دعا خبراء اقتصاديون أمس، إلى استحداث نوع جديد من الضرائب موجه لفئة الأغنياء، أطلقوا عليه مسمى «ضريبة الأغنياء». بالتزامن علمت «السلام» من مصادر حسنة الإطلاع، أنّ مصالح الأمن شرعت في تحقيقات واسعة للكشف عن مصادر أموال نحو ألف شخص ينتمون إلى فئة «الأثرياء الجدد» وفق المبدأ الشهير «من أين لك هذا؟ ». في تصريحات خاصة ب «السلام»، أوضح «بشير مصيطفى» و»عبد الرحمان مبتول» وكذا «عبد الكريم بهلول»، أنّ ضريبة الأغنياء تفرض نفسها بقوة، بعدما ارتفع أعداد هؤلاء بشكل كبير خلال العشريتين الأخيريتين، وقدّر الثلاثة أنّ ضريبة الأغنياء ستدعم بشكل كبير خزينة الدولة، إذ سيتسنى بنظر مصيطفى جمع نصاب ضخم من المال يمكن أن يتم توجيهه لتفعيل مشاريع تنموية تدفع عجلة الاقتصاد المحلي، خصوصا في ظلّ الأزمة المالية العالمية التي بدأت تلقي بظلالها على الجزائر. واعتبر مراقبون هذه المبادرة استنساخا لنموذج تم تطبيقه سابقا في الولاياتالمتحدةالأمريكية، ويؤيد هؤلاء فكرة تطبيق الضريبة إياها في الجزائر نظرا للفعالية الكبيرة التي أبانت عليها تطبيقات مماثلة في عدد من دول العالم على غرار فرنسا. وبمنظور محللين، فإنّ الإجراء في حال ترسيمه سيساعد بشكل كبير في الحد من « ظاهرة الثراء اللا مشروع» على حد تعبير أحد محدثينا -، حيث ستتولى هذه الضريبة الكفيلة تقليم «أظافر» بعض الأغنياء الذين انتهجوا طرقا غير مشروعة في تحصيلها، في إحالة على استفادة بعضهم من امتياز العفو الجبائي. عودة «من أين لك هذا؟» إلى ذلك، قالت مصادر مطلّعة ل»السلام»، إنّ فرق تحقيق خاصة تابعة لإدارة الضرائب والجباية أعدّت قائمة ضمت مقاولون ورجال أعمال، وكذا بعض مسؤولي شركات خاصة متخصصة في استيراد المنتجات الغذائية ومواد التجميل، وتعدّ هذه التحريات الأولى من نوعها منذ إعلان الرئيس «عبد العزيز بوتفليقة» الحرب على الفساد، وتشمل العملية التقصي بشأن الذين اغتنوا على نحو مفاجئ غداة انفجار الفتنة الدموية في الجزائر خلال تسعينيات القرن الماضي. وتركّز التحقيقات على تتبع مسار تطور الثروات التي تم تكوينها بطرق مشبوهة، وتبحث في مختلف التمظهرات الخارجية للجيل الجديد من الأثرياء، مثل بناء سكنات فخمة وتحصيل عقارات بكيفيات ملتوية، واقتناء السيارات الفاخرة في ظرف زمني قياسي، وتتم مقارنة هذا النسق من الحياة الذي يسلكه الأثرياء الجدد مع مجمل الكشوفات الخاصة بالتصاريح بالأموال والممتلكات والمداخيل المقدمة لمصالح الضرائب. وكان بوتفليقة، توعدّ قبل سنوات، من سماهم «الرؤوس الفاسدة»، واعتبر أنّ الفساد واللصوصية صارا «إرهابا جديدا» يتهدد الجزائر، وشدّد بوتفليقة وقتئذ، على أنّه ماض في حربه التي أعلنها منذ وصوله الحكم العام 1999 على بارونات الفساد، متابعا أنّ هذه الحرب ينبغي أن تستمر بلا هوادة لوضع حد للرشوة والفساد وتبديد المال العام وتبييض الأموال والاختلاسات. وأشار تقرير للمفتشية العامة للمالية، أنّ ما لا يقل عن ثلث الشركات الاقتصادية في الجزائر تعمد إلى الإدلاء بتصريحات كاذبة وتمعن في الغش الضريبي للإفلات من الرقابة، وهو ما أدى إلى ضعف مستوى التحصيل الضريبي خارج نطاق المحروقات، وأقرّ التقرير المرفوع إلى وزارة المالية للبتّ فيه، إنّ مصالح الضرائب أضحت عاجزة عن مواجهة بعض الشركات الناشطة خارج القانون، وأشار التقرير بوضوح إلى أنّ 35 بالمائة من الشركات الناشطة في الجزائر، تعتمد على الغش الجبائي وعدم التصريح بأرباحها وأرقام أعمالها الحقيقية، كما ركّز التقرير على ممارسات غير قانونية يلجأ إليها أرباب الأعمال ومسؤولي الشركات الاقتصادية، للإفلات من قبضة الضرائب وذلك استنادا إلى معاينات ميدانية، كشفت عن تواجد أزيد من 15 ألف مستورد وهمي يقفون وراء إغراق السوق الموازية بالسلع التي غالبا ما لا تتناسب مع مواصفات الأسواق العالمية. وجاء في التقرير أن 44 في المائة من المؤسسات الاقتصادية الوطنية لا تصرح بأرباحها في الآجال المحددة قانونا، فيما تصرح 17 في المائة من هذه المؤسسات بتسجيلها عجزا في الأرباح، كما أشار في السياق ذاته إلى أنّ 51 في المائة من التجار الصغار يتهربون من دفع الضرائب ويقدمون تصريحات غير دقيقة للإفلات من التزاماتهم الجبائية، ونفس الملاحظة تنسحب على المهن الحرة مثل المحاماة والطب والموثقين، حيث لا يدفع 36 في المائة من هؤلاء ضرائبهم.