ما زال المهتمّون بما يجري في قطاع الصحّة ينتظرون الإفراج عن مسابقة التوظيف في القطاع التي تعوّدوا على إجرائها سنويا، فرغم أن كلّ المعطيات تشير إلى أن القطاع بحاجة ماسّة إلى الموارد البشرية في جميع الهياكل إلاّ أن الكثير من الغموض مازال يكتنفها، سواء على مستوى عدد المناصب المالية المفتوحة أو التخصّصات الموجودة، وهو ما جعل نقابات الصحّة تستنكر الوضع، فيما ذهبت نقابة الأطبّاء الأخصّائيين إلى المطالبة بمقاطعتها لخرق القائمين عليها القوانين المعمول بها. ينتظر الآلاف ممّن يحملون التخصّصات العلمية، خاصّة في مجال الطبّ والصيدلة وحتى خرّيجي المدارس شبه الطبّية إلى جانب متخرّجي الإدارة مسابقة التوظيف في قطاع الصحّة التي دأب القطاع على إجرائها سنويا لتدعيم أجهزته بالموارد البشرية، وقد تمّ الإعلان عن عدد المناصب المالية المفتوحة في بعض الولايات على غرار إليزي، الوادي والنعامة. هذه الأخيرة تمّ الإعلان بها بحر الأسبوع الفارط عن فتح مسابقة لتوظيف طبيب عامّ في منصبين، جرّاح أسنان (منصبان) و03 مناصب بيولوجي من الدرجة الأولى للصحّة العمومية ومنصبين لملحق المخبر في الصحّة العمومية، فيما ما تزال ولايات أخرى تنتظر نصيبها، وهو ما ولّد حالة من الترقب، خاصّة وأن هناك عددا كبيرا من المستشفيات تلقّت تعليمة الوزارة لتحديد حاجياتها البشرية، ليزداد الوضع سوءا أمام دعوة نقابة الأطبّاء الأخصّائيين لمقاطعة مسابقة التدرّج الخاصّة بهم والمزمع إجراؤها شهر أكتوبر المقبل، فيما حدّد تاريخ إيداع الملفات في الفترة الممتدّة ما بين 09 سبتمبر و09 أكتوبر 2012، إلى جانب تراكم مشاكل النّقابات مع الوزير السابق بسبب اختياره سياسة الهروب إلى الأمام بدل الحوار وإيجاد حلول ناجعة لطلبات عمّال القطاع. مرابط: «التعتيم يطبع سير المسابقة» كشف أمس إلياس مرابط رئيس نقابة الممارسين في الصحّة العمومية أنه سيتمّ الإعلان عن تاريخ إجراء مسابقة التوظيف لقطاع الصحّة والسكان خلال الأيّام القليلة الماضية، داعيا جميع مديري المؤسسات الاستشفائية إلى الإعلان عن عدد المناصب المالية المفتوحة وتاريخ إيداع الملفات حتى يتمكّن جميع الرّاغبين في اجتياز المسابقة والحصول على منصب دائم من إيداع ملفاتهم في الآجال القانونية المحدّدة. أعرب مرابط عن استيائه من التعتيم الذي يمارسه مديرو المؤسسات الاستشفائية ومسؤولو القطاع في الإفراج عن عدد المناصب المالية المفتوحة وتاريخ إجراء الامتحان، معتبرا أن هذا الأمر سيقصي عددا كبيرا من المترشّحين بسبب سياسة المحاباة المتّبعة من طرف المسؤولين، ودعا جميع الرّاغبين في اجتياز المسابقة للتوجّه إلى المديريات الولائية للصحّة للاطّلاع على جميع المعلومات المتعلّقة بالمسابقة، كما طالبهم بعدم التردّد في تقديم الطعون في حال لم يحترم مديرو المراكز الصحّية المدّة القانونية للإعلان عن المسابقة، والتي تقدّر ب 10 أيّام على الأقل قبل تاريخ نهاية إيداع الملفات وهذا حتى تتّخذ كافّة الإجراءات القانونية ضدهم. كما أوضح محدّثنا أن المسابقة تفتح الباب لجميع التخصّصات من الأطبّاء والصيادلة إلى عمّال المخابر والممّرضين والأسلاك المشتركة للعمّال المهنيين وأعوان الأمن للإدارة. ويحقّ لأيّ شخص توفّرت فيه الشروط الترشّح للمسابقة، سواء كان ينتمي إلى المؤسسة الاستشفائية أمّ لا، كما اعتبرها فرصة للعمّال المتقاعدين وعمّال عقود ما قبل التشغيل للحصول على منصب شغل دائم كلّ حسب تخصّصه. الأطبّاء الأخصّائيون يجدّدون تمسّكهم بمقاطعة مسابقة التدرّج من جهتها، النقابة الوطنية للممارسين الأخصّائيين في الصحّة العمومية جدّدت على لسان رئيسها يوسفي محمد تمسّكها بمقاطعة أوّل مسابقة تدرّج لأخصّائيي الصحّة العمومية من أخصّائي مساعد إلى أخصّائي رئيسي كون المشرفين عليها من خارج القطاع، وهذا ما اعتبرته النقابة خرقا واضحا للقانون. أوضح يوسفي أن عمّال القطاع، خاصّة الأطبّاء الأخصّائيون كانوا ينتظرون المسابقة منذ أكثر من 20 سنة، إلاّ أنها شهدت خرقا واضحا للقانون لأن لجنة التحكيم الخاصّة بها تتكوّن من إطارات بوزارة التعليم العالي وليس من أصحاب الكفاءة والخبرة بالصحّة العمومية. كما أن الغموض ما يزال يلف عددا من نقاط توزيع المناصب المفتوحة بها، وهي إهانة لأصحاب القطاع وإقصاء واضح للأخصّائيين من اللّجنة الوطنية المشرفة عليها، داعيا في الوقت نفسه إلى رفض كلّ قرارات وزارة الصحّة بهذا الخصوص وإلى مطالبة السلطات بتصحيح ما أسماه التعدّي الصارخ على القانون، وكذا رفض المرسوم التنفيذي الوزاري لتنظيم هذه المسابقة، مضيفا أن هناك اجتماعا طارئا للنقابة سيعقد في الأيّام المقبلة، وكلّ الخيارات مطروحة للردّ على هذا التعدي الصارخ. كما أشار يوسفي إلى أن هناك خرقا صارخا آخر للقانون يتمثّل في أن الوزارة وفي إطار الإعداد للخريطة الصحّية تخطّط لتخصيص كلّ الشمال للمؤسسات الجامعية الطبّية دون المؤسسات العلاجية، وهذا خرق واضح للقانون غير موجود في أيّ دولة بالعالم، وأن الخريطة الصحّية كان من المفترض أن تحدّد فيها احتياجات التكوين الطبّي والعلاج بدقّة في ظلّ وجود نقص حادّ في الكفاءة الطبّية بالجزائر والهجرة الجماعية لأخصّائيي الصحّة العمومية نحو القطاع الخاص والخارج في ظلّ حقيقة ميدانية تؤكّد أن 400 من أصل 8000 فقط لديهم الخبرة لأكثر من 20 سنة في المستشفيات الجزائرية.