بعد يوم واحد من إطلاق سراحه من قبل الجماعة الإرهابية بعد يوم واحد من إطلاق سراحه من قبل الجماعة الإرهابية التي اختطفته، التقت "النهار" الضحية المدعو إزرخس احسن البالغ من العمر 32 سنة، استقبلنا بمكتبه الكائن بوحدة صناعة البلاط "غرانيتا" الواقعة ببلدية "آيت تودرت" على بعد 40 كلم شرق عاصمة ولاية تيزي وزو. وبالرغم من انشغالاته الكثيرة والتعب، إلا أنه فتح قلبه ل "النهار" ساردا قصته بمعاقل الإرهابيين. تفاصيل الاختطاف كان يوم الثلاثاء 24 جوان، لما كان احسن عائدا من وحدته اتجاه منزله العائلي الكائن بقرية "إڤرعدلون" بمنطقة "إزروڤن" (بلدية آيت تودرت" على متن سيارته المخصصة للعمل، من نوع "فورد" رباعية الدفع، التي كان يقودها رفقة ستة من موظفيه، وعلى بعد 300 متر، قبل وصوله للبيت على الساعة منتصف الليل والربع، استوقفه حاجز مزيف دون متاريس نصبته جماعة إرهابية متكونة من ستة (06) عناصر، مدعمة بأسلحة من نوع كلاشينكوف، بوجوه مكشوفة، ثلاثة منهم يرتدون الزي العسكري والبقية يرتدون الزي الأفغاني من دون لحى، وتتراوح أعمارهم بين ثلاثين وأربعين سنة، بِشرتهم سمراء كانوا موزعين مثنى مثنى على الطريق من الجانبين، ووقف وسط الحاجز أحدهم يرتدي سروال عسكري، قميص رياضي وبيده كلاشينكوف، استوقف مباشرة السيارة، ودون أن يفتشوا الوثائق، ودون انزال المستهدف، قام الإرهابي بالحديث إليه باللغة العربية "الدارجة" العادية، مقدما أنفسهم بعد التحية "نحن مجاهدون ولدينا مهمة معك، وفور إنهائها سنطلق سرحك، ولن يمسك أي سوء". وعن ردة فعله قال حميد أثناء لمحه للحاجز ظن أنه تابع للجيش. وعن إحساسه وشعوره في تلك اللحظة الصعبة أجاب أنه كان بارد الأعصاب، إذ أجابهم أنه لا يخشى منهم كونهم بشر مثله، وبعدها تم إنزال الموظفين الستة، ثم قاموا بتعصيب عين الضحية بواسطة "شاش" ليركب الجميع، إثنان من الأمام يتوسطهم الضحية. فيما ركب إثنان بالصندوق الخلفي للسيارة المفتوح على الهواء الطلق. وكان الإرهابيون يتحدثون دون انقطاع، وقد طالبوني بأن لا أخشى منهم، لشغل الضحية تجنبا لأن يحدد الطريق الذي يسيرون فيه، وبعد حوالي ربع ساعة من السير توقفت المركبة التي عادت أدراجها، دون تحديد عددهم كون العصبة لم تفك بعد، وفور ذلك، باشر الخاطفون بإجراء مكالمة بواسطة الهاتف النقال للضحية مع شقيقه الأكبر المدعو "سعيد" قائلين له "نحن مجاهدين ونطالب بفدية مقابل تحرير أخيك، وإن أردت أن يكون ذلك فما عليكم إلا بدفعها في أقرب وقت ممكن"، ليكون رد السعيد الذي تفاجأ بالمبلغ الضخم (رفض تحديده)، مؤكدا أنه ليس باستطاعته الحصول عليه، حيث ألح على ضرورة التكلم مع "احسن" الذي أخبروه أنه عومل بكل لطف وهدوء. كما أبلغوه أن السيارة سيتم تركها بقرية "مشرك" والتي استعادها السعيد في اليوم الموالي. الطريق الى الكازمة وبعدما بدأت المغامرة التي دامت حوالي خمس ساعات سيرا على الأقدام، أمسك إثنان منهم بيد الضحية، وقالوا له إن أحسست بالتعب أطلب قسطا من الراحة، وواصلوا السير في تلك الأشواك، قبل أن يقوموا بسؤاله إن تناول العشاء فكان الرد بالسلب، ليقدموا له "كسرة" من صنعهم، مرفوقة بالبطاطا "فريت" وكذا البصل، داخل أوعية وساروا في طريق ذو منحدرات ومرتفعات شديدة، وقد قامت الجماعة والضحية بالاستراحة في الطريق ثلاث مرات وفور وصولهم إلى هدفهم، نزعوا العصبة من عيناي "احسن" ووجد نفسه داخل كازمة ترابية، مساحتها تقدر بحوالي 8 أمتار ولم يكن بداخلها سوى سرير قماشي، وغطاء، ولم تكن هناك وجوه جديدة، ومن شدة الإرهاق الذي نال منه، خلد إلى النوم بكل هدوء، وبعد أن استفاق وجد بجانبه إرهابيا نائما لم يتعرف على شكله كون الكازمة كانت شديدة الظلام، إذ بها مصباح من الحجم الصغير ينبعث منه نور طفيف للغاية، وفي الصبيحة استفاق ودخل أحدهم يرتدي الزي الأفغاني سائلا إيّاه إن نام بشكل جيد، مؤكدا له إن كان لم ينل بعد راحته فما عليه إلا النوم مجددا، مقدما له ماء داخل دلو لغسل وجهه، وخبز، مرفوق بالسردين المعلب، لكنه رفض تناوله، كونه لم يتعود على الأكل أثناء الفترة الصباحية، وبصعوبة كبيرة أقنعه الإرهابي بضرورة تناوله فكان له ذلك، وبداخل الكازمة كان الإرهابيون يتناوبون على الحديث مع ضيفهم، مقدمين له مواعظ دينية تعلم منها الكثير مثلا كقولهم أن الصور الفوتوغرافية حرام، وإن كانت لديه إطارات في بيته فليقم بتكسيرها، وكان محور الحديث بالأخص عن الشريعة الإسلامية وعن الجهاد الدولي في العراق، منوهين وشاكرين شيخهم أسامة بن لادن. كما حاولوا إقناع الضحية بأفكارهم وأعمالهم التي ربطوها بتطبيقهم للشريعة وعلى ماينص عليه العلماء من فتاوى دون تحديد أسمائهم.