لا يزال قطاع البيئة بولاية مستغانم يتخبط في الكثير من المشاكل التي قد تزيد في التدهور البيئي بهذه الولاية الساحلية، التي تستقطب في كل صائفة ما يزيد عن ال 10 ملايين مصطاف وأكثر من 500 سائح أجنبي. من المؤسف حقا أن تبقى هذه الولاية الجميلة تتخبط في مشكلة القضاء والحد من انتشار مختلف الفضلات وسط الأحياء السكنية وعلى الطرقات وغيرها، لكن ما يشوه أكثر هذه المدينة هي تلك المفرغات العشوائية التي تبقى النقطة السوداء منذ عقود من الزمن حيث عجز المسؤولون بربوع الولاية في احتوائها، إذ لا تزال 28 مفرغة عمومية تسير بطريقة عشوائية، حيث أطنان من مختلف الفضلات ترمى وتحرق بطريقة غير صحية، مهددة صحة العائلات القريبة من تلك المفرغات كما هو الحال ببلدية حاسي ماماش، أين تحولت هذه الاخيرة الى مصدر خطير حقيقي مع مرور الوقت. ورغم إنجاز مركز للردم التقني للنفايات ببلدية السور والتي تضم عدة بلديات منها عاصمة الولاية مستغانم، لكن هذه الاخيرة شهدت عدة توقفات بسبب مضايقة السكان المحليين كونها شيدت فوق معلم أثري، وهي تستقبل يوميا آلاف الأطنان من النفايات القادمة من المناطق المجاورة. لكن ذلك يبقى غير كافي حيث تفتقر معظم بلديات الولاية من هذه المنشآت الضرورية خصوصا بالجهة الشرقية، وإن كانت بلدية سيدي علي قد استفادت مؤخرا من مركز تقني جديد ومركز آخر للنفايات الهامدة ببلدية الطواهرية إلا أنّ ذلك يبقى غير كافي مقارنة مع عدد بلديات الولاية ال32، لتبقى هذه الأخيرة تعتمد على مفرغات عشوائية عبارة عن مساحات أرضية تودع فيها مختلف الأوساخ يوميا، وأنّ عملية حرقها أصبحت تشكل خطرا حقيقيا على العائلات التي تقطن بالقرب منها، ناهيك عن الحشرات الضارة والروائح الكريهة التي تنبعث منها. فوضى وتخبط كما أنّ تلك المفرغات التي يزيد عددها عن 28 مفرغة تبقى فوضوية وتفتقر إلى المعايير التي أقرها القانون الخاص بإنشاء مثل تلك المنشآت المصنفة، حيث أنّ العديد منها تفتقر إلى سياج يقي الفضلات من الرياح حتى لا تنتشر هنا وهناك وتلوث المحيط، وقد تسبب غياب السياج أو الجدران الواقية في دخول الحيوانات الضالة التي تحولت مع مرور الوقت إلى مصدر خطر على المواطنين، في ظل غياب الرقابة وعدم وجود استراتيجية واضحة من قبل الجهات المعنية، زيادة عن نقص اليد العاملة ووسائل العمل في فرز النفايات. وإذا أخذنا كل بلدية على حدى، نجد من المشاكل التي تعاني منها بلدية أولاد بوغالم الساحلية التي تبعد عن عاصمة الولاية بأكثر من كم شرقا، بجانب غياب مركز ردم تقني لاحتواء الفضلات المنزلية التي تضطر مصالح البلدية إلى رميها في حفرة وسط الغابة المطلة على البحر المتوسط، مما جعل ذلك المكان القريب من الشاطئ الصخري للكاف الأصفر يتحول إلى مرتع للحيوانات الضالة بدل أن يكون مكان للراحة والاستجمام، خصوصا وأن هذا الأخير يجمع بين زرقة البحر وخضرة الاشجار المحيطة به من كل جانب وكان في وقت سابق مقصدا للشباب وحتى العائلات. كما أنّ عدم وجود سياج بتلك المفرغة الفوضوية جعل الأكياس