إحتضن المسرح الوطني الجزائري سهرة أول أمس العرض المسرحي"نون" لمسرح سيدي بلعباس المدرج ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان الوطني للمسرح المحترف الذي سيختتم سهرة اليوم. عرض "نون" الذي كتب نصه الصحفي والكاتب أحميدة العياشي وأخرجه عزالدين عبار، شخصه مجموعة من الممثلين من بينهم عبد الإله مربوح، دليلة نوار، خديجة عبد المولي، عبد القادر جريو،أبو بكر الصديق بن عسى ، فيما وضع السينوغرافيا الفنان عبد الرحمان زعبوبي وصمم الرقضات سليمان حابس. وعلى إمتداد الساعة والربع من الزمن الركحي تابع الحاضرون في قاعة محي الدين بشطارزي، سرد مسترسل لمجموعة من الحالات الدرامية التي تعبر عن العذاب الموت الإرهاب الحب العنف من خلال مجموعة من الشخوص حالقي الرؤوس يتململون ويعبرون عن أوجاع إنسانية في قالب تراجيدي كما تخلل العرض مقاطع موسيقية لحمو سيعود وغنائية لمريم أمبارك أحمد، بالإضافة الى لوحات راقصة تعبر بدورها على ما أراده صاحب النص وفهم موقع العرض...ويعبر العرض حسب أحميدة العياشي صاحب النص عن أفكار ولقاء بين الأوهام والدم الذكرى والجحيم الجنون والحياة .. لم تكن الشخوص الستة على الخشبة إلا شخصية واحدة ، يعبرون عن أوجاع شخصية محورية هي "نون" وما تحمله هذه التسمية من إحالات ومرامي، لكن الذي بعث الرتابة والملل في القاعة هو هذا الثقل في التواصل ما بين العرض ككل والجمهور، فالسنوغرافيا التي صممها الفنان عبد الرحمان زعبوبي لم توظف جيدا بما يخدم روح النص الأدبي الذي لم يجد قراءة متينة وعميقة دراميا، فيما جاء أداء الممثلين ورغم إجتهادهم في عدد من اللوحات يسقط في الاسترسال النصي والخطابية بعيدا عن رؤية جمالية ركحية وعمق درامي يخلق ذلك التواصل المرغوب مع المتلقي ، أما اللوحات الراقصة التي أريد لها أن تكمل مرامي النص جاءت كمشاهد مكررة سبق لسليمان حابس أن قدمها في أكثر من عرض، أي غياب تجديد في التصميم الراقص الذي تحول الى ما يشبه المحاولة اليائسة لإنقاذ رتابة العرض الذي لم نلامس فيه رؤية إخراجية وإنما محاولة تموضع ركحي للممثلين خاصة أن المخرج عبار عزالدين قدم لنا العام الماضي عمل جميل معنون ب"فالصو". لا ندري ما ذا يمكن أن نقول على عرض"نون" الذي أنتظره الحاضرون بشغف خاصة وأنه جمع وجوه مهمة ككاتب النص ومخرجه ومصمم الرقصات ومصمم السنوغرافيا.. يبدو في الأخير، ان النص الذي كتبه أحميدة العياسشي يحمل الكثير مما كتبه ونشره في وقت سابق ، وان الكتابة على ما يبدو لم تكن مسرحية بالمعنى الأكاديمي للكلمة وإنما نص مركب ومحموم يحمل معاني عميقة لم يتمكن المخرج من صياغتها أو إقتراحها دراميا خاصة وأنه يملك طاقات رائعة وخاصة منهم الممثلين ومصمم السنوغرافيا...وحتى لا نحكم على العرض الذي ستفصل فيه لجنة تحكيم المهرجان يمكن أن نقول أن "نون" العرض مشروع عرض مسرحي لم يكتب ولم يخرج بعد.