«يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون» حينما يقرأ الإنسان هذه الآية الكريمة يلاحظ أن الصيام جاء بين الإيمان والتقوى ومع التفكير والتأمل يدرك سر هذا الترتيب وحكمته. فالإيمان تصديق بالقلب بكل ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم مع الرضا والتسليم، وفي حديث جبريل الطويل الذي رواه مسلم عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – قال جبريل للرسول صلى الله عليه وسلم: «أخبرني عن الإيمان؟ فقال صلى الله عليه وسلم: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، وأن تؤمن بالقدر خيره وشره»، ومحل الإيمان هو القلب، قال تعالى: «ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم». وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس الإيمان بالتمني ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل»، والصيام هو الإمساك عن شهوتين من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وهي عبادة سرية لا يطلع عليها أحد إلا الله تعالى، ولذا يقول الله تعالى في الحديث القدسي: «كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي». والتقوى وصفها الإمام علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – «بأنها الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والرضا بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل». التقوى محلها كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو هريرة: «لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم لا يخذله ولا يحقره، التقوى ههنا، وأشار إلى صدره ثلاث مرات». فليس من قبيل المصادفة أن يجمع هذه الثلاثة: الإيمان والصيام والتقوى في سلك واحد، وأن تنتظم في مشكاة واحدة وذلك لما بينها من تشابه وتماثل. فقد جمع بين هذه الثلاثة السرية في الأداء، فالإيمان قلبي والصيام سري والتقوى محلها الصدر، فبدأ سبحانه وتعالى بالإيمان لأنه الصفة المحببة للمسلم وأنهاها بالتقوى لأنها الغاية المرجوة من الصيام، وتوسط بينهما الصيام لأنه عبادة تربي الوازع الديني لدى المسلم، فسبحان من كلامه لا يأتيه الباطل أبدا. @ ناصح