يرتبط اللعب ارتباطا وثيقا بمرحلة الطفولة ويعتبر سلوكا طبيعيا في حياة كل طفل, إلا أن عملية اختيار اللعبة المناسبة باتت ضرورة حتمية تتطلب معرفة واطلاعا مسبقا. عادة ما يفضل كل طفل اختيار اللعبة التي تشد انتباهه من خلال الشكل والألوان باعتبارها أكثر ما ينجذب إليه الطفل لتكون النتيجة في النهاية حقيبة من الألعاب التي قد لا يدرك الأولياء خطورة ما قد تحتويه, خاصة وأن الكثير من الآباء يجهلون طريقة اختيار اللعبة المناسبة من حيث السن والجنس, ويتركون للأبناء حرية اختيار اللعب التي يريدونها, وعن إدراك بعض الأولياء لمدى أهمية اختيار اللعبة المناسبة والخطر الذي يمكن أن يلحق بالأطفال جراء بعض الألعاب, طرحنا السؤال على بعضهم, فكان أول ما لمسناه هو غياب ثقافة اختيار لعب الأطفال, حيث تؤكد «نوال» أن اللعبة هي ملك للطفل, وبالتالي له حرية اختيار ما يريد, تقول: «أنا لا أتدخل في الألعاب التي يريدها أطفالي, بل أترك لهم حرية الاختيار», وهي حال كثير من الأطفال المدللين الذين ما إن يضعوا أيديهم على لعبة حتى تكون من نصيبهم وهو ما يثير غضب «محمد» الذي صار لا يدخل السوق مع أبنائه, يعلق على مسألة اختيار اللعب فيقول أن اللعبة تبقى مناسبة مادام سعرها معقولا. في حين أجمع البعض أن أغلب اللعب لا يمكن أن تحدث أي خطورة, فهي مجرد ألعاب مصنوعة من مادة البلاستيك ولا تشكل خطورة, إلا على الرضع في حال كانت ملوثة, ولم يتم تعقيمها على حد تعبير البعض. أطفال يميلون إلى لعب لا تخص بني جنسهم من نتائج جهل الأولياء بأهمية اللعبة في حياة الفرد, ظهور بعض الحالات لأطفال يميلون إلى ألعاب لا تخص جنسه,م أين نجد إناثا يفضلن اللعب بالمسدسات البلاستيكية, السيوف والكرات, في الوقت الذي يفضل فيه بعض الذكور اللعب بالدمى, وهو حال الطفل «سفيان», صاحب الثلاث سنوات ونصف, لاحظت عليه أمه أنه يفضل اللعب مع الإناث, ورأته أمرا عاديا مادام لايزال صغير السن, إلا أن ما أثار استغرابها هو أن طفلها لا يلعب سوى بالدمى, تقول: «نهرته عدة مرات ومنعته من اللعب بالدمى, كما أحاول أن أقنعه أنها خاصة بالبنات فقط, لكن دون جدوى, فهو يتشبث بأول دمية يراها أمامه ولا يكف عن البكاء إلا إذا ضمها إلى صدره, فتجده يلعب بها كأي طفلة يمشط شعرها ويلبسها ثيابها, بل ولا ينام إلا وهي أمامه, ما جعلني أمنع دخول أي دمية للبيت», وهكذا بقيت «أم سفيان» في حيرة من أمرها, وكيف يمكن أن تخلص ابنها من اللعب بالدمى سوى أن تحرم أخته, إلا أن «رانيا» صاحبة الخمس سنوات كانت أكثر استرجالا, فهي تفضل اللعب دوما بألعاب طالما كانت حكرا على الذكور, فلعبة الشرطي واللص تستهويها, خاصة عندما تحمل مسدسا بلاستيكيا في يديها, ولكن ذلك لا يقلق أهلها الذين يعتبرون الأمر مجرد لعبة تلعب بها الفتاة كالفتى. أخطار صحية وعقلية تتربص بالطفل يؤكد الكثير من الأخصائيين في علم النفس أن هناك العديد من الألعاب التي تشكل خطورة على صحة الطفل أو حتى على طريقة تفكيره, ومن الأخطار الصحية التي سجلت ما تعلق بالكرات الصغيرة المعروفة لدى العامة ب»البوس» والتي أدت إلى حالات اختناق عند بعض الأطفال الذين قاموا ببلعها بعد أن وجدوها مبعثرة في أنحاء البيت, كما أدت بعض الطلقات من مسدس بلاستيكي إلى إصابة أطفال بجروح خطيرة على مستوى العين وهو ما حدث مع «وليد» الذي أجريت له مؤخرا عملية جراحية على مستوى العين اليسرى بعد أن أصيب برصاصة بلاستيكية أطلقها ابن عمه لتصيب مباشرة قرنية عينه وتحدث تمزقا بها, فيما تعرضت «رميساء» لكسور خطيرة توقفت على إثرها عن الدراسة لأزيد من شهرين, وذلك بعد سقوطها وهي تلعب بزلاجات ذات عجلات دون أن ترفقها بلوازم الحماية. أما من الناحية الفكرية فيرى بعض الأخصائيين أنه وباستثناء ألعاب التركيب والألعاب التي تتطلب قوة في التركيز, فإن البقية تحدث نوعا من الركود العقلي لدى الطفل. هذا, ولاحظ بعض الأولياء أن أولادهم يميلون كل الميل إلى لعب تمثل شخصيات مجسدة في أفلام كرتونية أو حتى بوليسية, وعادة ما تمثل شخصية البطل في الفيلم, كما يفضلون اللعب التي تجسد مبدأ العنف من خلال الأقنعة المخيفة كالمسدسات, البندقيات وحتى السيوف البلاستيكية, إضافة إلى سيارات السباق والدراجات التي تعكس مدى إعجابهم ببعض الرياضات المثيرة وغيرها من الألعاب التي يجمع الأغلبية أنها تعرف تنوعا كبيرا في ظل تزايد عدد المحلات التي تعرض الألعاب المستوردة دون أن يدرك الآباء حقيقة المواد الأولية التي تصنع منها بعض اللعب والتي يمكن أن تنعكس سلبا على صحة الأطفال مع مرور الوقت. وما يسجل على الكثير من الآباء أنهم لا يعرفون كيف يختارون اللعبة التي تناسب الطفل من حيث الفترة العمرية, فتجد أطفالا في مرحلة الطفولة المبكرة التي تفوق سن الخمس سنوات, إلا أنهم مازالوا يلعبون بلعب خاصة بالرضع, لأنهم يفضلونها أو لم يجدوا غيرها, وهو ما تنفيه «ليندة» التي تؤكد أنها تختار لعب أطفالها بعناية فائقة وتحاول دوما أن تكون مناسبة لمستواهم الفكري, وبما أنها خريجة علم النفس, فلا يمكن أن تخطأ في هذا المجال على حد قولها, فطفلها الذي يدرس في التحضيري مثلا توفر له ألعابا تتطلب جهدا فكريا مثل تركيب الصور وترتيب الأرقام وغيرها من الألعاب الفكرية التي من شأنها أن تعمل على تنمية قدراته الفكرية.