هكذا حاولت شركة كندية تمويل المنتخب الوطني للجيدو بأموال الصهاينة

ولد علي ل«النهار»: «رفضنا إبرام العقد مع زيكوتاك واتحادية الجيدو لم توقّع على أية وثيقة»
اهتزت الاتحادية الجزائرية للجيدو، مؤخرا، على فضيحة من العيار الثقيل، تتعلق بمحاولة تمويليها بأموال الكيان الصهيوني، عن طريق إبرام عقد تمويلي مع شركة كندية تحمل اسم «زيكوتاك فوتونيكس»، والتي تعمل في مجال تكنولوجيات الضوئيات والتصوير، قبل أن تتراجع في آخر لحظة، بعدما تسربت معلومات من داخل محيط الاتحادية، مفادها أن الشركة تتعامل مع الكيان الصهيوني ودخلت السوق الصهيونية ومنحتها الحصرية السنة الفارطة، بعقد شراكة مع أحد كبار شركات التوزيع الصهيونية المسماة «RAM TECH»، لتصبح وكيلا معتمدا لها في الكيان الصهيوني لتوزيع منتجاتها، مما جعل رئيس الاتحادية، رشيد لعراس، يبلغ مدير شركة «زيكوتاك» ومؤسسها، رجل الأعمال المسمى عبد المنعم فوزي زروق، والذي قدم نفسه على أنه جزائري مقيم في كندا، بإلغاء كل الأمور المتفق عليها بين الطرفين مبدئيا خلال جلسة المفاوضات، وذلك بطلب من وزارة الشباب والرياضة التي تم إعلامها بالقضية وفتحت تحقيقا فيها، خصوصا وأن المنتخب الوطني للأكابر سبق له وأن شارك في منافسات رسمية ببدلات رياضية تحمل شعار الشركة في وقت سابق.
التحقيق انطلق بعد وصول معلومات مؤخرا عن تراجع رئيس الاتحادية للجيدو، رشيد لعراس، عن توقيع عقد تمويل مع شركة «زيكوتاك فونيكس»، ترعى بموجبه الاتحادية وتمولها بالألبسة، مع منحها قيمة مالية معتبرة كل موسم، وذلك في ظروف غامضة وبحجج واهية خاصة وأن الدفعات الأولى من الألبسة التي وعد بها المسمى «زروق فوزي» الاتحادية خلال المفاوضات، تم استلامها على مستوى مبنى الاتحادية الكائن بالسبالة في العاشور، قبل أن يتم التخلص منها وإرجاعها لصحابها الذي استفسر عن سر ذلك، ليتم إعلامه بالتراجع عن فكرة توقيع العقد وإلغاء كل الاتفاقيات المبدئية بعد اكتشاف دخول «زيكوتاك» سوق الكيان الصهيوني، وذلك بناء على تعليمات مسؤولي وزارة الشباب والرياضة الذين تم إطلاعهم على القضية وأمروا برفض التعامل مع الشركة الكندية ومديرها.
الشركة الكندية عرضت مبالغ مالية ضخمة وبدلات رياضية على الاتحادية
عرض مدير شركة زيكوتاك، فوزي زروق، على الاتحادية الجزائرية للجيدو، قبل حوالي أسبوعين، عقد تمويل يقضي بموجبه توفير ملابس رياضية للمنتخبات الوطنية ومنح قيمة مالية معتبرة قالت مصادر «النهار» إنها في حدود ضعف ما تتلقاه الاتحادية من وزارة الشباب والرياضة في إطار دعم الدولة للاتحاديات، حسبما قاله مدير الشركة الكندية لرئيس الاتحادية لعراس خلال جلسة المفاوضات التي جرت بين الطرفين، وحضرها مدربا المنتخب الوطني السابقان عمار بن يخلف وعزون حسان، إضافة إلى مصارع منتخب الجيدو السابق، المغترب عبادلة سفيان، الذي كان همزة وصل بين مسؤولي الاتحادية ومدير شركة «زيكوتاك»، بحكم علاقة الصداقة التي تربط الطرفين منذ فترة، وهو الأمر الذي جعل رئيس الاتحادية يقبل مبدئيا بفكرة التمويل التي تأجلت بقية الإجراءات الإدارية الخاصة بها والتوقيع على العقد لوقت لاحق، في حين تم الإسراع في تقديم البدلات الرياضية التي تحمل شعار الشركة للاتحادية، ليتمكن المنتخب الوطني للأكابر من المشاركة بها في البطولة الإفريقية للجيدو التي انطلقت وقائعها يوم 14 أفريل وتنتهي اليوم بمدغشقر، وهو ما تحقق في وقت قصير، ليتم استلام الدفعات الأولى من الملابس على مستوى مبنى الاتحادية من دون توقيع أي عقد رسمي بين الطرفين وتمّ الإكتفاء باتفاق مبدئي فقط، الأمر الذي تفطن له أعضاء المكتب الفيدرالي للاتحادية الذين طالبوا بدورهم بعقد اجتماع مع الرئيس لعراس للحديث بخصوص قضية التمويل، والسر الذي يقف وراء عدم إخبارهم بالأمر فضلا عن عدم توقيع أي عقد رسمي بين الاتحادية والشركة الممولة، مما أثار شبهة أكبر حول القضية التي أخذت أبعادا خطيرة بعد ذلك.
