أعرب قادة عدّة أحزاب سياسية أول أمس عن استيائهم ممّا وصفوه بالانسداد السياسي والاجتماعي الذي ميّز الساحة في الآونة الأخيرة، داعين إلى ضرورة التعاون وتكثيف الجهود من أجل تغيير النّظام الحاكم وإيجاد حلّ سريع للوضع الحالي. ومن جهة أخرى، انتقد رؤساء بعض التشكيلات السياسية تعاطي الإعلام وبعض الشخصيات المحسوبة على المعارضة مع الوضع الرّاهن، مشدّدين على ضرورة التحرّك للقيام بخطوات فعّالة للخروج من المأزق عوض الاكتفاء بالتقييم والتشخيص. بن عبد السلام: «لابد من مشروع جادّ للتغيير» عبّر جمال بن عبد السلام رئيس حزب جبهة الجزائرالجديدة في كلمة ألقاها خلال ندوة نظّمها الحزب في المركز الثقافي (عزّ الدين مجوبي) بالعاصمة عن استيائه من الانسداد السياسي الذي تعيشه الساحة السياسية في الآونة الأخيرة، وحمّل مسؤولية الرّكود السياسي وتردّي الوضع الاجتماعي للحزب الحاكم الذي قال إنه (أوصل سفينة الجزائر إلى الغرق) وقادها إلى انسداد سياسي تامّ تضرّر منه هذا الحزب أيضا، مستدلاّ على ذلك بالتأخّر الذي عرفه تشكيل الطاقم الحكومي الجديد. كما أضاف رئيس حزب جبهة الجزائرالجديدة أن النّظام صار عبئا على الشعب والدولة على حدّ سواء، حيث أصبح يشكّل خطرا على نفسه أيضا نظرا لتراكم المشاكل وتدهور الأوضاع. وأشار بن عبد السلام في هذا الصدد إلى مشكل الأسواق الفوضوية، موضّحا أن (الحكومة خيّرت التجّار المعنيين بين الفوضى وقطع الأرزاق)، وهذا لافتقارها إلى رؤية سياسية رشيدة، على حدّ قوله. ومن جانب آخر، انتقد جمال بن عبد السلام تعاطي الإعلام مع الوضع الذي تعرفه الساحة السياسية والاجتماعية في الآونة الأخيرة، مؤكّدا أن الإعلام ركّز على مسائل جزئية وغير مهمّة وضرب مثالا بذلك بالنّسبة الاقصائية والانتخابات المحلّية التي كانت حديث الصحف وكافّة الوسائل الإعلامية، إلى جانب اعتماد الرئيس على وزير أوّل غير متحزّب لقيادة الفريق الحكومي الجديد وكلّها مسائل (لا تقدّم ولا تؤخّر في وضع الجزائر على الطريق الصحيح)، على حد تعبيره، ودعا في ذات السياق إلى ضرورة التعاون من أجل إيجاد طريقة لتغيير النّظام الحاكم الذي أصيب (بالعجز والشلل وهو ما ترجمته جميع السياسات التي اصطدمت بالجدار). ودعا رئيس جبهة الجزائرالجديدة من جهة أخرى إلى تغيير النّظام الحالي، مؤكّدا أن هناك تقبّلا واستعدادا شعبيا للقيام بعملية التغيير، لكن ينقصها التحرّك الجادّ والفعّال، مبرزا ضرورة ميلاد معارضة وطنية جادّة لإحداث التغيير الحقيقي الذي يتطلّع إليه الشعب، إلى جانب توفّر آليات التغيير وخطابه وأهدافه لضمان نجاحه. وأكّد بن عبد السلام أن حزبه سائر في إطار تحقيق ذلك وفق شعار (لا عنف، لا انتقام، لا صمت ولا خوف من القمع والترويع والتضييق). وفي الأخير وجّه رئيس جبهة الجزائرالجديدة جمال بن عبد السلام نداءه إلى من أسماهم رجالات النّظام الشرفاء والعقلاء لتحمّل مسؤوليتهم في وقف الفساد ووضع حدّ لهذا (السقوط الحرّ)، كما طالب المعارضة الوطنية بالتكتّل والاجتماع على مشروع جادّ للتغيير دون فتح الأبواب لأيّ تدخّل خارجي، داعيا النّخب و(أصحاب الضمائر الحيّة) إلى الالتفاف حول هذا المشروع، وفي ذات السياق شدّد على ضرورة تفادي التزييف وإخفاء الحقائق مخاطبا رجال الإعلام قائلا: (كفانا تضليلا للشعب الجزائري). أمّا عن الحلول التي سيتمّ من خلالها إحداث التغيير الجادّ فقد اقترح بن عبد السلام أن يتمّ تنظيم ندوة سياسية بمشاركة السلطة يتمّ فيها تشكيل حكومة وحدة وطنية لخلق نظام سياسي جديد، إلى جانب انتخاب هيئة من أجل التحضير لتأسيس دستور جديد تتمخّض عنه المنظومة القانونية والتشريعية، زيادة عن تنظيم انتخابات تشريعية ومحلّية وفق القوانين الجديدة والعودة إلى القانون في تسيير شؤون البلاد لاستعادة مكانة