يسرني كثيرا أن أبلغ قراء هذه الصحيفة الغراء أن قناة المستقلة تعتزم تنظيم قمة عربية أهلية للبحث العلمي والتعليم العالي، في الفترة من 1 إلى 3 ماي من العام الجاري إن شاء الله تعالى. فكرة القمة الأهلية هي دعوة خبراء وعلماء متخصصين من كل دولة عربية للإجتماع في مكان واحد، وبحث إمكانية التوصل لاستراتيجية مشتركة لدعم البحث العلمي في بلدانهم والإرتقاء بمستوى التعليم العالي. العلم شرط من شروط التقدم والمساهمة الفعالة في خدمة الحضارة الإنسانية. والعلم أصل من أصول الدين، وأول ما نزل من الوحي على خاتم النبيين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، تختصرة كلمة "اقرأ" الشهيرة في بداية سورة العلق، وهي أمر ثابت ملزم للمسلمين في كل زمان ومكان. مع ذلك فإن ما تنفقه الدول العربية على البحث العلمي قليل جدا ولا يكفي ليدل على أننا أمة تقدر العلم حق قدره. كما أن جامعاتنا العربية كلها لا تظهر في التقارير الدولة عن أفضل مائة جامعة في العالم، أو أفضل ألف جامعة في العالم. وقد أسهب في شرح هذه الحقائق الأكاديمي الليبي الدكتور صالح ابراهيم عندما تحدث في حلقة يوم السبت من برنامج "ملفات مغاربية" على شاشة قناة المستقلة، ومن وحي الحديث معه، وباقتراح منه، ظهرت فكرة القمة العربية الأهلية للبحث العلمي والتعليم العالي. العلم شرط من شروط الإسهام الفاعل في حضارتنا المعاصرة، ومقوم أساسي للمن القومي لأي دولة في العالم، لأنه يعني خدمة صحية أفضل للمواطنيين، وووسائل إنتاج اقتصادية أكثر تطورا، وقدرة أفضل على الدفاع عن البلاد والعباد في أوقات الشدة. والواقع أننا كعرب لا نحتاج لأحد ليقنعنا بفضائل البحث العلمي وبضورة الرقي بمستوى التعليم العالي. كلنا متأكد من ذلك دون شك ولا ريب. إنما السؤال المهم هو: ما هي الإستراتيجة، ما هي خطة العمل الناجعة الكفيلة بمعالجة الخلل في شأن أدائنا العلمي والأكاديمي وتغيير الصورة تماما إلى ما نريده ونصبو إليه. هذا هو السؤال الرئيسي الذي سنطرحه على ضيوف القمة العربية الأهلية للبحث العلمي والتعليم العالم، التي قررت قناة المستقلة الدعوة لها وتنظيمها وبث كل جلساتها على الهواء مباشرة لمشاهديها في كل أنحاء العالم. على حد علمي فإن هذه هي المبادرة الأولى من نوعها في تاريخ الفضائيات العربية، وقد تحمسنا لها لتأكيد حقيقة مهمة، وهي أن على وسائل الإعلام أن تساهم بدورها في خدمة العلم والمعرفة والتقدم. بادرنا من قبل إلى تبني مسابقة "شاعر العرب" تكريما للشعر والإبداع واللغة العربية الفصحى. وتبنينا ديوان "لماذا نحبه" تكريما لأكرم خلق الله كلهم سيد الأولين والآخرين، وخاتم الأنبياء والمرسلين، محمد صلى الله عليه على آله وصحبه وسلم، وعلى أتباعه بالحق إلى يوم الدين. وهذه مبادرة جديدة لخدمة العلم والتقدم، أعلنا عنها بحماس وسرور، آملين أن تلقى التقدير من قبل محبي قناة المستقلة ومشاهديها في كل أنحاء العالم، وفي المغرب العربي الكبير بوجه خاص. فقناة المستقلة مبادرة مغاربية في الأساس، تونسية جزائرية على وجه التحديد، وعالمية النزعة والتطلع والخطاب. وسيكون من دواعي سروري وافتخاري أن تعقد هذه القمة العربية الأهلية للبحث العلمي والتعليم العالي في عاصمة مغاربية إذا وجدنا حماسة وترحيبا من أهلنا في هذه العواصم.