سمعنا كثيرا عن شبكات التزوير التي تستغل طرقا تدليسية للنصب والإحتيال على المواطنين والإيقاع بهم، ولطالما وسعت هذه الشبكات نشاطها في الآونة الأخيرة، ليتورط فيها بالدرجة الأولى، موظفون بمصالح إدارية مختلفة بالبلديات على المستوى الوطني لتشمل، تهما ثقيلة كالرشاوي، سوء استغلال الوظيفة، التهريب الدولي للسيارات والتلاعب في العقارات، بالإضافة إلى تكوين جماعة أشرار، واستعمال المزور، عالجها القضاء الجزائري على مدار سنوات ولاتزال في تصاعد مستمر لتطور الجريمة في السنوات الأخيرة. ولعل قانون مكافحة الفساد فجّر مجموعة لا يستهان بها من القضايا،تواطأ فيها موظفون من أصحاب النفوس الضعيفة، انضموا إلى شبكات منظمة وعصابات وأنشأوا ''جمهوريات موازية'' لبيع شهادات ميلاد، بطاقات إقامة، عقود زواج، بطاقات رمادية، قرارات استفادة كلها مزورة مقابل عمولات تصل إلى 01 آلاف دينار عن كل وثيقة مزورة، جمعنا عينات منها لتكون في الواجهة، باتوا يشوّهون فئة أخرى كبيرة من الموظفين النزهاء والمخلصين لعملهم المكلفين به على مستوى مصالح الدائرات والبلديات. تزوير لشهادات الميلاد، بطاقات الإقامة وتلاعب بملفات قاعدية لسيارات مهرّبة وفي سياق ذي صلة، فإن القضية التي عالجتها محكمة الجنح بالحراش شهر جويلية من العام الفارط، توضح مدى خطورة تورط موظفين ائتمنوا على مناصب حساسة، خاصة منها ما تعلق بمصادقة الوثائق الرسمية واستخراجها، وهي القضية المتعلقة بأكبر ملف تزوير واستعمال مزور في محررات رسمية، تورّط فيه 7 أشخاص من موظفين ببلدية الحراش والدائرة الإدارية لها، من بين 11 متهما، أقدموا على تزوير الملفات القاعدية لسيارات مهرّبة من الإمارات العربية المتحدة، فرنسا، انجلترا والمغرب، مستغلين المناصب التي يعتلوها من أجل تدبر أمر تزوير وثائق السيارات واستخراج أخرى تحت أسماء وهمية لأشخاص آخرين لبيعها مقابل رشاوٍ وعمولات تتراوح ما بين 4 و8 آلاف دينار. وقد عرفت ملفات الفساد في البلديات في الآونة الأخيرة، تصاعدا ملحوظا، حيث بات لابد من دق ناقوس الخطر، جراء ارتفاع نسبة التلاعب في الوثائق الإدارية والمحررات الرسمية، خاصة منها شهادات الميلاد وبطاقات الإقامة لأفراد لا يقطنون على مستوى إقليم البلدية. كما تورّط الموظفون ببلدية الحراش المعاقبين، بموجب الأحكام القضائية الصادرة في حقهم بالحبس ما بين 5 و7 سنوات حبسا نافذا، حسب حكم المحكمة الإبتدائية بالحراش والموجودين بالمؤسسات العقابية، لثبوت ضلوعهم في تزوير البطاقات الرمادية للسيارات مهرّبة من عدة دول، منها الأوروبية والعربية عبر الحدود المغربية والتونسية، من بينهم امرأة التي تعاملت مع مسؤول بالبلدية، وأمضت له على استمارة بيع السيارات، وساعدته على استخراج بطاقات الإقامة وشهادات الميلاد، حسبما صرّحت به أمام وكيل الجمهورية خلال تقديمها، أن هذا الأخير كان يدفع لها مبالغ ما بين 4 و5 آلاف دينار للملف الواحد، وأن شقيقه كان يدفع لها 6 آلاف دينار، ولزميلها 8 آلاف دينار. وتعتبر قضية الحال، من بين أكبر القضايا التي تم من خلالها تزوير ملفات قاعدية لعدد معتبر من السيارات من أنواع مختلفة، أعيد بيعها لمواطنين راحوا ضحية احتيال وتلاعب موظفي البلدية، بتواطؤ مع مهربين للسيارات عبر الحدود الشرقية والغربية للبلاد. موظفون يسّتغلون أختام البلدية وأجهزة الإعلام الآلي لنسخ الوثائق الرسمية مقابل رشاوٍ يستغل بعض الموظفين في مناصب حساسة بالبلديات من أصحاب الضمائر النائمة، عملهم من أجل جمع المال بطرق ملتوية، ببيع وثائق إدارية حسّاسة بدون التفكير في عواقب هذه الأفعال، ولا الضرر الذي يلحق جراء ارتكابها، بنشر الفساد في التعامل مع الإدارات والمؤسسات الإقتصادية الأخرى، خاصة