صبغات الشعر الفاسدة للكلاب من نوع «كانيش» وليس للزبائن الشفرات و«مبارد» ملطخة بالدم ملقاة بالمرحاض.. ومناشف مشبّعة بالقمل تتسابق في تزيين واجهاتها فتحس وكأنك أمام مدخل فنادق خمسة نجوم .. لكنها تستعمل مستحضرات على شكل خلطات تستعمل في الشعوذة والسحر مستوردة من تونس.. وتستغل العجينة المزيلة للشعر أكثر من مرة على أجساد الزبونات.. ومواد منتهية الصلاحية تسبب الصلع وحروقا على البشرة.. هي جملة من الألغاز التي يصعب حلها، غير أننا أمام صالونات للتجميل والحلاقة لا تقل ضريبة الداخل إليها عن 1000 دينار بالنسبة للتصفيفة العادية، فيما تصل تسريحة العروس إلى مليوني سنتينم .إن واجهات صالونات الحلاقة المزينة بصور المشاهير، ما هي إلا قصاصة طبعت من الأنترنيت، غير أن ما خفي أعظم، لتنطبق عليها مقولة «يا المشبح من برّا واش حالك من داخل»، إذ وحسب الجولة الاستطلاعية التي قادت «النهار» إلى هذه الصالونات، وقفت خلالها على كوارث فضلا عن شهادات لأعوان الرقابة والتفتيش، فإن العديد من الزبائن سقطوا ضحايا يد «البزناسية»، فمن حرق الشعر والوجه إلى إصابتهم بأمراض معدية خطيرة، بسبب خروقات أخرى يمارسها بزناسية «المقص والسيشوار».هو ما وقفنا عليه رفقة أعوان الرقابة والتفتيش بالعاصمة، فالبداية كانت بقاعة حلاقة نسائية، الساعة كانت تشير إلى الحادية عشرة صباحا والحرارة شديدة ولدى دخولنا قاعة الحلاقة، انبهرنا بالواجهة الجميلة والديكور المرتب والألوان المتناسقة والأرائك الفاخرة ومكيف الهواء، وهو ما يبعث بالراحة والطمأنينة للزبون، لكن سرعان ما تلاشت الصورة، بعد اكتشافنا جملة من التجاوزات والخروقات. الشعوذة والسحر في مستحضرات التجميل طلبت المراقبة، عطوي إسمهان، أول ما دخلت إلى المحل من صاحبة محل الحلاقة أن تقدم لها السجل التجاري للتأكد من الإجراء القانوني للمحل، وإلى هنا كل شيء على ما يرام، لتقترب المراقبة من مستحضر الطبيعي لإزالة الشعر وهو على شكل عجينة، لتثور مرافقتنا على صاحبة المحل، موجهة ملاحظتها هل تستعملين مزيل الشعر على جسد الزبونات أكثر من مرة؟ لتجيبها أنها استعملتها مرة واحدة على وجه إحدى السيدات، إلا أن الحلاقة لم تدرك المخالفة التي وجهت إليها، فهي متعودة على ذلك والأمر بالنسبة لها طبيعي، لتوجه إليها ملاحظة أخرى عن مكونات الخلطة الطبيعية لإزالة الشعر ووضعها في علبة صدئة، لتجيبها أنها تقوم باستيراد عشبة تونسية تدعى «أُم الناس»، بعدها تقوم بإذابتها مع زيت الزيتون وأنه في حالة استعمال إناء آخر، فاحتمال كبير أن يلتهب الخليط، ولهذا تستعمل علبة حلوة تركية لإذابة الخليط. وما لفت انتباهنا، هو الانقطاع المتكرر للمياه، لكن هذا لم يمنعها من مزاولة مهنتها، وهو ما وقفنا عليه رفقة أعوان التفتيش، فالوسخ والعفن يملأ الحوض المائي المخصص لغسل الشعر، ومناشف متسخة تستعمل أكثر من مرة على رأس أكثر من زبونة وروائح كريهة تنبعث من الدرج المخصص لوضع