يقول البعض الألسن أن اختلاف الأمة رحمة، ويقول الكثيرون: إن اتفاق الأمة على قضية واحدة أمر مستحيل، وأن الأصل هو الاختلاف ولو لم يوجد لوجب أن نعمل على إيجاده لكي تكون حياة الأمة طبيعية في كل جوانبها..؟ فلسفة الاختلاف تدور على ألسنة الكثيرين، ومع أنني أحد هؤلاء إلا أنني أرى أن الاتفاق على بعض القضايا ضرورة ملحة وأن المجتمع سيقف عاجزا عن تقديم تقدما حقيقيا في حياته إذا كان سائر شؤونه تخضع لدائرة الاختلاف المطلق !.. هناك اختلاف لاشك فيه بين هذه الطوائف، قد يقل كثير بحيث لا يشعر به أهله مثل الاختلاف الفقهي بين المذاهب الأربعة، ولكن قد يصبح هذا الاختلاف أكبر وقد يصبح قابلا للتمدد كما هو الحال بين السنة والشيعة، أما الاختلاف بين أصحاب الأديان فهو غير قابل للاتقاء في جميع الأحوال..؟ ولكن لماذا يكون التعايش أمرا لابد منه؟ في رأيي أن البديل عن التعايش هو الاختلاف الدائم الذي قد يوصل إلى الاقتتال وهذا أمر مرفوض بكل المقاييس.. ! وهنا ولكي نحقق هذا الهدف يجب أن يحترم كل فريق معتقدات الفريق الآخر قولا وعملا سرا وجهرا، فلا يصح أن أحدا من هذا الفريق يطعن في معتقدات الفريق الآخر أو علمائه، كما لا يصح الطعن في رموز الفريق الآخر من الصحابة أو المعتقدات بكل الصور، وفي جميع الحالات !.. هذا الاختلاف المذهبي الديني قد يتجاوز عنه ويجاري البعض بعضه خاصة الأجيال الحالية التي لم تعد تعطي للموضوع أهمية قصوى خاصة في بلاد المغرب العربي ،لكن من الناحية السياسية فالأمر يختلف ،وقد يصبح خلافا حقيقيا خاصة إذا أدخل الدين في السياسة بمعنى أن يصبح كل من له نزعة دينية أو عاطفة متوقدة تجاه الدين يصبح يفتي في الأمور السياسية المتعلقة بممارسات بشرية قد تصيب وقد تخطيء ،وهذا ما يجعل من البعض يتجاوز في حق الآخر وينعته بما لا يليق بالإنسان المتحضر ..؟ !