إذا ما أدرجت الوثائق المزورة في ملفات المشاركة في مسابقات التوظيف ومسابقات الدراسات العليا، مما يعد تلاعبا صريحا في مصداقية هذه الإجراءات، كما حصل في الملف التي فتحته محكمة شرشال للتحقيق فيه منذ أشهر، والتي اتضح من خلاله تورط موظف بمصلحة البناء والتعمير ببلدية شرشال، في تزوير محررات رسمية والنشاط في هذا المجال، بتحويل منزله إلى ورشة خاصة وإنشائه ''دولة موازية''، متخصصة في تزوير الوثائق الرسمية، استخراج شهادات وفاة ونماذج من العقود وشهادات الحالة المدنية، مختومة بختم البلدية، مستغلا أجهزة الإعلام الآلي التابعة للبلدية. هذا الملف الذي باشرت الفرقة الإقليمية للدرك الوطني بشرشال، تحرياتها فيه بناء على معلومات بلغتها، تشير إلى وجود شخص يتاجر في ملفات مزورة مقابل مبالغ مالية تصل إلى 8 آلاف دينار للملف الواحد، حيث قامت ذات المصالح بمداهمة مكتبه، باعتبار أنه موظف بمصلحة البناء والتعمير ببلدية شرشال، وأثبت أنه كان وراء تزوير عدد من الوثائق المدرجة ضمن ملفات إدارية خاصة، منها شهادات مدرسية ووثائق الحالة المدنية باستعمال أجهزة إعلام آلي تابعة للبلدية، وتبين أنه امتهن تزوير الوثائق منذ أربع سنوات. وقد تمكنت فرقة الدرك من حجز 18 نسخة طبق الأصل لبطاقات تعريف وطنية، ونسخ لشهادات الميلاد وشهادات وفاة، فضلا عن العثور على 30 شهادة مدرسية بيضاء، تحمل ختم مؤسسات تربوية، سلّمت لشباب من المستوي الإبتدائي والمسرحين من المقاعد الدراسية. وجاء أن مصالح الدرك عثرت بورشة المشتبه فيه، على نماذج من عقود الزواج وشهادات إقامة تحمل أختام البلدية، تمكن من استخراجها باستعمال حاسوب البلدية، وتبين أنه كان وراء تزوير أزيد من 100 ملف استخدم في مختلف المسابقات المهنية ومسابقات الإلتحاق بالأسلاك الأمنية. كما تمكنت مدرسة الصيد البحري بشرشال، من كشف 20 ملفا مزورا تم إيداعه بها. موظفون يتواطأون مع شبكات تهريب السيارات المسروقة من دول أوروبية وعربية تنطلق التحريات التي تقوم بها مصالح الأمن أو الدرك الوطني، في قضايا الإجرام المتعلقة بالنصب والإحتيال والتلاعب في صفقات البيع، في غالب الأحيان من شكوى مواطن وقع ضحية نصب واحتيال وتلاعب في وثائق رسمية، وتنهي بتفكيك شبكة منظمة خطيرة تتفرع جذورها، لتتوصل إلى وجود يد خفية قريبة من الهيئة الصادرة للوثيقة، فيتبن ضلوع موظف بمصلحة معينة بها، فإذا تعلقت القضية بسرقة السيارات أو تهريبها عبر الحدود وتجديد ملفاتها القاعدية مزورة، كثيرا ما يتبين وجود طرف بمصلحة البطاقات الرمادية له يد فيها، هذا ما يتطابق مع قضية حال، التي أحالتها محكمة الشراڤة مؤخرا على المحاكمة، بعد استكمال التحقيق فيها الذي استفاد منها 4 متهمين بانتفاء وجه الدعوى، وتورط فيها31شخصا آخر، من بينهم موظفة بالدائرة الإدارية بالدرارية منذ عام 1999، تعاقبت على عدة مناصب إلى أن تم تعيينها بمصلحة البطاقات الرمادية سنة 2009، ثم تم تحويلها إلى المصلحة التقنية، هذه الأخيرة مهمتها هي حجز المعلومات الموجودة بالملف وتدوينها على شاشة الإعلام الآلي وإعطائها رقما تسلسليا، ثم أرسالها إلى المراقبة، حيث تقوم العون المكلفة بالمراقبة بالإطلاع على الملف، وإن كانت المعلومات متطابقة تطبع البطاقة الرمادية ويتم تسجيلها، ثم تسلّم لرئيس المصلحة للإمضاء عليها. هذه الأخيرة، أنكرت أثناء التحقيق أنها تسلمت الملف من عند زميلها الذي صادق عليه. ملابسات قضية الحال التي أحيلت مؤخرا على المحاكمة، تحركت بناء على شكوى أودعها الضحية ''د. ع''، أمام مصالح الضبطية القضائية بأمن دائرة درارية، تفيد بتعرضه إلى النصب والإحتيال بالتزوير في محررات رسمية تخص سيارة من نوع ''شوفرولي أوبترا''، اقتناها من