من أصعب ما يواجه الإنسان في الدنيا الظلم، خاصة إذا كان من طرف المقربين، وذلك ما حدث معي يا سيدتي، لأني أصبحت ضحية إبني البكر الذي اتهمني بالفجور ونعتني بأبشع النعوت وتسبب في حرماني من أهلي الذين أقسموا بأغلظ الإيمان ألا تربطهم الصلة بي، حتى يرث الله الأرض ومن عليها. فبعدما كنت مثلا للعفة والطهارة سنوات طوال، عرفت كيف أصون نفسي وأحميها من طمع الذئاب البشرية إثر وفاة زوجي، وبعدما فضلت الترمل لأجل أبنائي، حتى لا أجلب لهم زوج أم ينغص حياتهم، وبعد التضحية بشبابي وأزهى أيام العمر خدمة لهم، خاصة كبيرهم الذي بت ليال طوال أتلوى جوعا من أجله، بعدما كنت أحرم نفسي اللقمة لكي أوفر له ثمن الكتب الجامعية، والملبس الذي يليق به، وكنت بلا هوادة "أعجن المحاجب والمطلوع لأوفر له ما يحتاج من مال اليوم، بعدما اشتد ساعده وأنهى دراسته الجامعية اليوم، بعدما أبعدته الحاجة عني، لأنه موظف في أول الطريق تنكر لي وطعنني بتهمة العلاقة المشبوهة مع صديق والده الذي كان مثل الأخ فساندني وساعدني كثيرا والله يعلم أن علاقتي به طاهرة، لأنه إنسان متخلق وفي بالعهد الذي أخذه على نفسه عندما كان زوجي على فراشي، والده يعيش المشاكل مع زوجته، التي طلبت منه الانفصال، بسبب ما أشيع لها من أخبار فأصبح هذا الأخير في عش أجواءه مضطربة، وما زاد الطين بلة أن زوجته جاءتني ساخطة ناقمة، لكي تنال مني بالسب والشتم على مرأى ومسمع الجيران، فأصبحت حديث الصغير قبل الكبير. الموت يا سيدتي أهون بكثير مما حدث لي، خاصة عندما تسرب الخبر إلى أهلي، فكان ذلك الموقف العدائي من طرفهم، كيف أتصرف لتعود المياه إلى مجاريها والأمور إلى سابق عهدها. الرد سيدتي الفاضلة، ثمة أشياء مبهمة، لم تتفضل بشرحها، منها الدوافع التي جعلت إبنك يتهمك مثل هذه التهم، ومن أي له بهذه الفكرة، ولماذا اختار هذا الوقت بالذات، لكي يشيع عنك هذه التهمة، وقد ذكرت عمدا العلاقة الطويلة التي ربطتك، بصديق زوجك. سؤال آخر يطرح نفسه بحدة، ما الذي يجعل أهلك يصدقون هذا الادعاء، وهم يدركون أنك مثل العفة والطهارة، أم أن ابنك استعمل طريقة فعالة لكي يقلب عليك الدنيا بمن فيها، بدء بالعائلة الجيران، الأقارب، وفي النهاية زوجة ذلك الرجل. فما دمت بريئة، عليك بالدفاع على نفسك بكل ما أوتيت من قوة، لاثبات العكس، لأن الصمت في مثل هذه الأمور، يحسب على صاحبه بالسلب وليس بالإيجاب، أجيبي عن أسئلتي السابقة ليتسنى لك الفوز في هذه المعركة، كوني صادقة مع نفسك، وإياك الفشل والتردد. نور