مقبرة يعتزم فوج من الأقدام السوداء يضم زهاء 40 مواطنا فرنسيا ممن حلوا بوهران نهاية الأسبوع، نقل رفات أسلافهم ومقربيهم من المقابر المسيحيةالمتواجدة بضواحي وبلديات وهران والتي يبلغ عددها في مختلف أرجاء البلاد خاصة في العاصمة وفي مدينتي وهران وتلمساننحو 523 مدفن يضم رفات 209 آلاف متوف أحصتهم السلطات الجزائرية إلى نظيراتها بفرنسا، في خطوة تعد سابقة فيالزيارات المنظمة التي غالبا ما تقود هؤلاء إلى استكشاف إرثهم التاريخي المتمثل أساسا بالكنيسة المتواجدة بأعالي جبل ''سانتاكروز''. وأكدت مصادر موثوقة ل''النهار''، أن زيارة فوج الأقدام السوداء للباهية لا تمت بصلة للسياحة على خلفية أن رغبة هؤلاء فيتحويل رفات آبائهم إلى فرنسا أعقبتها جهود ديبلوماسية على مقاس العلاقات السياسية الآنية التي تربط البلدين، خصوصا وأنمطالب الأفواج السياحية من الأقدام السوداء المتعلقة باسترجاع ممتلكاتهم التي تركوها بعد مغادرتهم الجزائر خلال الستينياتشكلت خلال السنوات الفارطة أحد أهم الملفات التي استعصى على المسؤولين الجزائريين التعاطي معها، وقد تمكنت ''النهار'' أمس، من مجانبة مجموعة الأقدام السوداء خلال الزيارة التي قادتهم إلى كنيسة ''سانتا كروز''، أين أدوا شعائر دينية مسيحيةوهي الزيارة المنظمة من طرف جمعية ''أ. ب. ر'' الفرنسية الكائن مقرها بضاحية مرسيليا والتي ستدوم إلى بداية الشهر المقبل. في السياق ذاته، أكد السيد ''جانو'' الذي لم يزر وهران منذ 47 سنة، أن فكرة تحويل رفات والدته المدفونة ببلدية العنصر إنماهي وليدة الإهمال والنهب اللذين طالا مقبرتها، ما أكده السيد ''ميشال'' أحد قاطني حي ''سانت توجان'' سنوات الخمسينيات. وقدتضمن برنامج زيارة الأقدام السوداء لوهران زيارة عدد من المقابر المسيحية لتحديد مكان دفن موتاهم في خطوة أولى، تليهاحسب ما استقته ''النهار'' زيارة أخرى ثانية لنقل الرفات إلى فرنسا بعد تقديم طلب التحويل لدى السلطات الجزائرية، حيث كانتأولى المحطات مقبرة العنصر ثم بوسفر أعقبتها نهار أمس، زيارة جماعية إلى مقبرة الحمري بوهران، إلى جانب هذا تنقلهؤلاء إلى المدافن المتواجدة بالجهة الشرقيةلوهران إلى كل من أرزيو وكريشتل وكناستيل وصولا إلى مشارف ولاية مستغانم. وبمقبرة المالحة بالحمري بوهران لمحنا عون الحراسة وأبدى عن رفضه لتواجدنا بذات المكان فتسللنا بهدوء وسط المجموعةالتي قام أفراد منها بوضع أكاليل الزهور على القبور في وقت كانت خيبة الزوج ''جون ماري'' كبيرة بعدما باءت محاولاتتفتيشهما عن قبر والدة السيدة ''ماري'' بالفشل، وما لفت انتباهنا هو درجة الغضب التي انتابت إحدى السيدات من الأقدام السودالتي كانت ضمن المجموعة والتي لم تزر الجزائر لمدة تقارب 50 سنة بعد وقوفها على الوضعية المزرية التي لحقت بالمقبرةالمسيحية ''المالحة'' فراحت وبصوت مرتفع تلقي اللوم على الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي -حسبها- يعد المسؤولالأول عن كارثية وضعية القبور التي مستها الانهيارات والتصدعات. وفي تحريات ''النهار'' في جانب الاتفاقيات المبرمةبخصوص نقل وتحويل رفات الرعايا الأجانب المدفونين بالجزائر توصلنا إلى أن الجهات الرسمية من الجانبين لم يسبق وأنوقعت على اتفاقيات مماثلة. من جانبهم، أكد البعض من الأقدام السوداء ممن اقتربنا منهم نيتهم في إتباع الإجراءات المخولةقانونا لتسهيل عملية نقل الجثث إلى فرنسا، وعن طريقة نقل الرفات فإنها تتم بعد نبش القبور ومن ثم جمع العظام وتوضع داخلأكياس خاصة تحول مباشرة لإعادة الدفن بفرنسا. وما تجدر الإشارة إليه، هو أن هناك نحو 4 آلاف من هؤلاء قاموا منذ ثلاثسنوات بزيارة مسقط رأسهم، فيم تخطط جمعية فرنسية تسمى جمعية ''فرسان المغرب'' يرأسها الصناعي ''بيار هنريبابالاردو'' لاستقدام 10 آلاف زائر السنة المقبلة سيقومون بزيارة قبور آبائهم وأقاربهم وكذا الأحياء التي عاشوا فيها، مع العلمأنه جرت سابقا عملية واسعة لإعادة ترميم المدافن العائدة لعائلات الأقدام السوداء والتي يبلغ عددها كما أشرنا سابقا نحو 523مدفن بكل من العاصمة وفي مدينتي وهران وتلمسان. من جهته، أكد مفتي المجلس العلمي بوهران، السيد بن يوسف عبد المالكأنه لا يجوز من الناحية الشرعية نقل الميت من قبره مهما كانت الأسباب، موضحا أن هذا ينطبق على المسلمين، أما غيرالمسلمين فلهم الحرية التامة في التصرف في موتاهم، ما دام -يقول محدثنا- أن غير المسلم دفن على طريقة غير إسلامية، مردفاأنه لا حرج ولا ضرر في أن تقوم الأقدام السوداء بتحويل موتاهم بالطريقة التي يريدون.