أراد التبليغ عن عمليات نهب الأحجار الكريمة في الجنوب الجزائري فتحوّل إلى متهم المتهم يعترف: «أنا مواطن صالح وأردت التبليغ عن نهب المال العام لكن طريقتي الخاطئة حولتني إلى متهم» القاضي مخاطبا المتهم: «ما قمت به هو تصرف مواطن صالح لكنك أفسدت الأمر بشتم المسؤولين واستعمال عبارات نابية وخادشة للحياء» تمكنت، مؤخرا، فرقة مكافحة الجريمة الإلكترونية لمصالح الدرك الوطني من توقيف بناء في العقد الرابع من العمر ينحدر من ولاية تمنراست. على خلفية تورطه في التقاط صور فوتوغرافية من دون وجه حق وكتابة عدة مقالات تفضح جريمة نهب الأحجار الكريمة من «التوباز» أو الياقوت الأصفر والألماس على الحدود الصحراوية من قبل الأجانب، ونشرها عبر موقع التواصل الاجتماعي «الفايسبوك» تحت عناونين ومضامين فيها عبارات قذف وإهانة في حق النظام. تم تقديم المتهم، منذ حوالي أسبوع، أمام نيابة محكمة بئر مراد رايس، التي قررت متابعته وفقا لإجراءات المثول الفوري، بعدة تهم تتعلق بإهانة هيئة نظامية والقذف وحيازة ونشر معطيات متحصل عليها بطريقة غير شرعية من منظومة معلوماتية. وعرض للجمهور بغرض الدعاية منشورات من شأنها الإضرار بالمصلحة الوطنية، ليصدر في حقه أمر بالإيداع رهن الحبس المؤقت بالمؤسسة العقابية بالحراش من طرف قاضي الجنح، الذي واجهه بالدليل المادي خلال مثوله، أمس، للمحاكمة. وفي الجهة المقابلة، اعترف المتهم بكل ما نُسب إليه، وأكد أنه تصرّف كمواطن صالح يسعى لحماية بلده من الفساد ومن نهب المال العام. مضيفا أنه اتجه عدة مرات لمكتب وكيل الجمهورية لدى محكمة تمنراست لإخطاره بقضية نهب الأحجار الكريمة، على غرار «التوباز» والألماس الأبيض التي تصل قيمة الحجر الواحد منه إلى 46 مليونا، من قبل أجانب يتسللون إلى المنطقة عبر الشريط الحدودي. ويقومون بتهريبه وبيعه بطريقة غير شرعية، إلاّ أنه لم يجد آذانا مصغية مما دفعه للتنقل إلى العاصمة من أجل إيداع شكاوى لدى القاضي الأول للبلاد رئيس الجمهورية. وكذا أمام عدة وزارات، إلاّ أنه لم يتمكن من ذلك، مما جعله يعود أدراجه ويتنقل إلى مسرح الجريمة من أجل تصوير عملية النهب التي قام بنشرها عبر «الفايسبوك» مرفقة بمقالات بنية إيصال رسالته إلى المسؤولين الذين قام باتهامهم. وإثر تلك المنشورات وما ورد فيها من عبارات قذف، تحول المتهم من صاحب قضية ومدافع عن أملاك الأمة إلى شخص مُتهم في القضية الحالية، ليطلب العفو من هيئة المحكمة. موضحا أنه رغم الفقر المدقع الذي يعيشه لا يستطيع أن يمدّ يده لنهب المال العام، مضيفا أنه قام ببيع هاتفه النقال من أجل شراء أدوات مدرسية لأبنائه الثلاثة. وفي المقابل، عرّج القاضي على تصريحات المتهم بالقول إنه تصرّف كمواطن صالح إلا أنه أفسد الأمر بقذفه المسؤولين ووصفهم بعبارات نابية وخادشة للحياء. وقد تأسس محام للدفاع عن المتهم تلقائيا، وأكد أنه عاش تجربة مماثلة مثلما عاشها موكله، وأكد أنه من الأشخاص الصالحين وأصحاب الضمير الحي القلائل في هذه البلاد، ليطالب بإفادته بأقصى ظروف التخفيف، وعليه التمس ممثل الحق العام تسليط عقوبة عام حبسا نافذا وغرامة بقيمة 20 ألف دينار.