أكد الفنان الجزائري المعروف محمد حلمي، أن إنقاذ ميدان الثقافة والفن في الجزائر بشتى أشكاله يتطلب قرارا سياسيا صارما، وإرادة سياسية تنقل الميدان من عالم النسيان والتهميش الذي يعانيه إلى عالم الوجود الحقيقي. وقال المخرج والكوميدي محمد حلمي، الذي نزل ضيفا على "النهار" أن إنقاذ الساحة الثقافية في مختلف جوانبها سواء تعلق الأمر بالكتابة أو التمثيل أو الغناء والى ما ذلك ، لن يتأتى إلا بقرار سياسي فوقي يحدد لكل صلاحياته في ميدان الثقافة والفن، ويحررهما من أشكال الاستغلال والعربدة الثقافية الموجودة على الساحة اليوم، في ظل غياب المتابعة والمراقبة الحقيقية،مشيرا أن الجهود التي يبذلها البعض وعلى رأسهم الوزارة المعنية لن تكلل بالنجاح إلا إذا دعمها قرار سياسي قوي على حد تعبير حلمي. وأضاف صاحب الأعمال المسرحية والتلفزيونية الشهيرة أن "غياب الأعمال الفنية المميزة في الجزائر جاء نتيجة غياب إستراتيجية واضحة من طرف الدولة، إضافة إلى انعدام الدعم المادي اللازم والذي يوفر الأجواء الضرورية لإنتاج الأعمال المسرحية والتلفزيونية"،هذا ناهيك عن سوء التسيير لدى بعض المؤسسات الثقافية،ليضيف المتحدث انه "على كل مثقف أن يطالب بتوضيح سيرورة العمل والإنتاج الثقافي والفني المنتهجة من طرف أية مؤسسة مسؤولة في هذا المجال". واعتبر حلمي في حديثه المفارقة الحاصلة على مستوى الثقافة والسياسة، واضطهاد هذه الأخيرة للأولى ، إضافة إلى عملية التعتيم التي تعاني منها الثقافة في ظل السلطة السياسية، "أن حل النزاع بين الطرفين لن يكون إلا من خلال تقلد النخبة لمناصب سامية في الدولة وموازنتها بين ما هو سياسي مع ما هو ثقافي من جهة، أو البحث عن تصالح جاد بين العنصرين المهمين في رقي وتطوير البلاد ، خاصة وان ما هو آت يعتمد بشكل كبير على النخب المثقفة،من خلال توليها لمناصب مهمة في البلاد و دخولها عالم المشاركة في قيادتها من شتى الجوانب". ودعا المخرج حلمي جميع الجهات السياسية في الوطن أن ترفق بالثقافة وان تفصل بين العمل السياسي والثقافي، والابتعاد عن سياسة الكيل بالمكيالين، والى غير ذلك من الأعمال ذات الطابع السياسي، التي قد تضر في الأخير بالثقافة ولا تنفعها، مطالبا كمثقف وفنان مسؤولو الدولة أن يجدوا حلا للازمات الثقافية الحاصلة في الجزائر. لا نرفض التواصل مع الجيل الجديد، حلمي يؤكد: "أتحدى من يقدم عملا مسرحيا في مستوى أعمال القدامى" تحدى المخرج والفنان المسرحي محمد حلمي، أن يكون هناك إنتاج مسرحي حالي في مستوى بعض الأعمال التي أنتجها أبناء المسرح الحقيقيون في مرحلة سابقة، منهم من رحل ومنهم من غيب، أو طلق الفن بسبب ظروف معينة فرضت نفسها على هؤلاء بقوة المادة. وأشار ذات الفنان في حديثه عن الميدان المسرحي في الجزائر انه "تراجع بشكل كبير نهاية التسعينات إلى بداية الألفية الجديدة،بسبب رحيل أعمدة الفن المسرحي من جهة، والظروف الأمنية التي عرفتها الجزائر، وموجة الإرهاب التي اجتاحتها