وعائلات أخرى تتمسك بقاعات الأعراس أكثر من تمسكها بأفراحها بالرغم من قرار الحكومة القاضي بتغيير عطلة نهاية الأسبوع لتصبح يومي الجمعة والسبت بدل الخميس والجمعة، إلا أنالعائلات الجزائرية صممت على التمسك ببعض عاداتها وتقاليدها التي ألفتها منذ عدة سنين، حين أعلنت التزامها الكبير بإقامةأعراسها يوم الخميس.. الذي سيبقى يوما مقدسا لدى معظم الجزائريين لارتباطه الشديد بكل ما له صلة بالأفراح.. في حيناعتبرت فئة أخرى من العائلات أنه لم يعد يوما مقدسا ويوما غير مقدس، حين أضحت أعراس الجزائريين مرتبطة ارتباطا وثيقابقاعات الأعراس. انتظرنا خروج المصلين من المساجد بعد آدائهم لصلاة الجمعة، يوم أمطرت فيه السماء، لنقوم حينها بجولة قصيرة قادتنا لبعضأحياء العاصمة والتقرب من بعض العائلات لسؤالها إن كانت ستظل متمسكة بيوم الخميس لإقامة أعراسها وأفراحها أنها ستتخلى عن هذا اليوم مع مرور الأيام خاصة بعد اتخاذ الحكومة لقرار تغيير عطلة نهاية الأسبوع لتصبح يومي الجمعة والسبتبدل الخميس والجمعة، غير أن ما لمسناه ممن استجوبناهم أن أراءهم قد تباينت واختلفت حول الموضوع، فمنهم من اعتبر أنيوم الخميس سيظل يوما ''مقدسا'' بالنسبة إليهم، في حين أن عائلات أخرى ذهبت أبعد من ذ لك حين أكدت بأن أعراسالجزائريين أضحت مرتبطة بقاعات الأعراس.. حين أصبح المواطنون ينشغلون بقاعات الأعراس أكثر من انشغالهم بالعرسنفسه، فتجدهم يتهافتون عليها من أغنياء وحتى ''زوالية''، خاصة بعدما تم غلق العديد من قاعات الأعراس. في حدود الساعةالثانية بعد الزوال، غادرنا الجريدة باتجاه ساحة أول ماي، وهناك صادفنا مرأة تبدو في العقد الثالث كانت تقف بموقف الحافلاتلوحدها تنتظر قدوم الحافلة بفارغ صبر.. كانت ترتدي خمارا أسود اللون وتحمل بين يديها أكياسا مملوءة تبدو أنها قد أثقلتكاهلها، ولما تقربنا منها وكشفنا لها عن هويتنا، راحت تحدثنا باستهزاء حين أضافت قائلة: ''عن أي تقاليد وعادات تتحدثون؟ألستم جزائريين'' ولما حاولنا شرح القضية لها.. راحت تقاطعنا قائلة: ''أتعتقدون بأن الجزائريين لا يزالون متمسكين بيومالخميس لإقامة أعراسهم.. أنا لا أظن ذلك لأنه وبكل بساطة أصبح معظم الجزائريين يقيمون أفراحهم بكافة أيام الأسبوع ابتداءمن يوم السبت وإلى غاية الجمعة.. وعليه فلا أعتقد إطلاقا بأنه سيكون هناك تغييرا..''، لتبتسم حينها وهي تنهي كلامها معنا.. تركنا تلك السيدة لنغير وجهتنا، و فضلنا التقرب من أحد الكهول الذي يبدو أنه قد تجاوز العقد الخامس، وجدناه جالسا لوحدهيدخن سيجارة، أخبرنا بأنه يشغل منصب رئيس قطاع النقل الحضري بساحة أول ماي، ولما طرحنا عليه السؤال راح يحدق إلينامن تحت نظراته، حين قال: ''ماذا تقولون؟ لا أظن أن شيئا سيتغير، فكل أيام الأسبوع مثل بعضها وتغيير عطلة نهاية الأسبوعإلى الجمعة والسبت لن يغير شيئا في عادات وتقاليد الجزائريين.. ويوم الخميس مثل سائر الأيام.. لأن الجزائريين ومع مرورالأيام قد تخلوا عن قدسية ''الخميس''. ومباشرة بعدما أنهينا كلامنا مع ذلك الكهل، لمحنا امرأة من بعيد كانت تسير بخطى متثاقلةرفقة ابنيها نحو أحد مواقف الحافلات بساحة أول ماي، لنحاول حينئذ المشي بخطى سريعة للحاق بها والحديث معها، فأكدت لناقائلة وبلهجة عاصمية: ''لا خميس ولا جمعة ولا هم يحزنون.. فالعائلات الجزائرية قد تخلت منذ زمن بعيد عن يوم الخميسواستبدلته بسائر أيام الأسبوع.. لأن أعراسنا وأفراحنا أصبحت مرتبطة ارتباطا شديدا بقاعات الأعراس.. فهل يعقل هذا سيدي؟''. ربما هذه وجهات نظر بعض المواطنين الذين استجوبناهم، لأن مواطنين آخرين أعلنوا تمسكهم الشديد بقدسية الخميس لإقامةأفراحهم وأعراسهم.. وقالوا أنهم لن يتخلوا عن هذا اليوم ولو بمرور الشهور والسنين.. مهما تغيرت قرارات الحكومة، حينأوضح لنا ''ف.ن'' في العقد الثالث من عمره، أن أجداده وآباءه لطالما تمسكوا بيوم الخميس لإقامة الأفراح وسيظل أبناء هذاالجيل متمسكين بهذه العادة التي تخلى عنها العديد من الجزائريين، لتضيف ''ن.م'' وهي طالبة جامعية أن عائلتها ورغم قرارالحكومة بتغيير العطلة الأسبوعية، لن تتخلى عن يوم الخميس لإقامة أعراسها، في الوقت الذي شددت بأنها ومنذ نعومة أظافرهالم تشهد يوما أن أقام أحد أفراد عائلتها وحتى جيرانها عرسا بقاعة للحفلات.. لأن كل أعراسهم تقام بالمنازل لحد الساعة رغممرور الشهور والسنين..