البلاستيكية وكذا باقي الفضلات الاخرى تنتشر على مساحة واسعة من الغابة، مهددة بذلك البيئة خصوصا وأنّ هذه الأخيرة غير بعيدة جدا عن مركز البلدية، في وقت يقصد المنطقة سنويا آلاف المصطافين وحتى السياح القادمين من مختلف البلدان الأوروبية، وإن كانت مؤخرا فقدت بريقها سياحي بسبب المشاكل التي يعاني منها القطاع خصوصا انعدام هياكل الاستقبال ومرافق الإيواء. غياب مركز تقني للردم زاد من الكارثة انعدام مفرغات عمومية تعاني منه باقي بلديات الدائرة، على غرار خضرة التي تحولت المفرغة العمومية بها الى مشكل حقيقيا يواجه السلطات المحلية ونفس الشيء بباديتي عشعاشة والنكمارية، بفعل غياب مركز تقني لردم النفايات بهذه الدائرة التي تضم أكثر من 80 ألف نسمة، جعل المحيط البيئي ببلدياتها يتدهور من يوم لآخر، مما جعل اصدقاء البيئة يدقون ناقوس الخطر. أما ببلدية حجاج فالمفرغة تتوسط الأراضي الفلاحية التابعة لإحدى المستثمرات الفلاحية مما جعلها تهدد مساحات واسعة من القطع الأرضية المحيطة بها نتيجة انتشار الكبير للأوساخ نتيجة الرياح، والأمثلة كثيرة، حيث المشكل ذاته تعاني منه جل بلديات الولاية التي تبقى عاجزة عن حسم معضلة الأوساخ، وكذا الحد من انتشارها والقضاء عليها. وإن كان القانون البلدي رقم 01/19 المؤرخ في 12 ديسمبر 2001 المتضمن تسيير النفايات ومراقبتها، ينصان على مسؤولية البلدية في مجال المحافظة على الصحة والسلامة العمومية والمتعلقة أساسا بتسيير النفايات باعتبارها المسؤول الأول والمباشر، إلاّ أنّ غياب مخطط توجيهي أو سياسة خاصة لجمع ونقل وإزالة هذه النفايات أمام عدم توفر الإمكانيات المادية والبشرية وغياب الحس المدني لدى المواطنين يجعلها عاجزة عن تحقيق الهدف. ويبرر مراقبون للوضع، أنّ مسؤولية البلدية عن انجاز أماكن لرمي النفايات، راجع للتوفر عن قطع أرضية مناسبة بعيدة عن السكان ولا تهدد الوسط البيئي، كما أنّ اشراك المواطن في انجاز مثل تلك المنشآت المصنفة أصبح من الضروري لتجنب مشكلات مستقبلية قد تتخبط فيها مصالح البلدية مثلما يحدث الآن ببلديتي حاسي ماماش وكذا السور. تفعيل التنمية المستدامة يمرّ من هنا يُطالب المواطنون بضرورة تحويل تلك المفرغات التي تحولت في ظنه إلى مصدر خطر مع مرور الوقت، فالقانون رقم 03/10 المؤرخ في 19 جويلية 2003 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة يحدد القواعد العامة التي يجب احترامها لحماية البيئة عند الأقدام على إنجاز أي مشروع، كما ينص على ضرورة اعلام المواطن وإشراكه في القرار. وأمام غياب مراكز الردم التقني للنفايات وسوء تسيرها، والانتشار الكبير لمختلف الاوساخ سيما الفضلات المنزلية التي اضحت تشوه مختلف الاماكن والأحياء السكنية وحتى باقي المواقع الجميلة بالولاية والتي قد تكون مقصد زوار الولاية الذين يتوافدون عليها سنويا، ليس في موسم الاصطياف فحسب بل باقي أيام السنة كون الولاية تعد من الأوائل في تنظيم مختلف المهرجانات الثقافية والدينية والأيام الوطنية التي تعقد من حين لآخر.