جانت مؤخرا، حالة متقدمة من الفوضى العمرانية أفرزها الغزو المستمر للرقعة الإسمنتية على حساب المساحات الخضراء التي تبقى حسب القائمين على أدوات التعمير المحلية في آخر الأولويات، حيث يرى بعض المسؤولين أن سكان جانت لازالوا يجهلون ثقافة الاخضرار، حيث لم يفكر مختلف المسؤولين المحليين الذين تعاقبوا على تسيير عاصمة التاسيلي في استراتيجية تضمن على الأقل إحداث ما يعرف بالتوازن بين الإخضرار والاسمنت. هذا الواقع المتمثل في خلق الفضاءات الخضراء بالرغم من كونه عاملا ضروريا في إستراتيجية بناء المدن الجديدة التي يجب أن تتوفر بها أجواء بيئية ملائمة، والتي تكاد أن تكون منعدمة من قاموس جل القائمين على تسيير منظومة التعمير، هذا ما جعل الكثير من المهتمين بالبيئة من جمعيات وهيآت يستغرب كيف أن مدينة جانت لا تتوفر على مساحة واحدة خضراء، في الوقت الذي يظل المسؤولون يعملون على تمكين المساحات الإسمنتية على حساب الفضاءات الخضراء، وهو الواقع الذي طال مؤخرا حتى تلك الجيوب العقارية التي يمكن استغلالها كمساحات خضراء، ويقع هذا رغم الأصوات العديدة التي ظلت تنادي بضرورة إنشاء حدائق ومساحات خضراء والاهتمام بها لجعلها فضاء للتنفس والترفيه. هذا الأمر الذي أعطى الانطباع بأن عاصمة التاسيلي باتت تعيش حصارا أبديا داخل سجن مفتوح بين الرمال والصروح الإسمنتية، وكأن أدوات التخطيط بذاتها ظلت تفتقر للحس الجمالي مما جعل مؤخرا الاسمنت يغزو المدينة من كل جانب وفوضى عارمة غطت على النسيج العمراني للمنطقة، أما المساحات الخضراء، فهي آخر ما يفكر به المسؤولين أو يهتمون بتوفيره للمواطن الجانتي خاصة منهم فئة الشباب الذين يطوقون لمثل هذه الأماكن لقضاء بعض الوقت مع الأصدقاء والأحباب في ظل غياب المرافق الترفيهية وندرتها بالمنطقة، فليس بمقدور الجميع السفر والاستجمام على ضفاف الشواطئ.