الصبغات، لنكتشف أنها فاسدة وانتهت مدة صلاحيتها، وكذا استخدامها لقارورة البوتان مع غياب قارورة المطافئ كإجراء وقائي، زيادة على الأرضية المتسخة. «ممنوع تخلطي بلسم الشعر مع الماء»، هو ما وجهته المراقبة بوشدوب إلهام، لإحدى الحلاقات التي ظهرت عليها ملامح الاستياء، حتى أنها لم تتدارك المخالفة واعترفت أنها تتعمد خلط الشامبو بالماء، معللة ذلك بأن الشامبو يحتوي على تركيز عال، وما هي إلى إحدى حيلها للاحتفاظ بأكبر كمية، حيث أمرت مرافقتنا أن تقوم بخلط الغسول، بموافقة الزبونة وعدم وضعه في قارورة تحمل «ماركة» مغايرة. «التقشف» في خلط صبغات الشعر حيلة ذكية «للحفّافات» وجهة أخرى إلى أحد معاهد التجميل الفاخرة في الأبيار، فالواجهة والديكور يبعثان في نفس الزبونات الراحة والطمأنينة، لضمان احتراف الحلاقات من أجل الحصول على تسريحة جميلة وطلّة مميزة من أجل التباهي ب«اللوك» الجديد، غير أنه وأثناء تواجدنا بالمحل لم نسجل أي مخالفة تتعلق بالنظافة، غير أننا توقفنا عند ظاهرة «التقشف» في خلط صبغات الشعر وإضافة مواد مؤكسدة، وهي حيلة ابتكرتها «الحفافات» للاحتفاظ بأكبر كمية من المستحضر، وتقسيمه على ثلاث عمليات لصبغ الشعر، وهو ما تقوم به الحلاقة «نريمان»، حيث تحتفظ بكمية الصبغة الأصلية لاستعمالها مرة ثانية على شعر إحدى الزبونات، إلا أنها لا تدرك خطورة إعادة استعمالها بعد الفتح؛ لأن المستحضر يفقد مفعوله، وقد يسبّب مضعفات صحية على الشعر يصل إلى درجة الحرق، خصوصا إذا ما انتهت مدة صلاحيته أو عدم إغلاق المستحضر، على حد تأكيد عون الرقابة، بالإضافة إلى حيلة أخرى وقفنا عليها بداخل المحل، حيث تقوم الحلاقة بوضع المستحضرات المقلدة في علب تحمل اسم ماركات عالمية، لخداع الزبونات وبأثمان باهظة، حيث وجهت عون الرقابة والتفتيش ملاحظة لصاحبة المحل، بضرورة الإشهار بلائحة الأسعار وأن تحدد السعر على حسب طول الشعر، ولأن معظمهن لا يقمن بذلك. صبغات الشعر الفاسدة ل«كلب من نوع كانيش» وليس للزبائن تؤكد المراقبة في قمع الغش أنه كثيرا ما تصادفهم حوادث طريفة أثناء حملة التفتيش، فالتنصل من التجاوزات بالنسبة لأصحاب محلات الحلاقة هوايتهم المفضلة، وآخرها كانت بأحد معاهد التجميل بأول ماي، عندما اكتشفت المراقبة صبغات الشعر منتهية الصلاحية، إلا أن صاحبة المحل حاولت أن توهم فرقة المراقبة بأن الصبغة هي لكلبها من نوع «كانيش»، حيث تقوم بصبغ شعره بمواد الصبغة التي تتبقى من المحل. وأثناء قيامنا بجولات تفتيشية لأزيد من سبعة محلات للحلاقة والتجميل النسائية، تبين أن معظمها تنعدم فيها علبة الإسعافات الأولية، وقارورة المطافئ والتي إن وجدت فهي منتهية الصلاحية، بالإضافة إلى أن مواد التجميل لا تحمل الاسم وتاريخ انتهاء الصلاحية، وإلى غياب النظافة وترك مخلفات الشعر على الأرض وعدم غسل المناشف واستخدامها لأكثر من مرة، وعلى هذا وجهت فرقة التفتيش استدعاء لحضور المخالفين إلى