لا تزال المستثمرات الزراعية تراوح مكانها رغم مضي سنتين على إطلاقها، ما يثير حزمة من التساؤلات، بعدما توقع الكثيرون حدوث “ثورة زراعية ثانية” فور وضع المستثمرات المذكورة على المحك في فيفري 2010 ، بموجب توليفة “عقود الامتياز”، إلاّ أنّ المراهنات لم تتحول إلى واقع ملموس، رغم أنّ اهتمام السلطات بتشجيع الشباب على إنشاء مستثمرات زراعية خاصة أتى لإخراج القطاع من عنق الزجاجة وإنعاش الزراعة التي ظلّت تعاني من الركود رغم كل الملايير التي أنفقت عليها خلال السنوات ال11 الأخيرة. ويكشف “علي معطى الله” مدير الديوان الوطني للأراضي الفلاحية، أنّ 219 ألف شخص معنيون بعقود الامتياز الفلاحية التي أقرّها مرسوم 03/10 المؤرخ في 15 أوت 2010 والمحدد لشروط استغلال الأراضي الفلاحية من طرف المواطنين المعنيين، خاصة الفصل الخاص بحق الامتياز القائل بمنح أراضي فلاحية مستصلحة لفائدة الراغبين بتنميتها بموجب عقد مدته 40 سنة قابلة للتجديد. وفي تصريحات خاصة ب«السلام”، يرفض معطى الله ما يقال بشأن ارتهان المستثمرات، ويفيد أنّ القانون الصادر قبل سنتين حمل نتائج جد إيجابية على صعيد الاستغلال العقلاني للأراضي الفلاحية وتفعيلها خدمة للاقتصاد المحلي، كاشفا عن تسجيل مصالحه ل219 ألف معني بالأمر، وفق إحصائيات السادس جوان الجاري الذي كان آخر أجل لإيداع الملفات. وأكّد معطى الله معالجة مصالحه ل151 ألف ملف من أصل 198 ألف طلب استفادة، بينها 134 ألف فلاح أمضوا على دفتر الشروط، منها 16352 دفتر تمت المصادقة عليه نهائيا من طرف مصالح أملاك الدولة والإدارة. كما أشار المتحدث إلى تأجيل دراسة 38 ألف طلب بسبب مشاكل تقنية على غرار تغيير حجم المساحة الأصلية القديمة ومشكل الوراثة، وكذا بعض الأخطاء الواردة في مستندات البيع لمن قاموا ببيع أراضيهم، قصد منح أصحابها مهلة إضافية لتسوية ملفاتهم بشكل نهائي وقانوني تفاديا لأية مشاكل مستقبلية. وبخصوص المنشور الوزاري 108 الخاص بالمستثمرات الفلاحية المصادق عليه يوم 22 فيفري 2011 من طرف مجلس الوزراء، أوضح مدير الديوان الوطني للأراضي الفلاحية أنّ مساحة الأراضي المعنية بهذا الإجراء، بلغت وفقا لإحصائيات أوائل الشهر الجاري 468 ألف هكتار وزعت منها 2763 هكتار على 730 معني مؤهل للاستفادة منها، منهم 512 ألف أمضوا على دفاتر شروطهم، صادقت مصالح أملاك الدولة على 471 ألف منها بشكل رسمي وتم إيداعها لدى المصالح المختصة، منوها بكون ال23 ألف ملف المتبقية سيتم معالجتها لاحقا بحكم عدم تقييد هذا المرسوم للمعنيين بمهلة زمنية محددة. في سياق ذي صلة، كشف معطى الله عن استفادة ما يفوق 12 ألف فلاح من مرسوم 83 / 18 الخاص بمنح عقود ملكية الأراضي بالجنوب لكل من استصلحها، مشيرا إلى أن المساحة الإجمالية المهيئة لهذا الغرض قد بلغت 137 ألف و571 هكتار، وتوقع المسؤول ذاته أن تشهد السنوات القليلة المقبلة التقييم النهائي لنشاط وفعالية الفلاحين المستفيدين من هذه الأراضي بالجنوب الجزائري . بالمقابل، يشير الخبير عبد الرحمان مبتول، إلى أنّ المستثمرات الفلاحية لم تعط إلى حد الآن نتائج ذات بال، رغم تموقع الخطة في حد ذاتها كفرصة استثنائية