يتأثر كثير من الأولياء بخبر ميلاد طفل معوق والذي يكون وقعه أشد بالنسبة للأم وهو ما يتجلى في تلك التصرفات المضطربة التي تصدر عن كثير منهن ما يتطلب تكفلا نفسيا خاصا بالأم لمساعدتها في تجاوز الصدمة وتوفير كامل الرعاية لطفل الإحتياجات الخاصة. عادة ما يبني الأبوان آمالا كبيرة حول طفلهم المنتظر، خاصة الأم، فهي من تحمله في أحشائها وتنتظر ولادته على أحرّ من الجمر ليكون مصدر سعادتها، وهذا هو الشعور الطبيعي الذي تحمله كل أم، ولكن الموازين تنقلب والمشاعر تتغيّر بالنسبة لبعض الأمهات ممن فجعن بخبر إعاقة الجنين، حيث وجدن أنفسهن في دوامة من الصراعات النفسية التي تعكس صعوبة تقبلهن لتلك الإعاقة. وتختلف ردات فعل كثير من الأمهات في كيفية تعاملهن مع الوضع، وإن وجدنا من تتقبل الأمر وتسعى للتكيّف معه، فإن أخريات تفضلن التنازل عن أولادهن نهائيا أو تهملن رعايتهم، وللتقرب أكثر من هذه الحالات قابلنا أمهات عايشن التجربة وعانين من أثر الصدمة منهن "لامية.أ" التي عانت كثيرا من أمر إنجابها لطفل معوق، تقول عن هذا: "في الشهر الخامس من الحمل أجريت فحصا للتأكد من وضع الجنين، وهنا كانت المفاجأة، حيث علمت أن الطفل الذي انتظره سيولد معوقا، لم أتمالك نفسي حينها وشعرت وكأنها نهاية العالم، حيث راودتني أفكار كثيرة عن مستقبل الطفل وكنت أطرح أسئلة لا أجد لها اجابة، كيف سأربيه؟ كيف سينظر إليه المجتمع؟ خاصة وأن إعاقته كلية"، تضيف عن تعاملها مع الوضع: "..لكن وبمساعدة المحيطين بي ودعمهم لي على تجاوز الأمر، استطعت تخطي ذلك، وأنا الآن أربي طفلي وأحاول أن أحيطه بكامل الرعاية والحنان". سيّدة أخرى عاشت الوضع، لكن هذه المرة ليست والدة الطفل، بل عمته التي تكفلت بالعناية به بعد أن لاحظت اهمال أمه في رعايته، حيث كانت تقتصر على اطعامه وتنظيفه فقط، في حين أخذت العمة على عاتقها مسألة العناية النفسية والفيزيولوجية من خلال إخضاعه لجلسات التقويم العضلي، حدثتنا العمّة عن كيفية تعامل زوجة أخيها مع خبر حملها بطفل معوق حركيا فتقول: "لم تتقبل زوجة أخي خبر حملها بطفل معوق، حيث قررت الإجهاض لولا أننا منعناها من ذلك، كما رفض الأطباء إجراء العملية، وبعد الولادة، لاحظت أنها لم تكن تمنحه الرعاية اللازمة، لذلك طلبت أخذ الطفل لأعتني به أكثر، وهذا ما حصل، فهي لم تمانع وأنا الآن أهتم به وأحاول قدر المستطاع إدماجه في المجتمع". ومن أجل الوقوف على تصرفات بعض الأمهات تجاه الوضع قابلنا السيدة "زيرا براشمي" قابلة ممتازة بقسم التوليد بمستشفى مصطفى باشا والتي كشفت أن نتائج التحاليل "المورفوغرافي" يكون خلال الأسبوع 20 من الحمل، ويتم خلاله معرفة وضع الجنين إن كان سليما أو يعاني إعاقة حركية ما، فيما يتم الكشف عن وجود اعاقة ذهنية خلال الأسبوع 12 من الحمل، وعن ردود فعل الأمهات بعد سماع الخبر، أكدت المتحدثة أنها شهدت حالات كثيرة لأمهات أردن الإجهاض فور تلقيهنّ الخبر، توضح عن دور القابلة في التعامل مع الوضع: "الإجهاض ممنوع بالمستشفى، إلا في حالات خاصة، حيث يترك الأمر للقدر فإما أن يموت الجنين في بطن أمه وإما يولد معوقا وهناك حالات يموت فيها الطفل فور ولادته". أم تتخلى عن ابنها بعد أن ولد بدون يدين يكون وقع الصدمة بالغ الأثر على الأم لدرجة يمكن أن تصدر عنها ردود أفعال قاسية تنعكس سلبا على الطفل، فهناك أمهات يرفضن تقبل الأمر ويقررن التخلي عن الطفل فور ولادته، هذه التجربة عاشتها القابلة "بوسبت"، قابلة ممتازة بمستشفى مصطفى باشا، حيث أشرفت على ولادة طفل بدون يدين والذي قررت والدته التخلي عنه وتركه بالمستشفى بحجة أنه سيخيف إخوته في حال أخذته إلى البيت، وقد تمت العناية به لمدة ستة أشهر، ثم نقل إلى أحد مراكز الطفولة المسعفة. تقبل الزوج يقلل من أثر الصدمة على الأم وعن سبب صدور تلك الأفعال من قبل بعض الأمهات، أوضح "منصور بوبكر" أستاذ علم النفس بجامعة الوادي أن المرأة تعتبر الحمل هدية ويعّد مفخرة وانتصارا لها، وبالتالي عندما تتلقى خبر حملها بطفل معوق تصاب بخيبة أمل كبيرة، حيث تقول في نفسها "أخفقت فيما أنجبت"، وأشار حول الحالة السيكولوجية للأم إلى أنها تمّر في هذه الحالة بثلاث مراحل: الإنكار، الحزن والأسى، الرفض والتبرير. وعن كيفية إعلامها بالخبر. ينصح استاذ علم النفس أنه من الأحسن إخبار الزوج أولا. وهو بدوره يخبرها. لأن تقبّل الزوج للأمر يخفف عن الزوجة ويساعدها على تجاوز الأمر. وبهذا تتفادى الشعور بالذنب الذي يؤدي إلى حالة الإهمال المتمثل في الإنكار أو تخبئة الطفل من الناس وغيرها من التصرفات السلبية.