السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته أمّا بعد: أمي نور؛ أنا فتاة في 26 من العمر، مشكلتي مع عجوز شمطاء، إنها جدتي التي تعيش معنا للأسف ، منذ أن كنت صغيرة وأنا لم أر منها إلا القسوة، سواء معي أو إخوتي أو أمي وحتى أبي، وهذا كله لأنها لا تحب أمي، رغم أنها طيبة معها ولم تؤذها أبدا. عندما كنت صغيرة كنت أذهب مع جدتي لزيارات تقوم بها، ولم يكن حديثها إلا عن أمي وبالسوء ظنا منها أنّي لا أفهم ما تقول كنت أتألم لكلامها لأنّها كانت تذكر كلاما غير صحيح عن أمي، كانت تضربني لأتفه الأسباب، ولكنّي لم أشعر بالضغينة تجاهها، لأن الطفل ينسى بسرعة، فكانت تجذبنا إليها مجددا بكلمات منمقة أو نقد قليلة، وأحيانا تعمل حتى على تحريضنا على والدتي. وعندما كبرت تقدم لي عرسان كثر، وزاد حسدها لي فقط، لأن بنات بناتها لم يتزوجن، أما أنا وأختي يتقدم لنا العرسان بكثرة، ويوما بعد يوم يزداد نجاحي في الدراسية وحتى العمل، إلا أنها لا تظهر الفرحة لذلك، ويزداد كرهها لي والدعاء عليّ بالشر حتى من دون سبب، تتكلم عني لإخوتي وفي نفس الوقت تتكلم عن إخوتي لي، وأنا أتألم كثيرا لتصرفاتها، صدقيني أمي نور لقد نقلت لك القليل القليل من أعمالها السيئة. المهم من كل هذه التصرفات، أصبحت أشعر بالسلبية تجاهها والكره الشديد، أصبحت أتحاشى لقاءها أو التحدث معها، ساعديني أعلم أنني مخطئة، لذلك أرغب في التخلص من هذا الشعور، فهي رغم أنفي جدتي، ومن واجبي طاعتها ورعايتها. نجاة/ ميلة الرد: عزيزتي؛ أسأل الله أن يُذهب عنك هذه النظرة السلبية تجاه جدتك، وأن يرزقك العفو والصفح والحلم وسعة الصدر، وأن يُبدل هذه النظرة السلبية إلى نظرة إيجابية، وأن يجمع بينكما على الخير أمّا بعد: ممّا لا شك فيه أنّ هذه التصرفات غير السوية وغير الطيبة وغير الطبيعية، ألقت بظلالها على قلبك منذ نعومة أظفارك، وقام عقلك الباطن بحفظها في داخله، ولم يستطع التخلص منها، لأنّها سمة غالبة ولم تتوقف فترة من الزمن حتى نقول بأننا من الممكن أن ننسى، ولعلها ما زالت مستمرة إلى الآن، كما فهمت من رسالتك، وهذا الذي يجعل من الصعب عليك أن تتجاوزي هذه التصرفات، وأن تنظري إليها نظرة إيجابية. إنّ هذا الشعور شعور طبيعي، لا تستطيعين التخلص منه بسهولة، لأنّه أصبح جزءً من أجزاء الشّخصية، ولأنّه تركز في ذاكرتك عبر السنين الطّويلة، فأنت الآن وصلت إلى السادسة والعشرين من عمرك، فهذا الأمر كان يزيد كلما حدث موقف كلما زادت الكراهية والشعور بعدم الرضا. عزيزتي؛ نحن كما تعلمين لا نملك التّحكم في قلوبنا، ونحن لا نحاسب على ما في قلوبنا أو على الحب أو البُغض، وإنما نحاسب على التصرفات التي تترتب على هذه المحبة أو الكراهية، فإذا شعرت بأنّها في حاجة إلى بعض المساعدة سواء كانت مادية أو غيرها فقدميها بلا تردد، بهذه الكيفية تستطيعين أن تعوضي هذه النظرة السلبية أو هذه الأفكار السلبية التي في نفسك. عليك بالدعاء لها أيضا أن يغفر الله لها وأن يعفو عنها، وأن يطيل عمرها على طاعته، فحاولي أن تنفعيها بكل وسائل النّفع، واجتهدي في ذلك قدر استطاعتك، ثم بعد ذلك كما ذكرت حاولي أن تجتهدي في الإحسان إليها بكل جوارحك وبكل ما تملكين، وبإذن الله لن يكون عليك شيء، ولن تأثمي ولعلك بالدعاء والإلحاح على الله أن يُخرج هذه الكراهية من قلبك، وأن يملأ قلبك بمحبتها ومحبة أهلك، لأنّه الوحيد جل جلاله الواحد الأحد المتصرف في القلب والذي يستطيع أن يقلب القلوب من كراهية إلى حب ومن حب إلى بغض. ردت نور