أرادت إيهام الاتحادية أنها تبرعات من باب المجاملة
تفطن أعضاء المكتب التنفيذي لاتحادية الجيدو للقضية جعل التساؤلات تكثر عن السر وراء توفير كمية من الألبسة الرياضية الخاصة بالجيدو، تحمل شعار شركة «زيكوتاك» في وقت قصير من طرف مدير الشركة الكندية، وعدم إبرامه أي عقد رسمي، ليتلقوا جوابا واحدا مفاده أن الدفعات الأولى للألبسة تم التبرع بها من طرف مدير «زيكوتاك» من باب المجاملة فقط، مثلما تم إيهام مسؤولي الاتحادية من طرف هذا الأخير، مما دفع رئيس الاتحادية، رشيد لعراس، للإسراع في التخلص من جميع البدلات الرياضية التي تحصلت عليها الاتحادية، وهو ما فتح باب التأويلات أكثر حول الصفقة الغامضة التي تم إبرمها شفهيا فقط، وحقيقة شركة «زيكوتاك» وكيفية وصولها إلى الجزائر، وهوية مديرها زروق الذي تبين أنه مثّل ألوان منتخب بريطانيا للجيدو خلال مونديال الكهول سنة 2013 بأبو ظبي، لتتضح أكثر العلاقة الوطيدة بين شركة زيكوتاك والكيان الصهيوني من خلال تعاملاتها التجارية التي بدأت السنة الفارطة.
الوزارة أمرت بوقف التعامل معها ومديرها أراد لقاء ولد علي
سارع رئيس الاتحادية رشيد لعراس لإبلاغ وزارة الشباب والرياضة، بكل التفاصيل والوقائع، قبل أن يضع ملف القضية على مكتب الوزير الهادي ولد علي، الذي أمر بدوره بفتح تحقيق، حسبما كشفته مصادر موثوقة ل«النهار»، والتي أكدت أن الوزارة الوصية طلبت من اتحادية الجيدو عدم التعامل مع شركة «زيكوتاك»، وهو ما استغربه مدير الشركة، الذي طلب توضيحات لكنه لم يجد جوابا سوى أن الوزارة أمرت بعدم إبرام الصفقة، مما دفع به إلى التنقل رفقة مدربي المنتخب الوطني للجيدو، عمار بن يخلف وعزون حسان، إلى مقر الوزارة لطلب استفسارات.
المنتخب الوطني شارك في بطولة إفريقيا 2013 ومونديال الكهول 2016 بشعارها
يعود تعامل الاتحادية مع الشركة الكندية إلى سنة 2013، أين شارك وفد المنتخب الوطني للأكابر في دورة الجائزة الكبرى بأبو ظبي ببدلات رياضية تحمل شعر «زيكوتاك»، مثلما تظهره الصور التي تحصلت عليها «النهار» وتم نشرها من طرف بعض المصارعين في مواقع التواصل الاجتماعي، ونفس الشيء حدث في مونديال الكهول الذي جرى السنة الفارطة بالولايات المتحدة الأمريكية وشاركت فيه الجزائر بسبعة مصارعين، تم التكفل بهم ماديا من طرف مدير «زيكوتاك»، وهو الأمر الذي حدث أيضا من دون توقيع أي عقد رسمي بين الاتحادية ومدير الشركة الكندية، التي كانت توهم مسؤولي الجيدو الجزائري آنذاك بأنها تقدم بدلات رياضية مطبوعا عليها شعارها كتبرعات منها فقط وأنها تقوم بعمل الجمعيات الخيرية.
