الإخوة، رفعنا السلاح على أعداء الجزائر". وعن مطالبة نخبة الدفاع الذاتي بحقوقهم يقول الإمام "لقد ضحينا في سبيل الله والجزائر، إلا أنه من الضروري مكافأتنا باعتبارنا مجاهدين قاومونا من أجل إعادة الأمن للوطن". وكان لعمي الطاهر، أحد أعيان منطقة أولاد براهم، نفس الرأي وهو الذي أثنى بالدرجة الأولى على نتائج المصالحة الوطنية التي غيّرت في وجه الولاية وجمعت العائلات "المصالحة هي التي أعادت الأمن والاستقرار إلى المنطقة بعد الأيام العصيبة التي شهدتها خلال سنوات التسعينيات" يضيف شيخ أولاد براهم "بفضل المصالحة، نحن اليوم ننعم بعدة هياكل في جميع المجالات، افتقدناها سابقا وذلك ما كنا نحتاجه منذ سنوات للقضاء على الهمجية التي راح ضحيتها العديد من الأبرياء". وخلال جولة استطلاعية قادت "الأمة العربية" إلى منطقة "أولاد خليفة" إحدى أكبر المناطق المعزولة تتواجد بأعالي جبال ولاية برج بوعريريج وكان لنا حوار جمعنا وسكان المنطقة حول دور المصالحة الوطنية في تحقيق الرخاء للمنطقة التي عانت من ويلات الإرهاب، وبعدما حدثونا عن الوضع المزري الذي تقاسمته العائلات التي اضطرت للرحيل وهجران سكناتها خلال سنوات الجمر تاركة وراءها كل ما تملك هروبا من المذبحة الجماعية التي ارتكبتها أيادي الإرهاب الأعمى والتي جعلت العيش في المنطقة من المستحيلات خاصة وأنها معزولة، فقد تحدث إلينا إمام مسجد القرية قائلا إن معظم العائلات اضطرت إلى مغادرة القرية خلال سنوات التسعينيات بسبب صعوبة العيش في المنطقة التي تبعد عن عاصمة ولاية برج بوعريريج ب 80 كلم، مضيفا أن أطفال المنطقة اضطروا إلى هجر المدارس لصعوبة التنقل. وأثنى محدثنا على المصالحة التي كان لها دور كبير في تحسن الأوضاع الأمنية، مستطردا بالقول "إن الفترة الأخيرة جاءت بعدة مشاريع تنموية قضت على التهميش والعزلة التي عرفتها المنطقة، خاصة وأن المنطقة استفادت بعدة مشاريع تربوية محت التسرب المدرسي كما استفادت من عدة مشاريع أخرى كتهيئة الطرقات وغيرها، فالسنوات العشر الأخيرة جاءت بخير كثير على المنطقة". وبعد حصول المنطقة على نصيبها من برنامج التنمية ونجاح المصالحة، عادت العديد من العائلات إلى القرية، حيث ذكر مواطنو المنطقة أن انتهاج سياسة الوئام المدني ساهمت في عودة 25 عائلة إلى القرية، فيما بقيت 6 عائلات أخرى تنتظر عودتها إلى المنطقة بعد فك العزلة عنها نهائيا باستفادة سكانها من الربط بالغاز، حسبما أكده الإمام في حديثنا إليه، حيث "قبل فترة المصالحة الوطنية كل عائلات قرية أولاد خليفة كانوا يستعملون الوسائل البدائية من مازوت وحطب من أجل التدفئة". منشآت تنموية خلال العهدتين محت سنوات القهر والمعاناة أكد والي ولاية البرج عبد الرحمن كاديدان أن الولاية استفادت من عدة مشاريع تنموية خلال الفترة الممتدة من سنة 1999 إلى غاية سنة 2008 وهذا بفضل سعي الدولة إلى تحقيق تنمية شاملة. مضيفا أن الولاية جنّدت كل الوسائل المادية والبشرية لإنجاح الانتخابات الرئاسية التي أحصى خلالها أكثر من 362 ناخب وما يعادل 19 ألف ناخب جديد، مضيفا أن الولاية تساهم في إنجاح عملية التصويت بمشاركة كل مواطنيها. وقد جنّدت الولاية كامل إمكانياتها المادية والبشرية لتمكين المواطن من تحقيق تطلعاته والمشاركة في البناء وعودة الأمن وذلك بتخصيص 301 مركز تصويت و880 مكتب تصويت. كم استفاد قطاع الأشغال العمومية لولاية برج بوعريريج خلال الفترة الممتدة ما بين سنوات 1999 إلى غاية 2008 من تدعيم 613 كلم من الطرقات الوطنية والولائية، إضافة إلى تحديث 158 كلم وإعادة تأهيل 458 كلم أخرى، كما عرفت الولاية إنجاز 48 كلم من الطرقات الجديدة، و29 كلم من الطرق الوطنية المزدوجة. وفي نفس السياق تم إنجاز 42 منشأة فنية بالولاية، و5 دور صيانة وقد أنجزت كذلك 33 كلم من بين 90 كم عبر تراب ولاية برج بوعريريج بالإضافة إلى عدة مشاريع في طور الإنجاز تسعى السلطات المحلية إلى تسليمها في أقرب الآجال منها 148 كلم في طريق التهيئة والتحديث. أما