لاستحداث مناصب عمل وتحقيق الأمن الغذائي، وكونها تؤشر على تحول في استثمار العقار الزراعي وتطوير الإنتاج المحلي شريطة جدية سيرورة هذه المستثمرات حتى لا تجترّ أخطاء الماضي. وعرضت السلطات في الفترة القليلة الماضية ما يزيد عن المائة ألف مستثمرة زراعية للاستغلال على مزارعين غالبيتهم من شريحة الشباب، وتأتي العملية بموجب القانون الجديد حول الأراضي التابعة للدولة الذي دخل حيّز التنفيذ قبل ثمانية أشهر، ونصّ في خطوطه الكبرى على تحويل حق التمتع الدائم للمستثمرات الزراعية إلى حق الامتياز لمدة 40 سنة قابلة للتجديد والرهن. ثمار قد يطول جنيها يصف وزير الزراعة والتنمية الريفية رشيد بن عيسى، المستثمرات الناشئة ب«الواعدة” تبعا لإسنادها إلى شبان ظلوا ينشطون في مكاتب دراسات متخصصة كمستشارين زراعيين، وهو ما سيمكّن هؤلاء المطلعّين على خبايا الميدان من دعم ديناميكية التجديد الزراعي والريفي، سيما مع استفادتهم من قروض بنكية مشجّعة للتشغيل في القطاع وتوسيع القواعد المنتجة. ويركّز بن عيسى على أنّ مفاتيح نجاح هذه المستثمرات النموذجية، بيد الشباب المدعوين للتجند من أجل “الريادة” من خلال الإجادة في استصلاح الأراضي وتسييرها واستغلالها، على درب عصرنة الزراعة الموسومة بكونها “رئة الاقتصاد المحلي”. كما يلّح المسؤول الأول عن قطاع الزراعة في الجزائر، على حساسية اندراج مكاتب الدراسات ضمن التصور الجديد للمستثمرات، حيث يتعين عليها مرافقة المزارعين بما ينعكس نوعيا على زراعة الحبوب وتربية المواشي والاقتصاد الزراعي، حتى تتجسد المرامي، بدوره، يجزم شريف بن حبيلس، أنّ المستثمرات الزراعية ستشجع أصحابها على الإنتاج وتحديث التجهيزات الزراعية وخاصة تسوية وضعية آلاف المستثمرات التي بقيت مُهملة، ما يؤشر على تغير الساحة الزراعية المحلية في غضون 18 شهرا، وهي مدة تمثل المهلة التي منحتها الدولة لصالح الشبان الذين يريدون استغلال الأراضي عن طريق الامتياز. ويثمّن بن حبيلس المدير التقني للتأمينات بالصندوق الجزائري للتعاضد الزراعي، روح المبادرة التي تمكّن من استقطاب مزارعين شباب وتحفيزهم على الاندماج في صيغة جديدة مربحة تمنح أكثر استقلالية للمستثمرين وتفسح لهم المجال لإقامة شراكات. واستبعادا للشكوك التي تحوم حول تكرار ما شهدته الجزائر خلال الفترة الماضية من تحويل آلاف المستثمرات الزراعية عن مهمتها، يشير علي حمداوي، مدير المصالح الزراعية أنّ المسألة خاضعة لدفتر شروط صارم، ما جعل الديوان المحلي للأراضي الزراعية يقرّ 42 بالمائة فحسب من آلاف الطلبات المرفوعة. ويؤكد حمداوي أنّ الملفات التي تشكّل مشكلات ولا تتوافر على الشروط المطلوبة ليست قانونية ولن يتم التعامل معها، مشددا على حتمية حيازة المعنيين لعقود امتياز قانونية لمستثمراتهم، موضحا أنّه لن يتم الاعتراف بمشروعية كل عقد لم يتم اعتماده على مستوى الجهات المختصة. ويتصور حمداوي أنّ التسيير الجديد سيحمي كلا من المزارعين والأراضي الزراعية حتى لا يتم التضحية بها لفائدة التوسع العمراني، وتقدّر مساحة هذه الاراضي بحدود 2.5 مليون هكتار كانت تسير إلى غاية جويلية 2010 في شكل مستثمرات زراعية جماعية