ناقشت محكمة جنايات البليدة، ملف مفجر نواة «الجيا» الإرهابي الكفيف «ق.حسين» المكنى «مصعب الكفيف» والضالع برفقة الإرهابي «ع.محمد» المدعو «البراء»، لانتمائهم خلال التسعينات إلى جماعة إرهابية مسلحة تحت إمرة «رشيد أوكالي» المكنى «الرشيد أبو تراب» خليفة عنتر زوابري الأمير الوطني السابق للجماعة الإسلامية المسلحة، والتي قامت بعمليات قتل وكذا القيام بتفجيرات في أماكن عمومية خلّفت العديد من القتلى والجرحى، من بين ذلك مجزرة بن طلحة والرايس في العاصمة، وهو الملف الذي فتح عدة أسرار خاصة بأخطر تنظيم منشق عن الجماعة السلفية للدعوة والقتال آنذاك، والمسمى بتنظيم «الجيا» الذي شهد عدة انشقاقات ارتكبت خلالها عدة مجازر وعمليات اختطاف واغتصاب وقتل جماعي حتى للإرهابيين المنشقين عنه، لتكون نهاية التنظيم على يد إرهابي أعمى أراد التنظيم أن يتخلص منه لأنه أصبح عاهة عليه، فتخلص هو من التنظيم بطريقته الخاصة. تعود وقائع القضية إلى سنة 1997، حينما كلف المتهم «ق.حسين» البالغ من العمر 36 سنة، الذي التحق بالإرهاب سنة 1994 وقام بعدة عمليات إرهابية على ثكنة بوزرة ومفرزة للحرس البلدي بأولاد إبراهيم في المدية وزرع الألغام في سيدي موسى من طرف الجماعة الإرهابية الناشطة آنذاك بالجزائر العاصمة، بوضع قنبلة يدوية برفقة إرهابيين آخرين في محطة القطار بجسر قسنطينة، غير أن القنبلة انفجرت عليه سنة 1997 بحي براقي في العاصمة مسببة له قصورا حادا في النظر، وبالرغم من ذلك، واصل نشاطه بالمجموعة الإرهابية التي تكفلت بإجراء عملية جراحية له بإحدى العيادات الخاصة في حي سعيد حمدين بالعاصمة كانت غير ناجحة، ورغم هذا بقي يعمل كعنصر إسناد ودعم لهذه الجماعة بمد رفاقه بالمئونة والترصد لقوات الأمن لقتل رجالها، إضافة إلى نقل عناصر المجموعة إلى أماكن تنفيذ الاعتداءات بالتفجير والسلاح الناري، ومن بين الأماكن التي عرفت عمليات إرهابية في العاصمة من قبل هذه المجموعة، استهداف مدنيين ورجال أمن ببوسماعيل وزرالدة ودالي ابراهيم، وكذا تفجير قنابل في أسواق الأربعاء والكاليتوس واغتيال موظفين بمؤسسة جيزي في العاشور، وغم إعاقته واصل «الأعمى» نشاطه ضمن الجماعة الإرهابية، إلا أن علاقته بالمجموعة ساءت وطلب أمير الجماعة الإرهابية آنذاك الإرهابي «رشيد أبو تراب» من المتهم «ق.حسين» القيام بعملية انتحارية وتفجير نفسه بمكان عمومي بحزام ناسف، حينها شعر أن قيادة التنظيم الإرهابي تحاول التخلص منه بدفعه لتفجير نفسه في مكان عمومي بالعاصمة، أين التقى بشخص بالبليدة في 2002 وأطلعه أن الأمير الوطني يريد منه تفجير نفسه أو مغادرة العاصمة والعودة إلى الجبل، فطلب «ق.حسين» مهلة للتفكير وهي بمثابة حيلة وذريعة لتسليم نفسه لمصالح الأمن بجسر قسنطينة، واطلاعهم عن مكان تواجد أفراد الجماعة التي كان ينشط بها ومدهم بمعلومات هامة لفرع مكافحة الإرهاب حول مكان اختباء عناصر «سرية الساحل»، وهي أهم فيصل «الجيا» بمنطقة السحاولة، وبحوزتهم أسلحة حربية، والتبليغ عن مخابئ الإرهابيين، مما مكنهم من توقيف عدد منهم واسترجاع ذخيرة وأسلحة نارية، ويعتبر هؤلاء المتهمين من أواخر النشطاء في التنظيم المسلح الجيا. أما المتهم «عوار محمد» هو الآخر التحق سنة 1997 ب«الجيا»، كانت له يد في اغتيال العديد من المواطنين بالبليدة والاختطاف والاغتصاب وقتل موظفين بشركة «جازي» في العاشور. هذه باختصار بعض المجازر التي أشرف عليها هؤلاء خلال العشرية السوداء، وبالرغم من أن كل المتهمين حاولوا مراوغة المحكمة والإنكار بعدم مشاركتهم في مجزرة بن طلحة والرايس التي راح ضحيتها ما يفوق 400 شخص، إلا أن النيابة العامة وفي جلسة المحاكمة، أحصت عدد الأشخاص الذين راحوا ضحية هؤلاء الإرهابيين في تفجيرات استهدفت بن عكنون والأبيار وتافورة، بالإضافة إلى عدد معتبر من الجرحى وضحايا الاغتصاب، معلقا بأن همجية هؤلاء لا تحصى ولا توصف للاعتداءات الوحشية والمجازر التي ارتكبوها منذ 1994 إلى 2002، من بينها مجزرة بن طلحة والرايس التي هي محل قضية المحاكمة، وهي الحقيقة التي أشعلت غيظ الإرهابي «ع.محمد» الذي تشابك بالكلام مع النائب العام قائلا «لا يهمني إن منحتني البراءة في هذا الملف فأنا لدي ما يفوق 4 قضايا محكوم عليا بالإعدام والمؤبد»، مضيفا: «أنتم من أوصلنا إلى هذا.. أين هي الديمقراطية؟ لماذا عندما أخذها «الفيس» المنحل في التسعينات لم تتركوا عباس مدني يأخذ السلطة؟»، وهنا تدخل القاضي لإسكاته داخل القاعة، إلا أنه رفض وبقي يردد بعض العبارات ضد الدولة، مما جعل قاضي الجلسة يأمر عناصر الشرطة بإخراجه من القاعة ومواصلة مجريات المحاكمة في غيابه، وأثناء النطق بالحكم بعد ترك دفاع المتهمين للمرافعة، رفض حضور الجلسة لسماع الحكم، ليتم النطق بعقوبة الإعدام لمفجر نواة الجيا الكفيف «ق.حسين» و«ع.محمد». تجدر الإشارة إلى أنه صدرت في حقهم أحكام سنة 2007 ما بين المؤبد والإعدام.