عند ''ق. محمد''، طال تزوير البطاقة الرمادية المسجلة باسم ''ح. ع''، وتبين بعد التحقيق أن رقم التسجيل المدون بالبطاقة الرمادية غير صحيح وغير مسجل على مستوى نظام تسجيل المركبات. وبعد توسيع التحريات، تم حجز ثلاث من السيارات، ولدى عرضها على المصالح التقنية لشركة تسويق السيارات ''شوفرولي''، اتضح أنها تباع من طرف المؤسسة، وأن ترقيمها غير صحيح، وتبين أنها بيعت من صاحب الإمتياز لتسويق سيارات ''شوفرولي'' بمنطقة دبي ''الإمارات''، إلى صاحب الإمتياز بمدينة طرابلس ''ليبيا''، أي إنها هرّبت من الخارج إلى التراب الوطني، وثبت بعدها لمصالح الشرطة أنهم أمام جماعة إجرامية مختصة في الجريمة العابرة للحدود عبر ليبيا وتونس، ليتم بعد ذلك وبطرق احتيالية وبتواطؤ بعض الموظفين بالدوائر تكوين ملفات قاعدية مزورة خاصة بها، وتسجيل المركبات المهرّبة على مستوى الإدارات المحلية، يتم استخراج منها الوثائق سليمة والنصب على المواطنين. .وآخرون تورّطوا مع سماسرة للتلاعب بالعقارات والقطع الأرضية على مستوى البلديات إن التطرق إلى موضوع تواطؤ بعض من الموظفين بالبلديات، بالنماذج لا يعني حصرها في القضايا الحالية ولا في التهم المذكورة آنفا، وإنما بما عالجته المحاكم عبر الوطن، فبعيدا عن التزوير والإستعمال المزور والتهريب وغيرها، لابد من التوقف عند محور التلاعب في العقارات والمضاربة فيه، التي كثيرا ما تورط فيها موظفون بالبلديات، بقصد منهم أو بدونه، فعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن القضية التي عالجتها محكمة الحراش، قطرة من بحر واسع، هذه القضية التي دخلت التحقيق نهاية السنة الماضية، وقعت ببلدية برج الكيفان تورّط فيها موظفون بالبلدية وسماسرة، وراحت ضحيتها سيدة اقتنت قطعة أرضية بما يقارب 700 مليون سنتيم، تم النصب عليها، بعد أن اكتشفت أن القطعة الأرضية ملك لشخص آخر، وأن المتهمين استغلوا حاجتها الملحة للإحتيال عليها وسلب منها مبلغا ماليا بقيمة 200 مليون سنتيم، بالإضافة إلى مبلغ القطعة الأرضية، على أساس أن حق المسؤولين بالبلدية الذين سيتكلفون بالإجراءات القانونية. ورغم كل التجاوزات التي تم ذكرها إلا أن قانون مكافحة الفساد لايزال يلعب الدور الفعال في مكافحة الجرائم بمختلف أنواعها، خاصة التي تورّط فيها موظفون إداريين وإطارات بالبلديات والمؤسسات العمومية، والدليل على ذلك هو التحقيقات التي لاتزال جارية إلى حد الساعة، للقضاء على شبكات التزوير المنظمة التي تبحث عن أصحاب النفوس الضعيفة من الموظفين في المصالح الحساسة، من أجل مد لهم يد المساعدة، في تمرير ملفات مزورة يصادق عليها لتحمل أختام البلدية، كالملف الذي لايزال قيد التحقيق بالمحكمة الإبتدائية بالحراش، والذي تورّط فيه موظفون ببلدية المحمدية، تواطأوا في منح شهادات الإقامة وتزوير ملفات قاعدية للسيارات. حيث جاء تحريك القضية بناء على توقيف أحد المتهمين بحاجز أمني، اتضح بعد تفتيش السيارة أن وثائقها مزورة صادرة عن بلدية المحمدية. ولدى توسيع التحريات تم التوصل إلى شبكة مختصة في تزوير الملفات القاعدية، وتم توجيه أصابع الإتهام لموظفين ببلدية المحمدية، وأصحاب المركبات المتواطئين. حيث أثبتت التحقيقات الأولية أن الموظفين منحوا لأشخاص بطاقات رمادية مزورة مقابل عمولات، مستعينين بأختام البلدية الرسمية، حيث ثبت وجود ملفات قاعدية مزورة. وتجدر الإشارة، إلى أن مصالح الأمن تسخر سنويا كل تجهيزاتها وعناصرها، من أجل مجابهة العصابات والشبكات المنظمة للحد من انتشار الفساد في المؤسسة الإجتماعية، حيث وضع قانون مكافحة الفساد ميكانيزمات من شأنها أن تسهّل مهمة مصالح الأمن، في إثبات تورط موظفون بالدائرات والبلديات في جرائم مختلفة.