قررت أمس، قاضية الجنح بالمحكمة الإبتدائية للشراڤة، تأجيل النطق بالحكم في قضية المدير العام السابق للديوان الوطني للمطبوعات المدرسية، والمتهم بتبديد واختلاس أموال عمومية إلى غاية الأسبوع المقبل،وكانت المحاكمة مثيرة خاصة لما وصفت القاضية طريقة تسيير المدير السابق للديوان ب''البريكولاج''، مؤكدة له أن المسؤولية لا تنحصر في الجلوس على الكرسي وإنما العمل بكل جدية، وجاء هذا بعد عدة أسئلة جد دقيقة وقيمة طرحتها له، اكتشفت خلالها سوء التسيير بدليل غياب المدير العام السابق وعدم اطلاعه على كثير من الأمور، بحيث رد هذا الأخير على عدد من أسئلة القاضية بقوله، إنه لم يكن على علم ودراية بسندات اليونسكو محل التبديد ولم يحضر لتسليم وتسلّم مهام مدير المالية والمحاسبة في الديوان وكذا عدم قراءته للمحاضر، إضافة إلى هذا عدم حضوره لاجتماعات إطارات الديوان، وتتمحور المحاكمة في ملف الفضيحة التي انفردت ''النهار'' بنشر كامل تفاصيلها، والمتعلقة بتبديد سندات اليونسكو ذات قيمة مالية بالدولار الأمريكي، وهي بمثابة وصولات مالية يستعملها الديوان من أجل شراء تجهيزات من الخارج ودفاتر البنزين، إضافة إلى التحويلات غير القانونية لأكثر من 5,2 مليار سنتيم إلى الحسابات الخاصة لمديري المراكز الجهوية للديوان، وصرح المدير العام السابق في المحاكمة بقوله: ''سيدتي الرئيسة في سنة 2004 كانت عملية الإصلاح وطبع كتب جديدة، وكان لدينا مشكل في توزيع الكتب وإيصالها إلى مختلف المدارس، وتعرضت لضغط من طرف وزير التربية الذي طلب مني إيصال الكتب إلى المؤسسات التربوية في 48 ولاية، وتحت الضغط الذي تلقيته من قبل الوزير وعدم وجود حسابات استغلال لرؤساء المراكز، خرج اجتماع إطارات الديوان بحل يتمثل في تحويل أموال من الديوان إلى الحسابات الشخصية من أجل كراء وسائل النقل وتسديد أجور المتعاقدين''، ليضيف المتهم ''ب،م'' بقوله ''حضرت افتتاح اجتماع إطارات الديوان المتكون من مديري المراكز الجهوية 48 ومدير التجارة ومدير المالية الذين خرجوا بهذا الحل والفكرة فكرتهم والمسؤولية مشتركة''، ليختم المدير تصريحاته بأنه حوّل 8,1 مليار سنتيم فقط وليس 5,2 مليار سنتيم ، من جهته قال مدير المالية بالنيابة ''ت'' بأنه رفض المنصب لأن الظروف لم تكن طبيعية آنذاك، خاصة وأن هناك من كان أسبق بتولي هذا المنصب مني، وعن العلبة التي تحوي على سندات اليونسكو قال المدير السابق للمالية بالنيابة ''تم تسليمي العلبة بصفة غير رسمية وبدون أن أمضي على أية وثيقة وبدوري سلمتها إلى أمين الصندوق الذي وضعها في الخزينة المركزية للديوان''، وعلى هذا الأساس ركزت دفاعه الأستاذة بوحجة سجية، في مرافعتها على أن موكلها لم يأخذ العلبة إلى منزله، بل تركها في الديوان ولا يوجد أي اختلاس، وعرجت على الأسباب التي منعته من الإمتثال إلى استداعاءات الديوان، بالقول إن موكلها أصيب بانهيار عصبي شديد وهستيريا، بعدما دحرج من منصبه إلى منصب محاسب، وكانت البراءة طلبها الوحيد لمدير المالية والمحاسبة، في حين قال محامي المدير العام بأن موكله اجتهد فأخطأ ملتمسا البراءة واحتياطيا إفادته بأقصى ظروف التخفيف، وعلى ضوء كل هذه المعطيات طالب وكيل الجمهورية، بتوقيع عقوبة ثلاث سنوات سجنا نافذا مع 150 ألف دينار غرامة مالية، وفي هذا المقام طالب دفاع الديوان الوطني للمطبوعات المدرسية تأسيسه طرفا مدنيا وحفظ حقوقه.