مستشفى بن عكنون يخير مرضاه بين جلب «فراش خاص» أو أفرشة العصور الحجرية ! بدا أن تعليمات وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، عبد المالك بوضياف، القاضية بإلزام المستشفيات استعمال أغطية وأفرشة مرة واحدة «جوطابل» لتفادي انتشار الأوبئة والأمراض المعدية، قد بقيت حبرا على ورق، ولم تتعد جدران مبنى المدنية، بعدما ظلت جل المستشفيات تعتمد على نفس الأغطية والأفرشة القديمة، مما يؤكد أن تعليمات بوضياف لا تلزمه إلا هو، وأن الحالة المزرية للمرضى وجل المستشفيات لا تزال على حالها وكأن زيارات بوضياف الفجائية كانت مجرد «كاميرا خفية».وأظهرت الجولة الاستطلاعية التي قامت بها «النهار» ببعض المصالح الإستشفائية على مستوى العاصمة عدم تجاوب مسؤولي المراكز الصحية مع التعليمات التي قدمها المسؤول الأول عن القطاع والتي بلغت في مجملها 24 توصية خلال اجتماعه الاستثنائي مع مديري الصحة بالولايات لتقييم القطاع، إذ ورغم الأموال الضخمة التي تضخها الحكومة لا يزال الوضع يشكل عائقا حقيقيا لضمان صحة وسلامة المواطنين، وحتى أصحاب القرار في الجزائر وهو ما يفسره اعتراف الوزير الأول عبد المالك سلال «شخصيا» خلال آخر اجتماع له مع أعضاء الحكومة بسوء تسيير القطاع نظرا للتقارير «السوداء» التي تلقاها من قبل الوزير عبد المالك بوضياف.ورغم السياسة الجديدة التي حملها وزير الصحة والتي ركزت على إجراءات لمعاقبة المخالفين لأية تعليمة يتم استصدارها قد تصل إلى حد الفصل نهائيا من مزاولة مهامهم، إلا أن مسؤولي المستشفيات تجاهلوا بقصد أو بدون قصد تعليمات الوزير خاصة منها القاضية بارتداء الطاقم الطبي للهندام الكامل وإظهاره للبطاقة المهنية «إجباريا»، إلى جانب منع المرضى وأهاليهم من إدخال الأطعمة والمشروبات إلى المستشفيات، وكذا منع مرافقة الأقارب للمرضى داخل مصالح الاستعجالات، وإلزام المسيرين للمصالح الطبية باستعمال أغطية وأفرشة وألبسة «جوطابل» تُمنح لكلّ مريض يلتحق بالمستشفى، على خلفية الشكاوى التي يتقدم بها ذويهم لإدارة المستشفيات، بغرض تفادي انتشار الأمراض والعدوى. مستشفى بن عكنون يخير مرضاه... إما جلب أفرشتهم ... أو الغرق في «الوسخ» البداية كانت من مستشفى عبد القادر بوخروفة ببن عكنون، حيث تمكنت «النهار» من التسلل إلى القسم الخاص بالرجال رغم أن التوقيت لم يكن يسمح بالزيارة، حيث قمنا بجولة خفيفة بين الغرف كانت كافية للتأكد من أن التعليمات الأخيرة لوزير الصحة لا تطبق إلا خلال الزيارات الفجائية التي تقوم بها لجان التفتيش التي تم إيفادها للوقوف على وضعية تسيير المستشفيات، حيث أسر لنا أحد المرضى أنه متواجد بالمصلحة منذ أكثر من شهرين على خلفية تعرضه لحادث مرور خطير تسبب في بتر أحد أعضائه وكسور على مستوى الساقين والظهر، ويروي المريض أنه ومنذ دخوله للمستشفى لم يكلف القائمون على النظافة أنفسهم عناء تغيير الأغطية والأفرشة، حيث كان يكلف أفراد عائلته بتنظيفها وغسلها وتغييرها يوميا خاصة مع انتشار الطفيليات وعدوى الأمراض المختلفة والمتنقلة عن طريق اللمس أو استعمال هذا النوع من المستلزمات. مرضى بدون أفرشة.. وأطباء بلا بطاقات مهنية بمستشفى بني مسوس نفس المظاهر وقفنا عليها عند زيارتنا لمستشفى أسعد حساني الجامعي ببني مسوس، حيث أن وضعية المستشفى لا زالت على حالها ورغم أن وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات قد أبرق بتعليماته إلى المسؤولين على المؤسسة الإستشفاية منذ أكثر من شهر انطلاقا من مصلحة الولادة ليشمل بعدها جميع المصالح الإستشفائية، إلا أن قرار استعمال الأغطية والألبسة ذات الاستعمال الواحد لم تطبق ببني مسوس، ناهيك عن تجاهل الممرضين والأطباء وكل عمال القطاع على حد سواء لإجبارية ارتداء لباس مُوحّد لدى مُزاولتهم العمل، وإلزامهم بإظهار البطاقات المهنية الخاصة بهم، حيث سبق للمسؤول الأوّل عن القِطاع أن أعلن عن تطبيق هذه الإجراءات الجديدة لتفادي انتشار العدوى والأمراض بين المرضى وزُوّار المستشفيات بعد الشكاوى المتكررة للمواطنين الذين يُمنحون ملابس متسخة، حيث كان هذا الإجراء واحدا من بين 24 محطة تناولها الوزير لدى لقائه بمديري الصحة. إدارة مستشفى محمد لمين دباغين بباب الوادي لم تعلم طاقمها الطبي بإلزامية «ملابس جوطابل» ولعل الوضعية تتجه نحو «الأسوأ» بمستشفى محمد لمين دباغين بباب الوادي، حيث أسرت مصادر موثوقة من إدارة المستشفى ل«النهار» أن مدير المؤسسة الإستشفائية قد عقد اجتماعا بمسؤوليه وقام بإطلاعهم على بعض الإجراءات الجديدة بعد التعليمات التي وجهتها وزارة الصحة لمديريها الولائيين، لكنه لم يقم بالإشارة إلى التعليمة المتعلقة بإجبارية ارتداء واستعمال أغطية وأفرشة وألبسة «جوطابل» تُمنح لكلّ مريض يلتحق بالمستشفى، واقتصرت تعليمات مدير المؤسسة الإستشفائية على منع إدخال الأطعمة والمشروبات إلى جانب الأغطية والاكتفاء بجلب لباس النوم بالنسبة للمرضى.