تشير آخر الأرقام الموجودة على مستوى وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي إلى أن ما نسبته 30 بالمائة من موظفي الدولة المقدر عددهم ب 1,5 مليون موظف، أي ما يعادل 450 ألف موظف، دخلوا مرحلة التقاعد ومازالوا يشغلون المناصب الموكلة لهم، وذكرت مصادر على صلة بملف التوظيف أن أغلب المتقاعدين الذين مازالوا يشغلون مناصبهم رغم بلوغهم سن التقاعد المحدد قانونا ب 60 سنة، أو الموظفين الذين أتموا سنوات الخدمة لدى المؤسسة التي اشتغلوا بها والمحددة قانونا ب 30 سنة هم الإطارات السامية والموظفين الشاغلين لمناصب المسؤولية بقطاع الوظيف العمومي. حسب المعلومات المتوفرة لدى ''النهار'' يعود هذا العدد الكبير للموظفين ''المتقاعدين'' الذين لا يزالون قيد الخدمة، يمثلون عدة فئات، هي فئة الموظفين الذين يطلبون بالبقاء في مناصبهم للاستفادة من الامتيازات التي يحصلون عليها على اعتبار أن الراتب الذي يتلقونه بعد الإحالة على التقاعد يتقلص الى ما بين 60 الى 80 بالمائة من الراتب الحقيقي الذي كانوا يتلقونه أثناء الخدمة وهو ما يجبرهم على محاولة البقاء في المنصب بالنظر الى غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار، أما الفئة الثانية فهي الفئة التي يعاد توظيفها من قبل الإدارات بصفة متعاقدين بعد أن تقدم طلبا لإعادة توظيفها بالمنصب الذي كانت تشغله، على اعتبار أن هذه الإدارة ترغب في الاستفادة من خبرتهم، الى جانب ذلك تشير تحليلات النقابة المستقلة لمستخدمي الإدارة العمومية على لسان أمينها العام مراد تشيكو أن الفئة الثالثة التي مازالت تشغل مناصبها رغم أنها قانونيا محالة على التقاعد هي فئة المحالين على التقاعد الإجباري من موظفي القطاع الاقتصادي الذين كانوا يعملون بالشركات التي تمت تصفيتها بعد الإفلاس، وتشغل مناصب بمؤسسات اخرى مع استفادتها من منحة التقاعد على الخدمة التي قدمتها في المؤسسات المفلسة، علاوة على فئة الإطارات السامية التي تبقي عليها الإدارات لحاجتها الى خدماتها. وحسب الأمين العام للنقابة المستقلة لمستخدمي الإدارة العمومية، فإن هذه الفئة من الموظفين خلقت إشكالا في دفع عجلة التوظيف بالنسبة لفئة الشباب خاصة خريجي الجامعات، كما تعطل ترقية الموظفين الآخرين الذين من المفروض أن يرقوا الى درجات مسؤولية تعنى بشغل مناصب فئة الموظفين ''المتقاعدين'' الشاغلين للمناصب المعنية، وقال تيشكو أن السبب في خلق هذا الإشكال هو غياب معايير حقيقية يتم على أساسها تحديد شروط الإبقاء على الموظفين بمناصب قطاع الوظيف العمومي، ويعزو هذا الأخير سبب تمسك الموظفين بمناصبهم الى تدهور الوضعية الاجتماعية للموظفين بعد إحالتهم على التقاعد وهو ما يناقض أهداف إحالتهم على المعاش المتعلقة بمنحهم فرصة للراحة بعد تأديتهم لمهامهم أثناء الخدمة، وهو ما يجبرهم على العمل لدى الخواص أو العمل بصفة التعاقد لدى الإدارات العمومية شاغلين بذلك المناصب التي من المفروض أن توجه للشباب.