وافق البرلمان الفرنسي أول أمس الثلاثاء على مبدأ تعويض ضحايا التجارب النووية من المدنيين والعسكريين في الجزائر وبولنيزيا خلال الفترة ما بين 1960 إلى 1996.وتعد هذه الخطوة انتصارا للضحايا بعد خمسين سنة من النكران وعدم اعتراف السلطات الفرنسية بالآثار الوخيمة التي خلفتها التجارب النووية، سيما في عمق الصحراء الجزائرية باستعمال الجزائريين في هذه التجارب الجهنمية.وتمت المصادقة على القانون من قبل الأغلبية اليمينية المعروفة بعدائها الشديد للعرب والمسلمين، لكن المفاجأة جاءت من الحزب الاشتراكي الذي امتنع عن التصويت في الغرفة السفلى وصوت ضده في الغرفة الثانية، وهو نفس الموقف الذي اتخذه الحزب الاشتراكي الفرنسي والخضر.وكشفت وزارة الدفاع الفرنسية أن حوالي 150 ألف مدني وعسكري خضعوا ل 210 تجربة خلال الفترة ما بين 1960 إلى 1996 في الصحراء الجزائرية وبولينيزيا، ما يعني أن سكان هذه المناطق معنية بالتعويض.ومن المنتظر أن يستفيد من التعويض المدنيون والعسكريون الذين تعرضوا للإشعاعات النووية وأصيبوا بأنواع من مرض السرطان، وقد حددت لهذا الغرض قائمة ب 18 مرضا، وهي قائمة مطابقة للقائمة المعتمدة من قبل خبراء هيئة الأممالمتحدة على حد قول السلطات الفرنسية.وسيتم تقدير قيمة التعويض من طرف لجنة التعويضات التي تعرض رأيها على وزارة الدفاع الفرنسية التي تملك سلطة القرار النهائي مع التعليل.ويبدو أن الجديد في القانون أن عبء الإثبات أصبح على عاتق وزارة الدفاع الفرنسية، عكس ما كان عليه من قبل، حيث كان يطلب من الضحية أن تثبت رابطة السببية بين المرض بالسرطان والتجارب النووية، وهو أمر تعجيزي، إن لم يكن مستحيلا بالنسبة للمرضى الذين يجدون صعوبات جمة في إثبات العلاقة بين معاناتهم وتجارب نووية عسكرية تعود إلى 50 سنة مضت.وقال وزير الدفاع الفرنسي هرفي موران إن مطلب تعويض الضحايا هو مطلب قديم يعود إلى عشرات السنين، لكنه لم يلق الصدى لدى اليساريين ولا اليمنيين، مشيرا إلى صرامة المعتمدة في آلية التعويض والتي وصفها بالموضوعية.وأوضح وزير الدفاع الفرنسي أن آلية التعويض عادلة كونها تأخذ بعين الاعتبار ضحايا التجارب النووية من المدنيين والعسكريين، وهي صارمة أيضا لأنها تقوم على قرينة قانونية تؤكد علاقة السببية بين المرض والتجارب، موضحا أن الملفات سوف تدرس حالة بحالة. غير أنه يعاب على نص القانون الجديد أنه لم ينشئ صندوق تعويضات مشابه لصندوق ضحايا مادة الاميانت، حيث تبقى تعويضات ذوي الحقوق جد محدودة. من جهته كشف نائب من حزب الحركة من أجل الشعب جورج كولومبيي أنه تم تخصيص 10 مليون أورو في إطار قانون المالية لسنة 2010 لفائدة ضحايا التجارب النووية.كما يؤاخذ على القانون كونه لا يجعل من التعويض حقا للضحية وإنما يخضعه للسلطة التقديرية لوزارة الدفاع التي تدرس الملفات حالة بحالة. ما يعني أن الدولة الفرنسية سوف تكون طرفا وخصما في نفس الوقت على حد تعبير أحد نواب الخضر.فيصل بخوش