مصلحة حماية المتسهلك وقمع الغش لاتخاد الإجراءات ضدهم. الشفرات ومبارد ملطخة بالدم ملقاة بالمرحاض.. ومناشف مشبّعة بالقمل هذه المرة غيرنا الوجهة، ووقفنا على محل حلاقة رجالي بشارع ديدوش مراد، ولأنه لا يمكننا الدخول والكشف عن هويتنا، كان برفقتنا أحد أعوان الرقابة، الذي كان في مهمة أخرى لمراقبة محلات الأكل السريع، إلا أنه وافق على مساعدتنا في الوقوف على التجاوزات التي يرتكبها أصحاب محلات الحلاقة.وأثناء تواجدنا خارج المحل، لفت انتباهنا الواجهة الفاخرة والمزينة بصور التسريحات الرجالية، وكذا للعطور وأحدث لوازم الحلاقة، ولربما هي ورقة رابحة لاستقطاب الزبائن، لكن هيهات ما يخفيه جمال المحل، حيث صدمنا في حقيقة الأمر لما أخبرنا مرافقنا أن صاحب المحل لا يملك أدوات التعقيم، وأنه يكتفي بغطسها في ماء جافيل لتطهير شفرات الحلاقة، والأكثر من ذلك أن هذه الشفرات وإبر ومبارد كانت ملطخة بالدم، والظاهر أنها لم تطهر من مدة، كانت ملقاة بالمرحاض والمخصص أيضا لغسل معدات الحلاقة، ولا مجال للشك في سلامة اللوازم، واحتمال الإصابة بالأمراض المعدية والمتنقلة. مخالفة أخرى سجلناها بذات المحل، حيث تبين أن الحلاق لا يقوم بغسل المناشف ويقوم باستعمالها أكثر من مرة، لدرجة أنه تغير لون المناشف إلى الأسود والبني وتشكلت طبقة صلبة من الأوساخ، وحينما واجه المراقب الحلاق بشأنها ادعى أنه كان سيقوم برميها، إلا أن المناشف استعملت في ذات اليوم وكانت مبللة، وسرد لنا عون الرقابة والتفتيش أنه سبق وأن اُصيب الزبائن بعدوى القمل، وذلك بسبب الأوساخ والميكروبات التي تتنقل عبر المناشف. الكيراتين وتنميص الحواجب للرجال بدل النساء انتقلنا إلى محل حلاقة لكن من نوع آخر ويختلف كثيرا عن باقي الصالونات، فهو مختلط «نسائي ورجالي»، وتغلب عليه عقلية «سي كول»، ولأن مرتادي محل الحلاقة والتجميل هم أصحاب «الشكارة» وأبناء رجال الأعمال، لم نرد أن نسلط الضوء على المخالفات، فالمحل فاخر ويقدم خدمات عالية الجودة، فهو يملك ماركات عالمية لمواد التجميل وأدوات الحلاقة، وأثناء تفحصنا بالمكان التقينا بشاب في العشرينيات وكانت المفاجأة. «كريمة» رجل وليس امرأة، ينمص حاجبيه ويقوم بتعديل أظافره، مشيته المتبخترة تبعث على السخرية والاستغراب من قبل الزبائن، التقينا به في قاعة التجميل، فهو يحرص على تنقية الوجه مرة في الأسبوع لإزالة النقاط السوداء. حاولنا التقرب إليه، والتحدث إليه ومعرفة سر اهتماهه بمظهره، ليرد علينا بنبرة استغراب: «الله جميل ويحب الجمال، وما العيب في ذلك؟»، ليقاطعنا صاحب المحل ساخرا: «واش غرتو منو»، في حين أكد صاحب المحل أن الفئة الرجالية من الشباب يتوافدون بكثرة على صبغة الشعر ووضع «الكيراتين» لتلميع الشعر، وتنميص الحواجب وكذا تعديل الأظافر.
موضوع : يا المشبّح من برّا واش حالك من داخل حال بزناسية المقص والسيشوار 0 من 5.00 | 0 تقييم من المستخدمين و 0 من أراء الزوار 0