هكذا تعرّف مدير الشركة الكندية على مصارعي المنتخب الوطني
واصلت»النهار» تحقيقاتها أكثر في القضية، لمعرفة كيفية وصول مدير شركة «زيكوتاك» للجزائر والتعرف على مسؤولي الاتحادية الجزائرية وبعض المصارعين الدوليين السابقين، ليتبين حسب مصادر مطلعة، أن اللقاء الأول بين عبد المنعم زروق والمصارع الجزائري عبادلة سفيان، ومدرب المنتخب الوطني للجيدو السابقين، بن يخلف وعزون، كان خلال بطولة الجائزة الكبرى التي جرت وقائعها سنة 2013 بأبوظبي، أين كان الثنائي يشرف على تدريب منتخب الوطني ذكور وإناث على التوالي، وذلك تزامنا مع مونديال الكهول في نفس المكان الذي مثل فيه زروق ألوان بريطانيا، لتكبر العلاقة بين الثلاثي الذي التقى مجددا خلال مرات عديدة وأماكن مختلفة مثلما كان عليه الحال مؤخرا في الجزائر، وفي الولايات المتحدة الأمريكية خلال مونديال الكهول السنة الفارطة. الجدير بالذكر، أن رجل الأعمال، زروق فوزي، هو مؤسس شركة «زيكوتاك فوتونيكس» شهر ديسمبر 1994 التي تعمل في مجال تكنولوجيا الضوئيات الكائن مقرها بكندا، في محاولة لتمويل المرحلة النهائية من البحث والتطوير لمجموعة من تقنيات الضوئيات ونقلها إلى التصنيع والتسويق، ليتم توقيع شهر سبتمبر 2016 اتفاقية شراكة بين «زيكوتاك» وشركة التوزيع الصهيونية «رام تاك» الكائن مقرها بالكيان الصهيوني، والتي تعتبر من أكبر الموزعين في المنطقة، وذلك من أجل تسويق وتوزيع تقنيات التصوير بمختلف أشكالها في الأراضي الصهيونية حصريا.
ولد علي ل«النهار»: «رفضنا إبرام العقد مع زيكوتاك واتحادية الجيدو لم توقّع على أية وثيقة»
أكد وزير الشباب والرياضة، الهادي ولد علي، أن مصالحه رفضت إبرام عقد تمويل بين اتحادية الجيدو والشركة الكندية «زيكوتاك» بحكم أنها شركة أجنبية تنشط خارج الجزائر، موضحا في الوقت ذاته أن مسؤولي اتحادية الجيدو لم يوقّعوا على أية وثيقة رسمية مع الشركة، حيث قال في تصريح ل«النهار»، أمس: «رفضنا إبرام العقد مع هذه الشركة لأنها أجنبية ولا تنشط في الجزائر، هذه العقود يجب أن تسبقها تحقيقات لتجنب الوقوع في مشاكل معقدة، لكننا رفضناها منذ البداية واتحادية الجيدو لم توقّع على أية وثيقة مع هذه الشركة».
بوسنيو (الأمين العام للاتحادية): «لا أملك أية معلومات بخصوص هذه القضية»
كشف الأمين العام لاتحادية الجيدو، محمد بوسنيو، أنه لا يملك أي معلومات بخصوص قضية تمويل شركة «زيكوتاك» للاتحادية، والأحداث التي أعقبتها بعد تدخل الوزارة، حيث صرح ل«النهار» أمس قائلا: «لا أملك معلومات عن هذه القضية ورئيس الاتحادية أو نائبه هو من يمكنه الحديث في هذا الأمر».
كريم لعراس (نائب رئيس الاتحادية) ل«النهار»: «لم نتفق مع الشركة الكندية»
أكد كريم لعراس، النائب الأول لرئيس اتحادية الجيدو، أنه لم يتم الاتفاق مع الشركة الكندية التي تقدمت بطلب لتمويل المنتخب الوطني، بخصوص شروط العقد، مما جعل الصفقة لا تتم، حيث صرح ل«النهار» أمس قائلا: «هذه الشركة قدمت طلبا للاتحادية عن طريق مديرها من أجل تمويل المنتخب الوطني، لكننا لم نتفق بخصوص الشروط وهذا كل ما في الأمر». من جهة أخرى، لم نستطع ربط اتصال مع مدربي المنتخب الوطني السابقين، بن يخلف وعزون، للحديث حول القضية وظل هاتفاهما مغلقين.