الجزائر الدولية. جرافة: «النّظام سبب الانسداد السياسي» من جهته، أعرب عزّ الدين جرافة منسّق تكتّل الجزائر الخضراء عن انزعاجه من الواقع الذي تعيشه الساحة السياسية والاجتماعية، مشيرا إلى أن هناك انسدادا على مختلف المستويات نتيجة الإخفاقات التي سجّلها النّظام عبر عقود من الزمن، حيث وصل بالبلاد إلى عجز عن الخروج من هذا الانسداد، على حد قوله. كما أشار جرافة في هذا الصدد إلى بعض أسباب الرّكود الحاصل كغياب المبادرات السياسية الجادّة، تشتّت المعارضة السياسية وتشرذمها واكتفائها بالنّقد والتشخيص دون تقديم الحلول. وحاول منسّق تكتّل الجزائر الخضراء وضع معالم التغيير الذي من المفترض أن يحصل للخروج من حالة الانسداد التي مسّت كافّة المجالات على حد تعبيره ، حيث أكّد على ضرورة أن يكون التغيير شاملا وكاملا بما في ذلك النّظام الحاكم وسياسة الحكم وتغيير الدستور والقوانين، كما أشار إلى أهمّية مشاركة الشعب واحتضانه لعملية التغيير التي تستجيب لتطلّعاته واحتياجاته، داعيا وسائل الإعلام باختلافها إلى مرافقة عملية التغيير والتخلّي عن فكرة تيئيس المواطنين التي يروّج لها الإعلام اليوم لصالح بعض الأطراف، حسب تصريحه. غرمول: «لابد من التغيير» من جانبه، أبدى عبد العزيز غرمول رئيس حزب الوطنيين الأحرار استعداده للتعاون مع أيّ جهة تعمل من أجل التغيير، مؤكّدا أن حزبه (جاهز للتعاون مع كلّ من يريد العمل من أجل التغيير)، وفي تقييمه للوضع السياسي أعرب عن استيائه من الانسداد والرّكود الحاصل، مشيرا إلى أن التأخير الذي دام ثلاثة أشهر أفرز حكومة (لا لون لها ولا انسجام)، واصفا التعديل الحكومي الجديد بالفضيحة (بعد فضيحة البرلمان الذي يعجز أغلبية نوابه عن تمثيل أنفسهم فما بالك بتمثيل الشعب). ومن جهة أخرى، دعا رئيس حزب الوطنيين الأحرار الشعب الجزائري إلى العصيان والانتفاضة من أجل إحداث التغيير المنشود، وقال في هذا الصدد إنه على (الشعب أن ينتفض وأن يعصي من أجل التغيير)، مؤكّدا أن حزبه ماض في نضاله أمام (هذا النّظام الذي أصبح خطرا على الدولة الجزائرية). صالحي: «هناك محاولات لإدخال الجزائر في انزلاق أمني» عبّرت نعيمة صالحي رئيسة حزب العدل والبيان من جهتها عن استيائها من تردّي الأوضاع السياسية والاجتماعية منتقدة دور السلطة في التعامل مع الكثير من المشاكل، وتطرّقت في مداخلة سريعة لها خلال الندوة إلى بعض النقاط الهامّة كالتهاب أسعار المواد الاستهلاكية وحملة القضاء على تجارة الأرصفة والسوق الموازية التي باشرت الحكومة تنفيذها مؤخّرا. حيث رأت صالحي أنها مجرّد محاولة لدعم أصحاب (البازارات)، وأضافت في ذات السياق أن هناك أطرافا تسعى لدفع الشعب إلى الخروج عن نطاق النّظام والقانون العام من أجل الدّفع بالجزائر إلى الوقوع في انزلاق أمني، وهو ما ترجمته الكثير من الممارسات التي ميّزت شهر رمضان الماضي كانقطاعات الكهرباء والحرائق التي غاب فيها رجال الحماية المدنية لأغراض مقصودة ومدروسة، على حدّ قول صالحي. كما تطرّقت إلى المشاكل الاجتماعية التي أرجعت أسبابها إلى تقصير من السلطة. ومن جهة أخرى، انتقدت رئيسة حزب العدل والبيان ما وصفته بالتقصير الدبلوماسي الجزائري في التصريح بما يحدث في مالي وعلى الحدود الجزائرية المالية، مؤكّدة أنه من حقّ الشعب الحصول على المعلومة، أمّا عن تأخّر تشكيل الطاقم الحكومي الجديد فقد أرجعته إلى صراع حول الأسماء التي يجب أن تكون ضمن الفريق الجديد. وتطرّقت رئيسية الحزب خلال مداخلتها أيضا إلى وضعية الأحزاب التي وصفتها بالمهزلة، منتقدة تحويل الأحزاب إلى مؤسسات عائلية واقتصار النشاط السياسي على مناسبات معيّنة. هذا، وقد أشارت صالحي إلى نتائج الانتخابات التشريعية بنوع من التفصيل متّهمة الحزب الحاكم بالتزوير والعبث بأصوات الشعب.