كشف، نورالدين كحال، مدير عام الديوان المهني للحبوب، عن تواجد الجزائر في وضعية خطيرة بسبب عمليات التهريب المفرط فيها للعجائن الغذائية والسميد، وقال ''إن الجزائر تطعم حاليا شعبها وشعبي دولتي تونس وليبيا''، ولم يستبعد المتحدث إمكانية أن يكون مصدر احتجاجات بالولايات الحدودية بسبب النقص المسجل في المنتوجات سالفة الذكر، الأمر الذي أدى بالحكومة إلى فتح تحقيقات حول كافة المطاحن وتجار الجملة لمعرفة وجهة السميد والعجائن الغذائية، وتأكيدها على إصدار عقوبات صارمة في حق هؤلاء في حال ثبوت تورطهم في عمليات التهريب. بداية، كيف وجدتم وضعية الديوان المهني للحبوب يوم تعيينكم في منصب مدير عام له؟ وضعية الديوان المهني للحبوب عند مجيئي كانت ترتكز وبشكل كلي على ما يتم جلبه عبر البواخر ''الاستيراد''، واليوم وبصفتي خبيرا أهتم أكثر بالميدان، فإستراتيجيتنا تغيرت وأدرنا ظهرنا للبحر وأصبحنا نركز على ما تجلبه الأرض من منتوج محلي. نفهم من كلامكم، أن المدير السابق هو من كان وراء ارتفاع فاتورة استيراد القمح من الخارج؟ قلت بأن الخطة المعمول بها في السابق كانت ترتكز على ما نجلبه من الخارج من حبوب واليوم تغيرت.. أنتم فهمتم رسالتي وعلى ما أعتقد كنت واضحا أكثر من اللازم. هل ارتفاع حجم الإستيراد كان مرده إلى صغر المساحة المخصصة لزراعة الحبوب أم عزوف منتجي الحبوب عن الإنتاج؟ سنويا نخصص ما مساحته 3 ملايين و320 ألف هكتار لزراعة القمح والشعير، وهي المساحة التي يشرف عليها 600 ألف فلاح منتج للحبوب يمثلون نسبة 60 من المائة من العدد الإجمالي للفلاحين الناشطين في القطاع، ونخصص 62 من المائة لزراعة القمح بنوعيه ''اللين والصلب'' والنسبة المتبقية تخصص لزراعة الشعير. هناك تركيز كبير على زراعة الحبوب بالجهتين الشرقية والغربية للوطن ونقص في الجهة الوسطى، لماذا؟ هذا صحيح، مليون و350 ألف هكتار يتقاسمها مناصفة منتجو الجهتين الشرقية والغربية فيما تقدر مساحة الجهة الوسطى ب550 ألف هكتار و250 ألف هكتار مساحة مخصصة لزراعة الحبوب في الهضاب العليا والجنوب، ولعلمك فإن قلة المساحة المخصصة لزراعة الحبوب بالوسط تعود إلى تحسن المناخ بها مما يسمح بتخصيص فلاحي هذه المنطقة لزراعة منتوجات فلاحية أخرى. تؤكدون على أن السياسة التي جئتم بها ترتكز على ما تنتجه الأرض وليس على ما يجلبه البحر، وبالرغم من ذلك تستعدون لاستيراد كميات من القمح بنوعيه وحتى الشعير، أين ذهبت كمية ال62 مليون قنطار التي افتخرت بها وزارة الفلاحة وصنعت بشأنها ضجة وطنية ودولية؟ إن كل المؤشرات تفيد وتؤكد على أن التسويق السنوي للحبوب لا يتجاوز ال40 من المائة، وأن الجفاف المسجل العام الماضي قد أثر بشكل رهيب على المخزون الوطني، الأمر الذي جعلنا نرفع من كميات التموين. بكل صراحة، هل دخلت كمية ال62 مليون قنطار المخزون الوطني أم لا؟ ممكن جدا. لا مجال للإحتمالات هنا، هل دخلت أم لا؟ لم أكن في منصب مدير عام للديوان المهني للحبوب، وعلى ما أعتقد أنها دخلت. نعود إلى المنتوج الموجه للاستهلاك الحيواني ''الشعير''، الوزير صرح بتحقيق رقم قياسي في الإنتاج من خلال بلوغ عتبة ال24 مليون قنطار، لكن شكاوى الموالين زادت بالرغم من كمية الإنتاج إلى درجة أنهم صرحوا في أكثر من مناسبة بالإستعانة بعظام زيتون مرحي كأعلاف لرؤوس الماشية، ما تعليقكم؟ ليعلم الجميع، أن الكمية التي تم تجميعها من منتوج الشعير في موسم حصاد 2009 /2010 بلغت 12 مليون قنطار من أصل ال24 مليون قنطار المزعومة أي نسبة 50 في المائة من الشعير المنتج تم الحصول عليه والكمية المتبقية لا ندري وجهتها وأضيف هنا بأن الديوان قد ضاعف من حجم تسويقه لهذا المنتوج لفائدة المربين بثلاثة أضعاف العام الماضي بسبب حالة الجفاف السائدة خاصة في المناطق الرعوية وشبه الرعوية. إذا، هناك تضخيم في الرقم؟ لعلمك ولعلم الجميع فإن ليس كل ما يقدم من أرقام فهو صحيح، والسبب ليس في الوزارة وإنما في منتجي الحبوب. هل من توضيح أكثر؟ من أصل ال600 ألف منتج للحبوب على المستوى الوطني، يوجد 200 ألف فقط يتعاملون مع الديوان المهني للحبوب، والبقية تفضل السوق الموازية وهذا بالاستناد إلى الدراسة التي قمت بها بصفتي خبيرا في كل ما يتعلق بإنتاج الحبوب. وبما ذا تفسر تهرّب ال400 ألف منتج من التعامل مع مؤسستكم؟ تهرّب هؤلاء هو الرغبة في تحقيق الربح السريع في السوق الموازية، والسبب الرئيسي الذي كان وراء هروبهم، يرجع إلى السياسة المعمول بها في وقت سابق والمتمثلة في طريقة تسديد مستحقات منتجي الحبوب، والتي كانت تصل إلى غاية شهرين كاملين بدلا من الطريقة المعمول بها في الوقت الحالي والمحددة ب48 ساعة، لاستلام الشيكات، وهذا بعدما رفعنا عدد نقاط تجميع الحبوب إلى 540 نقطة. بما أنكم تدّعون بحيازتكم على خبرة مهنية في الميدان، هل أنتم قادرون على تغيير ذهنية منتجي الشعير، وتحويلهم إلى التفكير في إنتاج القمح الذي أثقل كاهل الحكومة وكاهل الخزينة العمومية؟ رفعنا سعر القنطار الواحد من القمح الصلب الذي تتسلّمه مباشرة من يد الفلاح المنتج للحبوب إلى 4500 دينار للقنطار واللين، إلى 3500 دينار، وهما سعران مشجعان ومحفزان وسيؤديان بطريقة أو بأخرى إلى التفكير في إنتاج القمح بدلا من الشعير الذي يقدر سعره حاليا ب2500 دينار للقنطار الواحد. تستعدون لاستيراد 50 ألف طن من الشعير قريبا، ألستم قادرين على إنتاجها محليا؟ الاستيراد هو حل مكمل عند تسجيل نقص في المادة، وفي العام الماضي قمنا بتموين مربي الماشية ب10 ملايين قنطار لتغطية النقص المسجل في المساحات الخضراء بسبب حالة الجفاف، فلو لم نقم بذلك لحدثت كارثة في الثروة الحيوانية. وماذا بشأن استيراد القمح بنوعيه؟ سنعلن عن مناقصة دولية لاستيراد القمح والشعير على حد السواء وهذا بعد حملة الحصاد المقبلة. وكم تتوقعون حجم الإنتاج الوطني من القمح والشعير في موسم حصاد 2010 /2011؟ 45 مليون قنطار. قدرة التخزين الوطني تقدر ب23 مليون قنطار، كيف سيكون مصير 22 مليون قنطار المتبقية من أصل إجمالي الإنتاج الوطني المتوقع تحقيقه؟ الفلاح غير القادر على تخزين منتوجه ليس فلاحا. تم مؤخرا إقرار زيادات ب35 في المائة في أجور عمال الديوان المهني للحبوب، وبالرغم من ذلك لم ترفعوا من هامش ربح تعاونيات الحبوب إلى أكثر من 35 دينارا عن القنطار الواحد، فهذا سيخلق عجزا في ميزانيتكم، أين الحل؟ استعنت مؤخرا بخبير في المجال لتحديد القيمة اللازمة لاستعمالها كهامش ربح لتعاونيات الحبوب، الذي لم يعرف تغييرا منذ 15 عاما وسأحول التقرير إلى وزير الفلاحة والتنمية الريفية للموافقة عليه. هناك شكاوى لا متناهية من طرف عمال مؤسسة النقل البري للحبوب ''أغروروت'' بسبب وجود العشرات من شاحنات المؤسسة معطلة والاستعانة بوسائل نقل الخواص، أليس هذا تلاعبا بمستقبل شركة وتلاعب بعمالها؟ أنا على علم بالمهزلة التي طالت شركة ''أغروروت'' وعينت خبيرا للتحقيق فيها وسأحاسب كل من تلاعب بها وأحيله على العدالة، واقترحت مؤخرا على مدير بنك الفلاحة والتنمية الريفية ''بدر'' تمويل الديوان لشراء 540 شاحنة جديدة في إطار ''ليزينغ'' وتحصلت على موافقته، وفور استلامها ستدخل حيز الاستغلال وسيخضع مستعملوها لمحاسبة يومية حول كيفية استغلالها. ظاهرة تهريب السميد والعجائن الغذائية انتشرت بشكل واسع منذ بروز بؤر التوتر في الدول الشقيقة كتونس وليبيا، ما تعليقكم؟ كنت في الأيام القليلة الماضية في جولة ميدانية بالولايات الشرقية واستغربت لوجود تجار الجملة للمواد الغذائية، يساهمون وبشكل رهيب في عمليات التهريب من خلال بيع كل ما لديهم من سميد وعجائن غذائية لتجار التجزئة بأسعار خيالية يتم شحنها في شاحنات بطاقة 20 طنا توجه للتهريب.. فمخزون الجزائر في حالة خطر لأنه يطعم الشعب الجزائري والشعبين التونسي والليبي. هل يمكن الجزم بأن الإحتجاجات القادمة ستكون بالولايات الحدودية مع تونس وليبيا بسبب نقص مواد كهذه؟ الوضعية المسجلة بالولايات الحدودية تتطلب حلا مستعجلا قبل فوات الأوان. وأين الحل؟ نصّبنا لجانا وطنية تتكون من الديوان المهني للحبوب، وزارة التجارة ومصالح الأمن تقوم بتحقيقات حاليا حول المطاحن الموزعة عبر كافة التراب الوطني وتجار الجملة للمواد الغذائية وكل من يثبت تورطه في التهريب سنعاقبه. وكيف ستكون معاقبة هؤلاء؟ كل مطحنة يثبت تورطها في التهريب سنقطع عنها التموين بأمر من الحكومة وكل تاجر جملة يثبت تورطه أيضا سنجرده من السجل التجاري وسيحولون على العدالة. يشاع بأن نوعية البقول الجافة التي هي بحوزتكم ذات نوعية رديئة وبالرغم من ذلك تخصصون منها كميات للقطاع العسكري، ما ردكم؟ لعلمك فإن القطاع العسكري قبل اقتنائه لأية كمية من البقول الجافة ''أرز، حمص، عدس ولوبيا وغيرها'' يتسلّم منها كميات حتى يخضعها لتحليل على مستوى مخبر خاص به، وفي حال التأكد من سلامتها يوفينا بنتائج تحاليله ويحدد لنا الكمية المرغوب في اقتنائها. ما هي الكمية التي توجه للقطاع العسكري من الحبوب والبقول الجافة؟ ممنوعون من التصريح حتى لا تعلم الدول الأخرى بعدد العساكر الذين تتوفر عليهم الجزائر بناء على دراسات تقوم بها. فتح باب استيراد البقول الجافة أمام الديوان المهني للحبوب ماذا نتج عنه؟ مضايقة ''مافيا'' الاستيراد التي حققت ربحا سريعا طيلة عشرية كاملة غاب عنها الديوان، واليوم عاد وعمل على تخفيض الأسعار ب30 من المائة مقارنة بالأسعار التي أثقلت كاهل المستهلك الجزائري. من أين تستوردون؟ نستورد الحمص ذا النوعية الجيدة من المكسيك والأرز من أمريكا. هناك ''مافيا'' ''تزنّ'' على رأس وزير الفلاحة والتنمية الريفية من أجل العودة إلى احتكار عمليات استيراد الحبوب والبقول الجافة بأكثر من أي وقت مضى، ما تعليقكم؟ ''مافيا'' الاستيراد تشكل خطرا على الاقتصاد الوطني وعلى المواطن، لأنه عند ارتفاع أسعار هاذه المنتوجات في السوق الدولية يتوقفون عن الاستيراد دون التفكير في مصير الوطن والمواطن. أين هو دور الديوان المهني للحبوب من حيث المساهمة في توفير مناصب شغل جديدة؟ لدينا مشروع سيرى النور قريبا، يرمي في مجمله إلى تمكين الطلبة الحاملين للشهادات الجامعية والمتخصصين في المجال من إنشاء مؤسسات خدماتية سواء كان ذلك بصفة فردية أو جماعية تخدم مصلحة منتجي الحبوب من خلال شراء جرارات ووسائل معالجة البذور وزرع الحبوب في إطار ''ليزينغ'' أي الشراء عن طريق الكراء، وسيتكفل الديوان المهني للحبوب بتأطير هؤلاء. وهل من مساعدات أخرى تشجيعية لمنتجي الحبوب؟ بالطبع، هناك مساعدات سنعلن عنها قريبا تتمثل في منح منتجي الحبوب لإعانات مالية من أجل إنشاء وحدات للتخزين، وهو الإجراء الذي سيمس المنتجين الحائزين على مزارع ذات المساحة الكبيرة فقط.