أفرزت الحملة الانتخابية الجارية تحسبا لانتخابات العاشر ماي القادم من خلال التنافس المحتدم بين مختلف التشكيلات الحزبية والقوائم الحرة، وضعا لا يختلف عن الاستحقاقات السابقة من حيث طبيعة القوى والتوجهات والإيديولوجيات المتنافسة على الظفر بأصوات الهيئة الناخبة. بعد 10 أيام من انطلاقتها أفرزت الحملة الانتخابية وضعا سياسيا جديدا بنفس الألوان القديمة، حيث يتصارع على مقاعد البرلمان المقبل إما الأحزاب المهيمنة بتسمياتها وقياداتها وإيديولوجياتها في العهدة البرلمانية الحالية، وإما تشكيلات جديدة قديمة دخلت معترك السياسة بعناوين جديدة ومضامين فكرية وإيديولوجية قديمة، وبين هذا وذاك قوائم حرة معظمها وليدة الصراع على التموقع داخل الحظيرة الحزبية القديمة. وإلى اللحظة يطغى على المشهد الانتخابي الصراع والتنافس الشديدين بين حزب جبهة التحرير الوطني، جبهة العدالة والتنمية لعبد الله جاب الله والتجمع الوطني الديمقراطي لأمينه العام أحمد أويحيى، وتكتل الجزائر الخضراء بمكوناته الثلاثة (حمس، النهضة والإصلاح)، بالإضافة إلى حزب العمال لأمينته العامة لويزة حنون وبتأثير محسوس أيضا يبرز حزب الحرية والعدالة لمحمد السعيد. ومن دون تجاهل أدوار أحزاب أخرى مثل الجبهة الوطنية الجزائرية لموسى تواتي، تحضر جبهة القوى الاشتراكية كمحرك وفاعل قوي في الفعل السياسي الذي تشهده البلاد، بينما يحاول عمارة بن يونس ملء الفراغ السياسي الذي تركه قرار المقاطعة المتخذ من طرف التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية الذي يديره محسن بلعباس خلفا لسعيد سعدي الذي يعد الغائب الأكبر في تشريعيات 2012. واللافت هو أن كل من التشكيلات المذكورة، استطاعت رسم خطة الدفاع عن برنامجها وتوجهها، فما بات يعرف بتكتل الجزائر الخضراء استطاع تقديم نفسه ممثلا للتيار الإسلامي بامتياز بعد ضمه التشكيلات الإسلامية الثلاث، (حمس، النهضة والإصلاح) وكلاهما يتفق مع الآخر حول معارضة ما يعرف بأحزاب السلطة (الأفلان والأرندي) من جهة، ومن جهة أخرى مقاومة ما يعرف في أدب الإسلاميين بالمد العلماني الذي يمثله حزب عمارة بن يونس والويزة حنون، بينما تقف الأحزاب الثلاثة على خط الحياد مع الأفافاس بحكم الغياب الطويل للأخير عن المشهد الانتخابي وبالتالي انعدام نقاط خلافية تأجج الصراع بينه وبين الإسلاميين. كما يتميز المشهد الانتخابي بهدنة غير معلنة بين جبهة بلخادم وتجمع أويحيى اللذين تخوض قيادتهما حملة انتخابية هادئة تركز على محاربة الانتقادات الموجهة لأحزابها من طرف أحزاب المعارضة، الأمر الذي أغنى كل حزب عن التصادم مع الآخر، والتفرغ للدفاع عن المنجزات المحققة من طرف البرلمان والحكومة الحاليين، عسى أن يجلب ذلك مزيدا من تأييد الهيئة الانتخابية بدلا من الدخول في حرب خاسرة مع أطياف العارضة المختلفة.