أوهموه أنه ربح 27 ألف دولار و قطع من الألماس و سيارة بورش ألمانية لا زال نشاط الوكالات والشركات الوهمية الموزعة عبر العالم يتزايد بشكل مكثف ومركز على منطقة المغرب العربي و خاصة الجزائر التي أصبح شبابها عرضة للإغراءات الكاذبة استغلالا لظروف مرت بها البلاد وذلك من خلال البريد العادي أو الالكتروني. و في هذا الإطار تأتي قصة الشاب محمد ك من الطارف لتطرح العديد من التساؤلات في إيجاد حل قانوني يحمي من جرائم الاحتيال العالمي و يدعو إلى محاصرة الظاهرة التي تديرها شبكات لا تبدو أنها هاوية أو عفوية بل تحركها جماعات إجرامية منظمة تنشط في سرية تامة و مع أن القانون لا يحمي المغفلين فان المغفلين يمكن أن يكونوا بداية الخيط الذي يفكك تلك العصابات الإجرامية التي لا تقل خطورة عن الإرهاب لم يكن محمد ك الذي يعاني أزمة اجتماعية خانقة بسبب الديون المتراكمة عليه يعلم أن القدر يحمل إليه رسالة من سويسرا مختومة و مرفقة بوثائق شبه رسمية و رغم انه لا علاقة له بأي شخص أو مؤسسة في هذا البلد و ليست لديه علاقات خارجية فقد تعجب في بداية الأمر حتى تأكد من اسمه و عنوانه على الظرف و ما إن فتحه حتى كاد يصاب بالإغماء من شدة الدهشة عندما تفحص مضمون الرسالة المكتوبة باللغة الانجليزية تعلمه بأنه فاز بمبلغ 27 ألف دولار أي ما قيمته بالدينار الجزائري أكثر من 190 مليون سنتيم و أربعة قطع من الماس الخالص و سيارة من نوع بورش الألمانية وما عليه إلا الاتصال بهاتف الشركة و إعادة إرسال الوثائق بعد ملئها إلى العنوان البريدي و قبل الإجراء عليه أن يسدد مبلغ التحويل مقداره 19 دولار عن طريق وضع رقم الحساب الخاص باكسبريس كارت أو أمريكان كارت و التي لا يتم التعامل بها في الجزائر بالإضافة إلى منع عمليات الصرف في البنوك الجزائرية و تحويلها إلى الخارج. محمد ك وقف بين مصدق و مكذب لكنه وضع احتمال صدق الرسالة التي ستخرجه من مأزقه الاجتماعي و توجه إلى اقرب هاتف ليكلم الرقم المسجل فوجد شخصا يتحدث الانجليزية بطلاقة يعلمه فيها بأنه كان محظوظا في عملية السحب التي جرت بمقر المؤسسة المتواجدة بسويسرا و المختصة في تسويق المجوهرات الثمينة إلا أن الشاب الجزائري أوضح له بأنه يصعب عليه تحويل المبلغ البسيط مقابل المبلغ الضخم الذي فاز به لذا اقترح على المتحدث ممثل الشركة المزعوم بأنه على استعداد للتنقل إلى سويسرا على حسابه لكن المتحدث حاول إقناعه بان الجزائريين من الصعب عليهم الحصول على تأشيرة السفر إلى سويسرا لكن الشاب أصر على انه مستعد لإقناع السفارة لتقطع المكالمة و شعر محمد بان الرقم الهاتفي صحيح و بالتالي يحتمل أن تكون العملية أصلا حقيقية مع انه تساءل مع نفسه انه متيقن بأنه لم يشارك في أي مسابقة أن لا احد في الخارج لديه عنوانه و اسمه و بدا في تحضير اتصالاته و كثرت أحلامه ليتوجه مباشرة إلى العاصمة تونس حيث تقع القنصلية السويسرية في المنزه 2 بالعاصمة و اخذ كل الملف الذي حصل عليه من القنصلية نفسها عن طريق الهاتف و حدد موعدا للاستقبال على أساس أن بحوزته دعوة رسمية من شركة سويسرية و مباشرة بعد وصول دوره دخل على القنصل العام بعد إلحاح جزائري معهود و طلب منه التأشيرة إلا أن القنصل الذي احتار لقضيته طلب وثائق الفوز و بعد الاطلاع عليها ترجاه الصبر و كان محمد قد حجز تذكرة السفر ذهابا و إيابا إلى العصمة السويسرية جنيف بينما مقر الشركة المزعومة متواجد بمدينة زوريخ مما يكلفه مبلغ ثمانية آلاف فرنك سويسري عن طريق القطار و بعد نصف ساعة عاد القنصل العام ليؤكد لمحمد بأنه أجرى اتصالاته الرسمية و لم يعثر على اسم الشركة في سويسرا لكن محمد صمم على السفر كسائح و لان شخصيته ارتاح لها القنصل العام باعتباره ذو مستوى جامعي و موظف و رب عائلة فقد منحه تأشيرة الدخول إلى الأراضي السويسرية لكن في مدة أقصاها ثمانية أيام و فعلا توجه محمد بعدها إلى مطار هواري بومدين الدولي و انطلق نحو سويسرا ليصل مطار جنيف الدولي ثم إلى مدينة زوريخ و هناك بدا رحلة البحث عن العنوان الذي لم يجده أصلا و استنجد بالشرطة السويسرية و بعض المواطنين إلا أنهم أقنعوه بان زوريخ لا توجد بها هذه الشركة و أن ظاهرة النصب و الاحتيال تكون وراء وقوعه في شبكة إجرامية تجمع الأموال بهذه الطريقة و قد واجهته صعوبات جمة بعد استهلاكه المبلغ المالي الذي أخذه معه و استلفه من احد معارفه باعتبار أن المعيشة اليومية في هذا البلد الأوروبي جد باهظة و قد عانى الكثير من التشرد خلال أيام على أساس انه مرتبط بموعد الطائرة الأسبوعي و عاد من سويسرا يجر الخيبة وانهيار الأحلام و صرح لنا بأنها كانت تجربة مريرة و أليمة. و في هذا السياق لازال العديد من المواطنين يقعون حاليا ضحايا البريد الالكتروني المجهول في العاب وهمية و شركات إجرامية بحاجة إلى متابعة و حلول قانونية.حتى لا تتكرر مأساة محمد.