السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته أما بعد: أكتب هذه الرسالة للمرة الثانية، لأنّي لم أحظ بالرد المرة الأولى، أنا فتاة في العشرين من عمري، منذ أشهر تعرفت على شاب عن طريق صديقة، في أول لقاء لم يكن يعجبني كثيرا ولكنه استدرجني، في البداية حدثني عن رغبته لنكون أصدقاء ومن سذاجتي وافقت، فلم يكن لدي أصدقاء من الجنس الآخر، وبعد فتره قال أنه يحبني وأني أطهر فتاة عرفها، فأخبرته بأنه يعجبني ولكني لا أحبه، ومع الوقت أحببته. أخبرني بعدها أنّه يريد التقدم لخطبتي وحدثني بكل تفاصيل الزواج، وأنه حدث أهله عنّي، وقال لي يجب أن أفكّر بعقلي وليس بعاطفتي كي لا أندم في المستقبل، لأنه حياة وعمر طويل، ثم أعطاني فرصة للتفكير لكي أبدي رأيي فيما بعد. بعد مدة قصيرة تغير فلم يعد يحبني بنفس الدرجة، واتهمني بأنّي لا أعيره أي اهتمام، فتأسفت له ألف مرة، استمر الوضع على ما هو عليه لمدّة شهر، ثم طلب منّي أن نظل أصدقاء، لأن المستقبل قد يخبأ لي من هو أحسن منه حسب زعمه، فترجيته ألا يتركني، فقال أنّه لا يفكر بالزواج في الوقت الحالي، كما أنّه لا يريد أن يشوه سمعتي بسبب تلك العلاقة. ماذا أفعل وقد أحببته بصدق، فأنا أتمنى الموت، أشعر أنّه لن يرجع لي بل رحل وتركني للأبد. فهل تعرف على فتاة أخرى أم كان يتسلى بي، ولماذا تغير؟ أرجوك ساعديني أمي نور، حاولت أن أنساه ولم أستطع، مما سبب لي ضيق في التنفس ورغبة جامحة في الانتحار. منيرة/ العطاف الرد: عزيزتي أهلا بك، واعذريني هي فقط كثرة المشاكل التي تعرض على الصفحة وتتسبب في التأخير. هل يعقل أن تتمنين الموت من أجل قصة حب لم يكتب لها الإستمرار، لن أستطيع تفسير سبب تخليه عنك، هل بسبب تعرفه على فتاة أخرى، أو لأنّه كان يتسلى بك؟ ولا يهمني تفسير السبب أو البحث فيه، لكن ما يهمني هو حالتك أنت كونك صاحبة الرسالة، لأنه مهما كان السبب، فهو ليس موضع حديثنا الآن، فقد تركك وخرج من حياتك وانتهي الأمر ونحن الآن بصدد مناقشة ماذا بعد؟، فليس من المعقول أن توقفي حياتك على شاب تركك وتخلي عنك لأي سبب من الأسباب، لكن العقل يدعوك لوقفة تعيدين فيها حساباتك، وتراجعين فيها نفسك، وتعرفين إلى أين أنت ذاهبة، فالدنيا لم تقف يوما عند قصة حب فشلت والتجارب تقوينا وتعلمنا، فتعلمي أن الحياة يجب أن تستمر مهما كانت المشكلة ومهما مرّ علينا من مشاكل، فلا تتوقفي طويلا أمام الماضي، انسيه بكل مساوئه وفكري في المستقبل، ولا تحبسي نفسك فيما مر ومضي وانقضي، ولك أن تعرفي أن كل قصص الحب الأول تبدأ وتنتهي بنفس الطريقة وتصادف دائما نفس النّهايات الحزينة، فالحب الأول بحكم المرحلة التي يولد فيها - مرحلة المراهقة - يكون حبا قائما على العاطفة الجياشة والمشاعر المتأجّجة، ولا يحكمه عقل أو منطق فقط عاطفة، ولهذا كله لا يكتب له النّجاح، بل ينتهي مع مرور الأيام ووصول المرء لسن النضج والإحتكام إلى العقل، وبعدها تتغيّر بوصلة التّفكير ويتغير اتجاه الإختيار، فنختار الأنضج والأفضل ومن يتوافق معنا، نبحث عن التّكافؤ والتّوافق والقبول، والأهم هو أنّنا نبحث عن الآمان والرّاحة مع من نحب، وأنت تفتقدين لكل ذلك مع هذا الشخص، بل إنّك تشعرين بالخوف وعدم الأمان. عزيزتي، أرجو أن تفكّري ألف مرّة قبل أن تدخلي في علاقة جديدة، فقد انتهت هذه القصة ويجب ألا تعودي إليها مرة أخرى، لأنّه لا يكفي أن تكوني أنت المُحبة المعطاءة في علاقتك بشريك المستقبل، بل يجب أن تكونين أيضا محبوبة ويكون العطاء متبادلا، وإلاّ تحولت العلاقة إلى كفتي ميزان تميل إحداهما عن الأخرى، فواحدة تمتلئ بكل شيء وأخرى تخلو من كل شيء، مثلما حدث المرة الأولى، ولا تنسي أنّك في سن صغيرة نسبيا وحكمك على الأشياء سيكون من منظور ضيق جدا، بحكم خبرتك المحدودة، هذه النظرة ستتغير بعد مضي العمر واكتساب الخبرة والإحتكاك بالناس واكتشاف معادنهم، وحين يمر الزمن وتنقضي المحنة التي تمرين بها الآن، ستكتشفين أنّك كنت واهمة وأنّ التجربة كانت أبسط وأتفه من كل ما تعانينه الآن، وأنّ الأمر لا يستحق التّفكير في الموت وعدم القدرة على التنفس، وكل هذه المعاناة التي أنت عليها،لأنّه لا أحد يموت بسبب فراق شخص، وإلاّ لخلت الأرض من كل الناس ومات الكل من فراق المحبين والأعزاء. عزيزتي، الحياة أغلى من أن تضيعها تجربة حب عابرة فشلت ولم تؤت نتائجها، لأنّ المستقبل يجمل لنا الخير دائما. ردت نور