فيما يخص قطاع الثقافة فقد شهدت الولاية تطورا كبيرا بإنجاز العديد من الهياكل، حيث استفاد القطاع خلال العشر سنوات الأخيرة بأكثر من 88 مليار سنتيم أنجز منها مركب ثقافي و8 مراكز ثقافية و20 مكتبة منها مركب ثقافي و7 مراكز ثقافية و20 مكتبة. وكانت لنا فرصة زيارة بعضا من هذه المنشآت في كل من بلديتي غيلاسة وبليمور، حيث طفنا بالمرافق التابعة لدار الشباب والمركز الثقافي بهاتين المنطقتين، وبقيت عدة مشاريع أخرى في طور الإنجاز منها مركزين ثقافيين و11 مكتبة، بالإضافة إلى ترميم وتهيئة المؤسسات الثقافية بالولاية، وكذا تهيئة برج المجاهد المقراني. وعلمت "الأمة العربية" من مديرة السكن والتجهيزات العمرانية على مستوى ولاية برج بوعريريج أن قطاع السكن تدعم بأكثر من 38 وحدة سكنية خلال نفس الفترة بغلاف مالي قدر ب 31 مليار دج، أما عن السكنات المنجزة فقدرت بأكثر من 27 ألف سكن منها سكنات اجتماعية إيجارية وتساهمية، بالإضافة إلى سكنات ريفية، وأخرى في إطار برامج عدل وأخرى تطورية. وتدعم قطاع الصناعة والمناجم بإنجاز 27 عملية منجزة لتزويد 1879 مسكن بالغاز الطبيعي فيما بقيت 12 عملية في طور الإنجاز لتزويد أكثر من 10 آلاف مسكن. أما الكهرباء فقد استفادت الولاية من 179 عملية بقيمة تفوق 68 مليار سنتيم أنجزت منها 56 عملية استهدفت 3773 مسكنا بمبلغ إجمالي قدره 50 مليار سنتيم أما 23 عملية التي مست 682 مسكنا فهي في طور الإنجاز. أما قطاع الصحة والسكان فكان نصيبه من هذه القفزة التنموية في شكل 44 عملية خلال عشر سنوات بقيمة مالية فاقت 378 مليار سنتيم أنجز منها 3 مستشفيات و15 عيادة متعددة الخدمات بالإضافة إلى فرع معهد باستور، مركز محاربة الإدمان على المخدرات ومركز ولائي لحقن الدم. وبهدف القضاء على البطالة والحد منها، فقد تحصل الشباب على عدد من المحلات بعدما استفادت المنطقة من محلات مهنية تم إحصاؤها ب 3400 محل أنجز منها 2752 محل خلال العشر سنوات الأخيرة بمبلغ 239 مليار سنتيم. التكوين والتعليم من أولويات الدولة لضمان جيل مثقف أعطت ولاية البرج أهمية قصوى لقطاع التربية لما له من أهمية، حيث استفادت من 231 مشروع منها 18 ثانوية، 28 إكمالية و28 مجمع مدرسي بالإضافة إلى 11 قاعة رياضية و75 مطعم مدرسي وذلك بعد الاهتمام الذي أولته الحكومة للقطاع وذلك بتخصيص مبلغ مالي قدر ب 707 مليار سنتيم بالإضافة إلى عدة مشاريع تنتظر الولاية تسليمها، منها 41 منشأة لمختلف الأطوار والمجالات. أما عن مجال التعليم العالي فقد دعمت الولاية خلال العشر سنوات الأخيرة ب 17 مشروع لضمان الحصول على نتائج إيجابية للمجال وذلك بتوفير إقامات جامعية وإضافة المقاعد البيداغوجية من خلال توفير 7000 مقعد بيداغوجي جديد. أما عن المشاريع التي هي في طور الإنجاز فتتمثل في معهدين بطاقة ألفي مقعد وإقامة جامعية بطاقة ألف سرير ومكتبة بسعة 250 مقعد وقاعة محاضرات تتسع ل 600 مقعد وغيرها من المشاريع التي ستعطي الولاية مكانة مرموقة بين ولايات الوطن وتساهم في تكوين الشباب ومن ثمة المشاركة في البناء والتشييد. زاوية سيدي حسن قطب آخر للتعليم وحل المشاكل زاوية سيدي حسن ببلدية غيلاسة من أرقى المنشآت المعمارية بالولاية، كان لها نصيب من أجل تدعيم نشاطاتها باعتبارها قطب ولائي مهم يشارك بصفة دائمة في المحافل الوطنية والدولية لإثراء التعليم الديني قرآنا وسنة وقد خصص لها غلاف مالي قدر ب 2 مليار و300 مليون سنتيم ساهمت الدولة بنسبة 17 بالمئة منه في حين جاءت مساهمات المحسنين بالبقية. ويدرس بالزاوية التي رممت سنة 2005 حوالي 60 طالبا من مختلف ولايات الوطن يدرسون القرآن والعلوم الشرعية وتحضر الزاوية لمشروع إنجاز قاعة محاضرات وقاعة حفلات بالإضافة إلى مسكنين وظيفيين وينتظر أن يتحرج منها هذه السنة 20 طالبا. وأضاف شيوخ الزاوية أن هذه الأخيرة فضلا عن مساهمتها في تكوين الأجيال وتعليم الدين الإسلامي الحنيف، فإنها تعمل على حل المشاكل العائلية والتوصل إلى حلول وسطى بين المتعاقدين.