منذ سنوات مضت، وعندما كان رئيس حركة مجتمع السلم أبو جرة سلطاني وزيرا للصيد، اعترف بأن السمك في الجزائر يموت بالشيخوخة، واستند على ذلك في منح صفقة صيد سمك التونة لليابانيين، وخلال الفترة نفسها أشارت الإحصائيات إلى أن المواطن الجزائري يستهلك عشر ما يستهلكه أي مواطن في دول حوض المتوسط، لكننا اليوم ومع بلوغ سعر "السردين" 500 دج وهو الذي كان إلى زمن قريب يعدّ ملجأ للغلابى من "شعيب الخديم"، لتدني سعره مقارنة بالأنواع الأخرى من السمك، يمكننا القول بأن معدل استهلاك الجزائري للسمك، قد هوى إلى أسفل سافلين. هذا الوضع الغريب وهذه الحقائق المنافية لطبيعة وموقع الجزائر التي تطل على ساحل طوله 1200 كلم، بدأت أسبابه الخفية تلوح للعيان، فنهار أمس، وخلال ملتقى جهوي للصيادين احتضنته وهران، أقرّ واعترف العديد من المشتغلين في قطاع الصيد، بأنهم يستعملون "الديناميت" في صيد السمك، وأفدح من كلّ ذلك أنهم أقرّوا بأن غالبيتهم باتوا يلجأون إلى رمي فائض السمك في عرض البحر حتى يأكله السمك ولا يأكله الجزائريون، ويحافظون بالتالي على مستوى الأسعار المرتفعة للأسماك، الذي يحقق لهم غايتين رئيسيتين، الأولى تحقيق الربح الفاحش، والثانية هي التحكم الدائم في سعر السمك، لكن هؤلاء غاب عنهم أنهم حقّقوا غاية أخرى هي أكبر مما تصوّروه، وهي تجويع البسطاء من الجزائريين، الذين كانوا يفرون من أسواق الخضار واللحوم، نحو شراء كيلوغرام من السردين، الذي كان يكفي لإعالة أسرة من 6 أفراد وأكثر. وسادت اعترافات خطيرة لا تخدم إطلاقا قطاع الصيد البحري في الملتقى الجهوي الذي جمع صيادي الجهة الغربية، حيث طالبت هذه الفئة المهضومة حقوقها، إخراج تسيير القطاع من قبضة أصحاب الشكارة، وحل غرفة الصيد البحري التي تأسست خارج القانون التي اعتمدت على انتخاب تشكيلة لا تمت بصلة إلى القطاع، إضافة إلى تعيين أشخاص من جمعيات منحلة، وما لم يخطر على البال أن يعترف العشرات من البحارة انتهاجهم أسلوب الصيد المغتصب باستعمال "الديناميت" كون أن التسيير الفوضوي هو من كان محصلة ذلك، ليطالبوا بالحلول العاجلة، وتدخل الوالي من أجل فرض التنسيق قي العمل بين 12 إدارة تتحكم في عمل البحارة، لا سيما أن بعضها أصبح يشترط الرشوة مقابل خروج صناديق الأسماك.