وتسببت في التلاشي الثقافي على غرار الاقتصادي والسياسي والاجتماعي". هذا واعتبر من ناحية أخرى الممثل المسرحي والمخرج محمد حلمي أن ما قدم خلال تظاهرة الجزائر عاصمة الثقافة العربية من أعمال مسرحية يعد أمرا ايجابيا مقارنة بما عرفته الساحة المسرحية في سنوات ماضية،كما انه فرصة لإعادة الاعتبار لهذا الفن الذي أوشك أن يستأصل من جذوره بسبب العوامل المذكورة. وقال ضيف "النهار" إن "الساحة المسرحية بدأت تنتعش نوعا ما كمّا بصرف النظر عن النوع خاصة مع إنتاج 47 عملا مسرحيا تحفظ المتحدث التعليق عنها"، لكنه وصفها بالمحاولة للرجوع إلى فترة مزدهرة عرفها المسرح خلال سنوات الثمانينات إلى التسعينيات، بفضل الوجوه البارزة التي قدمت أعمالا ظلت خالدة لغاية اليوم، ومن الصعب جدا استبدالها أو تقديم مثيلاتها في الفترة الآنية. وعن نوعية الأعمال التي تقدم على خشبة المسرح حاليا، أشار صاحب الخبرة في المجال أن هناك أعمال جيدة تستحق كل التقدير والاحترام، كما أن توجد أعمال أخرى ليست في المستوى المطلوب، موضحا في ذات الوقت أن الجودة تأتي بعد توفير جو التنافس وتفعيل الحراك المسرحي بإنتاج الأعمال ثم الاختيار،حيث أن السنوات المقبلة حسبه إذا عرفت وتيرة جيدة في إنتاج المسرحيات ستعرف في نفس اللحظة عملية اختيار للأرقى والأفضل. وأضاف حلمي انه كممثل يحسب على الجيل القديم لا يجد أي مانع في التواصل مع الأجيال الجديدة الصاعدة في الميدان الفني، لكنه يرى أن هذه الأجيال تعيش نوعا من القطيعة وعدم التواصل مع جيله، إما بسبب الهوة التكوينية والفكر الذي يتشبع به كل طرف عن الآخر ، أو نتيجة تعال وغرور ظهر لدى الجيل الصاعد،زيادة على عدم تجاوب القدامى مع أبناء اليوم من ممثلين ومخرجين في مجال التمثيل السينمائي أو المسرحي على حد سواء. وبالنسبة للمشكل الذي تعاني منه الساحة المسرحية كما يروج له فيما يخص النصوص أو المخرجين أو الممثلين، أكد محمد حلمي أن الجزائر لا تفتقر لأي عنصر من هذه العناصر لكنها تفتقر للدعم الكافي و التسيير الجيد، وهو الرهان الذي وجب على الجهات المسؤولة أن تنظر إليه بشكل مهني وجاد، وتتوصل إلى حلول بشأنه. غبت في تظاهرة 2007 بسبب أشغالي: وفيلمي الجديد" أثير الماضي" مرهون لدى التلفزيون تحدث الفنان محمد حلمي في زيارته لمقر جريدة "النهار" عن غيابه الملموس في تظاهرة الجزائر لسنة 2007،وهذا بسبب المشاريع التي كان يشتغل عليها الفنان من جهة، ولعدم توجيه الجهات المعنية بالتظاهرة أية دعوة لشخصه. و قال محمد حلمي: " لم توجه لي الدعوة من أي طرف كان للحضور أو الاشتراك في فعاليات الجزائر عاصمة الثقافة العربية"،حيث تكهن أن عدم توجيه الجهات المسؤولة له دعوة معينة سببه أنهم كانوا يعلمون كثرة انشغالاته كما أورد من جهة أخرى، ومن جهة أخرى أضاف المتحدث أن التظاهرة التي عاشتها الجزائر سنة 2007 أمضاها في التحضير لعمله الجديد حول تاريخ المسرح الجزائري. وعن عمله الجديد والذي اختار له عنوان " أثير الماضي " أشار حلمي انه عمل يتناول تاريخ المسرح الجزائري عبر نجومه منهم من رحل ومنهم من يقضي سنواته الأخيرة، ومن الشخصيات المشاركة في الفيلم الجديد" السيدة كلثوم، فريدة صابونجي ، نورية ونجوم أخرى،كما انه سيتناول حياة بعض هذه المذكورة في تاريخهم المسرحي وتواريخ آخرين وعلى رأسهم محي الدين باشطارزي. ولم يخفي المخرج تأسف من التأخير الحاصل على مستوى العمل الذي ينتجه ويخرجه،حيث انه قدم ملفه للتلفزيون من اجل الدعم منذ افريل من سنة 2007 ، وهو ينتظر موافقة مديره حمراوي لحد الساعة.في انتظار أن يرى هذا الإنتاج النور في ظل وجود وعود متواصلة. أمال قوراية علينا أن نسعف السينما فهي الآن تحتضر أمال قوراية وصف الممثل محمد حلمي، حال السينما الجزائرية في الوقت الرهان بالشبه كارثي وقال : " للأسف الواقع السينمائي الحالي لا يرضي فلا تستطيع مشاهدة فيلم في قاعة تتوفر فيها شروط المشاهدة، فالقاعات حسبه في حالة يرثى لها و تحولت هذه القاعات إلى محلات لبيع الأكلات السريعة هذا ناهيك عن غياب المستلزمات التي ترقيها إلى مستوى قاعات سينمائية في المستوى. وأضاف المتحدث انه من العيب الكبير أن يبقى الحال كما هو عليه، في ظل غياب حلول ناجعة، فلابد أن نخصص يضيف حلمي ميزانية محترمة للترميم و إستراتيجية لاستعادت هذه القاعات على الأقل . وعن الأفلام التي أنجزت خلال التظاهرة الثقافية المنصرمة،قال انه لم يشاهدها ،إلا أن حضوره في فعاليات بانورما السينما الجزائرية التي أقيمت مؤخرا لاحظ تواجد أفلام لا بس بها من ناحية الكم مبديا تحفظه عن ناحية النوعية. وقد شجع صاحب المشاركات التلفزيونية العمل السينمائي في الجزائر ، والاجتهاد الملاحظ في المجال،كما دعة في نفس الوقت ضرورة دعمه ومراقبته من اجل النجاح فيه مستقبلا، ومنافسة البلدان الأخرى منها المجاورة والعربية أو حتى الأجنبية. على السريع: *** أتحدى أي وزير يقول أنني انشأت معهد الدراما ببرج الكيفان، وأقولها بكل فخر أن "مصطفى كاتب" هو الذي قام بتشييد معهد للتكوين الدرامي للممثلين. *** لست "شياتا" لكني احيي الرئيس بوتفليقة، و كذا وزيرة الثقافة على جهودهما المبذولة في ترقية الثقافة في الجزائر رغم الصعوبات. *** أفضل لحظة في حياة فنان الخشبة والمسرحي تحديدا هو حين يرفع عنه الستار ويكون أمام الجمهور. *** من الصعب جدا أن نتكهن بما ستحمله الساحة الثقافية مستقبلا، لكن الأمور بهذه الطريقة التي نعيشها اليوم لا تسر. *** نثمن فكرة "المسرح الإذاعي" ونأمل أن تعود بعد غياب طويل، كما نرجو أن تفتح الأبواب للجميع. *** ليست لي أية خلافات مع الآخرين و امل أن نتخلص من الضغينة والحسد للتوصل إلى حلول بشأن مشاكلنا الخاصة والعامة. *** القطيعة بين الجيل الماضي والجيل الحالي سببه الغرور و تعلق الممثلين الحاليين بآمال الشهرة. *** إني ابحث عن ممثل يؤدي دور الراحل "محي الدين باشطارزي"، وعن ممثلة تقوم بدور" السيدة كلثوم" في عملي الجديد " أثير الماضي".