اهتز مساء أول أمس سكان حي الإخوة بوراس بسوق أهراس على وقع خبر العثور على جثة ضابطة شرطة تعمل بالمديرية الولائية عازبة في العقد الثالث من عمرها داخل مسكنها الذي تقيم فيه بمفرده حيث اكتشف أمرها من قبل شقيقهاعقب سلسلة من الاتصالات الهاتفية للاطمئنان عليها، حيث وجدها في درجة متقدمة جدا من التعفن، وبينما استبعد على الإطلاق احتمال تعرضها لعملية تصفية جسدية بحكم تواجد سلاحها بجانب جثتها، باشرت مصالح الأمن تحقيقات موسعة لتحديد أسباب الوفاة.. كانت الساعة تشير إلى الخامسة من مساء أول أمس، عندما وجدت ''هادية،ر''،31 سنة، جثة هامدة، بمقر سكناها بنهج الإخوة بوراس المعروف بحي عمارات الحرس المتنقل، وحسب المعلومات المستقاة من محيط الضحية، فإنها غابت عن المنزل منذ الثلاثاء الماضي، حيث كان يعتقد أنها في مهمة عمل، إلى أن وجدت أول أمس ملقاة على الأرض وبجانبها سلاحها بعد أن انبعثت رائحة التعفن من المستودع، وقد تم تحويل الجثة إلى مستشفى سوق أهراس بعد حضور وكيل الجمهورية، حيث من المنتظر أن تخضع للتشريح لمعرفة الأسباب الحقيقية المؤدية إلى الوفاة. وبينما تضاربت الأقوال وسط مقربين للضحية في ظل غياب المعلومة الرسمية بحكم سرية التحقيق وطبيعة وظيفة المتوفاة، أن هذه الأخيرة كانت في عطلة مرضية، رجح أنها أقدمت على الانتحار بعدما اكتشفت إصابتها بداء السرطان، وفي انتظار التأكد من صحة كل تلك المعلومات، ستكون التحقيقات الأمنية ونتائج معاينة الطبيب الشرعي وحدها كفيلة بتحديد أسباب الوفاة وظروف القضية. من هي الضابطة رجيمي هادية؟ هي ابنة حي الحرس المتنقل، في ال:31 من عمرها، متحجبة، شجاعة وتتميز بأخلاق عالية، يحترمها كل الزملاء، حتى أن إحدى الشرطيات انفجرت بكاءً عندما أطلعناها على خبر وفاتها، وقالت: لقد كانت مكافحة، صبورة ومتواضعة..وحسب مصادر من محيط عملها، فإن عائلتها تعاني أوضاعا اجتماعية لا تحسد عليها، حيث الوالد والوالدة مريضان، والمرحومة هي التي كانت سندهما الدائم.. وكانت شغوفة بالشعر والخواطر منذ نعومة أظافرها، ومنذ أشهر أهدتنا نسخة من أول ديوان شعر لها من مجموعة عطر الثرى تحت عنوان: ''في الطريق''، طبع على حساب الجاحظية، وقد ذيله الأديب الطاهر وطار بالعبارات التالية: هذه مختارات من شعر رجيمي هادية، نأمل أن توصلها هذه الخطوة إلى ما هو أبعد، وقد حمل الإهداء العبارات التالية: إلى أمي التي علمتني أرفع قلمي في وجه المعتدين، إلى والدي الموجوع الذي شقه طول الحنين، إلى كل من علمني رقة المحبة، دقة الهدف، شراسة الدفاع، عزم النضال وثمن الكرامة ... وقد احتوى ديوان شعرها مجموعة من القصائد عن الجزائر والسلام والحب، فكانت العناوين: أنت وصلاتي، زمن السلام، سماؤنا حرة، أزمات وضحايا، وغيرها من القصائد التي تدل على رهافة حسها، وتعطشها إلى العطف والحنان. مقتطفات من قصيدة المرحومة بعنوان ''حرية'' أريد أن أغتسل من ثوب القذارة أريد أن أنطلق في سماء الطهارة بكل حماس بكل حرارة أريد أن تحملني أجنحة الحمام إلى سدرة المنتهى .... '' وهكذا كانت أول أمس ساعة المنتهى للضابطة الشاعرة هادية رجيمي.