يعيش الشباب «الحراڤة» الناجون من الغرق في القارب الذي انقلب في رأس جنات ببومرداس. صدمة كبيرة في ظل الكابوس الذي عاشوه وسط الأمواج والرياح والأمطار. بعد غرق قاربهم الذي كان يحمل 18 شابا «حراڤ» مهاجرا إلى الضفة الأخرى. حيث أن البعض منهم لا يخرج من البيت ولا يستطيع الحديث مع الناس ولا الأصدقاء لتجنب النقاش. والأسئلة التي ترده إلى عيش واستذكار حادثة الغرق والنجاة وسط الأمواج، فيما سرد البعض منهم قصة الغرق لأصدقائهم. والتي سننقلها على لسان أصدقائهم على اعتبار أن الناجين لا يستطيعون مقابلة الصحافيين حاليا. «النهار» حاولت الاقتراب من بعضهم ونقل شهاداتهم، حيث تحدثت إلى أصدقائهم الذين كانوا على دراية . بتفاصيل الحادث الأليم الذي تسبب في وفاة أصدقائهم، حيث توجهنا إلى قرية غمراسة ببلدية يسر في ولاية بومرداس. حيث لم نتمكن من الاستماع مباشرة إليهم، في ظل أن البعض منهم لا يزال تحت الصدمة. ولا يمكنه الحديث ورواية القصة والآخر روى لأصدقائه ما حدث في القارب وقال لهم ما يلي: «انطلقنا من القارب من رأس جنات بسرعة فائقة ولم نرتد أي سترات ضد الغرق وكنا 18 شابا. حيث لم يتحمل القارب عدد الأشخاص لأنه يحمل 15 فقط. وخلال الرحلة طالب السائق منا نزول شخصين أو ثلاثة للتوجه إلى القارب الثاني. لكن هناك من رفض، خاصة وأن العديد منهم لا يعرف السباحة. فقام شخص واحد بالقفز في المياه والذهاب إلى القارب الآخر وبقي الآخرون في القارب. وفي تلك الليلة السوداء وبسبب الرياح والأمطار انقلب بنا القارب ووجدنا أنفسنا نصارع الموت ولا نعرف السباحة ولا النجاة. سوى الصراخ والعويل، حيث كنا متمسكين بيننا وقمنا بالتمسك بالدلو البلاستيكي الخاص بالبنزين. لكن لم نستطع المقاومة بسبب قوة الأمواج التي فرقتنا. في حين القارب الثاني ذهب ونحن عالقون في البحر ولا نعرف السباحة … يقول بحسرة … أصدقائي ينادون: لا تتركوني أنقذوني. لكن غرقوا وبدأت الجثث تطفو على السطح أمامنا في مشاهد صادمة .. وصعبة، والله لم أظن أن هذا سيحدث». ويواصل: «تمكست أنا بالدلو وبقيت في الماء لساعات أصارع برودة الماء وأدعو الله أن أنجو وأعود إلى أمي. وبالفعل الحمد لله تم إنقاذي من طرف صياد كان في البحر… . لكن لا أستطيع النسيان ولم أستوعب ما حدث.. أصدقائي ماتوا أمام عيني.. . لقد هربنا من أجل حياة أفضل وعمل للاسترزاق لكن فقدنا حياتنا وأكل البحر أصدقائي.. تعبت لا أستطيع الحديث أكثر». وقال أصدقاء «الحراڤة» في بومرداس إنهم يحاولون قدر المستطاع إبعادهم من الأسئلة لأنهم لا يزالون متأثرين بالحادثة. حيث يكتفون بالجلوس معهم وتبادل الحديث في مواضيع غير الحادثة. تشير المعلومات المؤكدة إلى أن قاضي التحقيق لدى محكمة دلس التابع لمجلس قضاء بومرداس شرع منذ الأسبوع الماضي. في تحقيقات واسعة برفقة الضبطية القضائية من أجل توقيف العصابة المتورطة في الاتجار بالبشر. وحياتهم مقابل المال وتحملهم في قوارب موت دون حتى منحهم سترات النجاة في حال غرق القارب. حيث تم الاستماع إلى عدة أطراف من بينهم «الحراڤة» الناجون من الغرق الذين خرجوا من المستشفى بعد العلاج. حيث أن التحقيق مس حادثة الغرق وكيفية انقلاب القارب. إلى جانب أن قاضي التحقيق حاول الوصول إلى الأشخاص الذين ينقلون هؤلاء الشباب إلى الضفة الأخرى مقابل مبالغ مالية. وكذا أسئلة حول القارب الآخر الذي نجى من الغرق ووصل أصحابه إلى إسبانيا. هذا وتستمر المراقبة اليومية لرجال الضبطية القضائية في الشواطئ لتوقيف العصابة التي أدوت بحياة شباب في مقتبل العمر. بإرسالهم في قوارب بلاستيكية يلقون فيها الموت قبل الوصول إلى أوروبا. التي رأوا فيها مستقبلا لحياة أفضل. حيث يدفع الشخص الواحد مبلغ 20 إلى 25 مليون سنتيم للركوب في القارب، وأحيانا تصل إلى 40 مليون سنتيم. وفي الأخير لا يزال «الحراڤة» الآخرون مفقودون ولم يتم العثور عليهم إلى حد الساعة. بالرغم من حملات البحث عنهم من طرف القوات البحرية . وكذا الصيادين المتطوعين الذين شنوا حملات للبحث عن جثثهم، لكن لم يتم العثور على أي واحدة إلى حد الآن.