ويلجأ ادوارد سعيد في تبرير موقفه في مؤلفه "الاستشراق" من خلال الاستشهاد بالعديد من الكتّاب مثل "رينان"، "لورد بلفور"، "برنارد لويس"، وحتى لدى كارل ماركس المتعاطف مع المستضعفين والمظلومين، تحت نير الاستعمار القديم، الذي ورغم ذلك لم يتمكن من التخلص من هيمنة الاستشراق وسلطته - حسب إدوارد سعيد- حين يسوغ تدمير بريطانيا للهند بهدف خلق ثورة اجتماعية اقتصادية حقيقية فيها وهو الأمر الذي أدى إلى سوء فهم بين عدد من الماركسيين مع إدوارد سعيد.والملاحظ أن الكاتب حاول جمع مختلف التيارات الأدبية والتاريخية التي تناولت موضوع الشرق العربي والتطرق إليها، في محاولة جادة لكشف نقاط الخلل، في تلك المواقف الاستشراقية التي تركز على حرية الخيال الأوروبي، والذي أدى في النهاية إلى سوء فهم العمليات التاريخية للمشرق العربي، وصياغة العلاقة بينهما في ثنائية متناقضة من اللاعقلانية والبدائية واللاأخلاقية التي يوصف بها الشرق مقابل العقلانية والتقدم والفضيلة الغربية.ويري سعيد الذي كرس العديد من كتاباته حول الشرق الأوسط أن الاستشراق الحديث بدأ في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر، حيث شهدت هذه المرحلة تزايد عدد الأستاذية للدراسات الشرقية وتأسيس جمعيات علمية مختلفة في أوروبا تهتم بدراسة خصوصيات الشرق. ومع حلول عام 1850 أصبح لكل جامعة رئيسية في أوروبا منهج متكامل في أحد فروع الدراسات الشرقية، وصار معنى أن يكون المرء مستشرقا هو أن يحصل على تدريب جامعي في الدراسات الشرقية.ومع احتلال نابليون مصر عام 1798، تحوّل الاستشراق من استشراق تخيلي إلى استشراق مقيم، تستمد نصوصُه قوتَها وتأثيرها من خلال إقامة المستشرق في الشرق واتصاله به وسيطرته عليه/.وردة بوجملين