السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، أما بعد: سيدتي الفاضلة، مشكلتي هي زوجتي، 8 سنوات من الزواج تحت شعار "الحياة لابد أن تمضي من أجل الأبناء"، ببساطة نحن لا نتفق في شيء رغم أنها تحبني وأنا قد أكون كذلك، ولكن أصبح الحب من ناحيتي عادة وعشرة نتيجة لاختلاف الطباع وكثرة المشاكل، نتشاجر بما لا يقل عن 10 مرات في الأسبوع، الكارثة التي لا أستطيع تحملها صوتها العالي الرهيب، عندما تتشاجر معي، في حين أن صوتي لا يكاد يُسمع خوفا من الفضائح أمام الجيران. الكارثة الأكبر، أنها أصبحت تعرف أني أخشى من هذا الأمر، فأصبحت تهددني بصوتها الذي سيفضحني أمام الجيران، أقسم بالله أنني أعاملها معاملة حسنة، وأوفر لها كل سبل الحياة الكريمة من بيت واسع وسيارة فخمة، أصرف عليها المال بدون حساب، حياتها معي تحسد عليها، رغم ذلك فهي لا تقدرني، مما جعل أهلي يتهموني بضعف شخصيتي أمامها، ولكنني أرى عكس ذلك، لأنها حين ترفع صوتها في وجودهم أحاول أن أحتوي الموضوع خوفا من الفضيحة أمامهم. فعلت كل شيء لإصلاحها، النقاش بالحسنى ومحاولة إقناعها بتغير أسلوبها بدون جدوى، لقد فاض بي الكيل، والفضائح مستمرة. ماذا أفعل سيدتي، فأنا أتحملها من أجل أولادي، وأخشى أن أطلّقها لأني سأحرم منهم، حقا أنا في ورطة. سفيان/ جيجل الرد: سيدي، أن تتحمل زوجتك وتغفر لها أخطائها ولا تتوقف أمام هفواتها فأنت حقا رجل رائع، وأن تكون صبورا تحبها وتحب أسرتك، فأنت محترم تقدّر قيمة الحياة الزوجية، لكن أن ترفع زوجتك صوتها باستمرار إلى الدرجة التي يسمع بها الجيران، والتي تتعجب أنت من طريقتهم في التعامل معك وتجاهلك رغم أنهم لا يسمعون صوتك بل يسمعون صوتها، فهل هذا هو الأمر الطبيعي أن يسمعوا صوتها في صراخ وصياح وأنت لا صوت لك، فأي احترام تطلبه من جيرانك بعد ذلك، فهم يرون أن الرجل الذي لا يحكم بيته لا يستحق احترام، ومع ذلك لسنا هنا لتقييم نظرة الجيران لك، فنظرتك لنفسك أهم، فهل ترى نفسك الرجل الذي تهابه زوجته وهي التي لم تعد تحسب لك حسابا، لأنها تعلم أنها مهما فعلت مغفور لها، ولذلك فهي تتمادي ولا تراجع نفسها ولا تعترف بأخطائها، لأنها تجد منك التسامح دائما، ورغم أنني أرجح دائما وفي كل ردودي مصلحة الأبناء على مصلحة الأبوين لكن حالتك استثنائية، كما لكل قاعدة استثناء، فأي مصلحة تبتغيها من هذا الوضع المقلوب، فلو أنك فكرت حقا في مصلحة أولادك، لقومت زوجتك التقويم السليم ولسعيت إلى ضبط شخصيتها بالطريقة التي تراها مناسبة، ولمنعتها تماما من تجاوز حدودها معك والتطاول عليك بهذا الشكل المخزي، الذي قد يجعلك حتما تسقط من نظر أولادك، فلا يروا فيك الصورة المثالية للأب الذي تحترمه زوجته ويحترمه الجيران، بل ستكون الأب المهزوز المهزوم أمام تجاوزات أمهم بدون أن تلوم نفسها عن تصرفاتها. فبالله عليك سيدي، ماذا تقدم أنت لأطفالك من قدوة حسنة وهم يرون فيك كل هذا التخاذل، اعذرني لقسوتي عليك، لكن حالك من الحال الذي نسميه "عيشة تغلب عياش"، فهل تستقيم الحياة في ظل هذا الإعوجاج، وهل تضمن نشأة الأطفال نشأة سليمة قوية بدون أن تتحطم نفسيتهم أو تهتز شخصياتهم، ويفقدوا كل إيمان بالأب الذي يجب أن يكون القدوة. سيدي الفاضل، قل أي شيء آخر، سوى أنك تتحمل زوجتك من أجل أطفالك لأن هذا الكلام لن يصدقه عقل واع، وأولادك هم أول من سيلومونك حين يشبون ويدركون حقائق الحياة ويعرفون وقتها كم بخستهم حقهم، حين قدمت لهم الصورة الهزيلة لزوج مسالم إلى درجة الإستسلام والإنكسار أمام بطش زوجة لا تجد لها رادعا، إن حق أولادك عليك يدعوك إلى أن تنتصر لكرامتك الجريحة وكرامتهم أيضا. سيدي الفاضل، أرجو ألا يفهم معنى كلامي بشكل خاطئ، أنا فقط ضد الظلم بكل أشكاله ومهما كانت مصادره، سواء وقع على رجل أو امرأة، رغم أنك أنت من ظلم نفسه حين فقدت السيطرة على زوجتك، إن الأسرة السوية التي تسعى إلى جعل أبناء أسوياء أقوياء، هي الأسرة المتعاونة التي يسعي فيها الأب والأم إلى تقديم القدوة لأولادهما والسعي إلى تنشئتهم التنشئة السليمة، لكن هل تعتقد أن حياة كحياتك هذه، أي شيء ممكن أن تقدمه لأولادك، إن كنت تنازلت عن حقك في القوامة وتسيير أمور بيتك كرجل له الكلمة العليا، رجل تحترمه زوجته وتحرص على مشاعره، الزواج يا سيدي، شراكة تستلزم بعض التنازل من الطرفين، لكن أن يظل طرف واحد هو المتنازل دائما، هنا يحدث الخلل ولا تستقيم الحياة، هنا يستلزم وقفة لمراجعة النفس والوقوف عتد الأسباب الحقيقية التي دعتك إلى أن تبدي كل هذا الضعف تجاه تجاوزات زوجتك، أرجو أن تسأل نفسك إلى أين؟ وماذا بعد؟ وهل أنت قادر بعد كل ما حدث ويحدث لك، أن تعيد أمور حياتك إلى نصابها السليم، وأن تجبر زوجتك على احترامك واحترام نفسها والحفاظ على الصورة السليمة كأسرة، أم أن زمام الأمر قد فلت من يديك وفات أوان التراجع، وستظل حياتك هكذا لأنك غير قادر على اتخاذ أية قرارات حاسمة، أنا لن أملي عليك ما يمكنك أن تفعله، لأنك تعرف جيدا كيف تردع زوجتك ولا تتركها تتمادى في غيها، وكيف تجبرها على احترامك، وكيف تحافظ على صورتك أمام الناس، وأمام أولادك والأهم أمام نفسك، بيدك أنت القرار لا بيد أحد آخر. ردت نور