وفردية، بعد تصفية التعاونيات الزراعية التي تأسست في سبعينيات القرن الماضي، حينما تبنت الجزائر المنهج الاشتراكي وأطلقت “الثورة الزراعية” التي انبثقت هي الأخرى عن أملاك ظلت مسيّرة ذاتيا غداة استقلال الجزائر سنة 1962. ويذهب مستثمرون إلى إبداء قناعتهم بأنّ المستثمرات الوليدة ستشكّل نقطة انطلاق شوط آخر لتنمية الزراعة، ويرى سعيد خطّاب: “منح عقود الاستغلال عن طريق الامتياز تمكننا من العمل بكل آمان”، ويؤيده جمال بوفريوة، بالقول: “علينا الآن التشمير على السواعد والعمل بتفان”، فيما يرى عبد القادر فاصولي، هذا التغيير في تسيير أراض تابعة للدولة فأل خير، تبعا لتعبيدها الطريق أمام استثمار عقلاني للعقار الزراعي وما ينتج عن ذلك من تطوير عام. من جانبه، يلاحظ المتخصص زهير عوالي، أنّه مع مسح ديون الفلاحين والمرونة التي تعاطتها السلطات في تفعيل الاستثمار الزراعي، لن يكون لناشطي القطاع أي مبررات للفشل مستقبلا، خصوصا مع تذليل معضلة التمويل البنكي للمشروعات، الأمر الذي لم يكن ممكنا في السابق، بيد أنّ عوالي يحيل على حتمية المتابعة الميدانية والدائمة حتى يتم قطع الطريق على أي استنساخ للانحرافات. ويتوقع خبراء أن يكون الموسم الزراعي الحالي جيدا بالنسبة لإنتاج الحبوب، احتكاما إلى الظروف التقنية والمناخية، ما يؤذن بإنتاج وفير من القمح الصلب والشعير، ويشاطر نور الدين كحال، المدير العام للديوان الجزائري المهني للحبوب، هذا التفاؤل بقوله أنّ كافة بوادر موسم ناجح متوفرة، تبعا لارتفاع طاقة التخزين والتجهيزات المجندة، وتميّز موسم (2010-2011) بمستوى عال فيما يخص توزيع البذور الذي تضاعف مقارنة بالسنة الفارطة (1.5 مليون قنطار سنة 2011 مقابل 750 الف قنطار سنة 2010). معضلة الفلاحين المزيفين مستمرة.. تشير مراجع “السلام” إلى كون معضلة الفلاحين المزيفين مستمرة، رغم مضي ست سنوات طويلة على فتح السلطات تحقيقا بشأن ما صار يعرف “فضيحة الفلاحين المزيفين”، وما صار يتردد عن 80 ألف فلاح وهمي استفادوا من قروض زراعية دون أن يسددوها في أجالها المحددة. ووفقا لبيانات الغرفة الوطنية للزراعة، فإنّ هذه الملفات تشمل 7399 مزارع تم حذفهم نهائيا من القائمة الوطنية، بينهم 4150 في إطار عملية التطهير التي أمر بها وزير الزراعة، ولها علاقة بأموال الدعم الفلاحي وتحويلها إلى أغراض أخرى، علما أنّ ما يزيد عن 20 ألف ملف لمزارعين يٌشتبه في كونهم “وهميين” لا تزال قيد التحقيق، وينتظر أن تفصل فيها الجهات المختصة في الأيام القليلة القادمة، إضافة إلى ملفات المزارعين الذين استفادوا من قروض من الصندوق الوطني لدعم الإنتاج الزراعي، ولم يكلفوا أنفسهم عناء تسديدها في أجالها المحددة، الأمر الذي تسبب في أزمة مالية خانقة للصندوق. وبحسب إفادات، فإنّ إنذارات وجهّتها الوصاية إلى نحو 60 ألف مزارع، علما أنّ هذه القضية الشائكة طفت إثر تحقيق لتحديد التجاوزات ومصدرها، طال 300 ألف مستثمرة فلاحية أنشئت بموجب المخطط المحلي لدعم التنمية الزراعية. ويرتقب أن تمس عملية التطهير المستمرة، كل شخص تثبت عدم مزاولته أي نشاط زراعي بصورة مستمرة ومنتظمة حسب ما ينص المرسوم 63/93 ، الذي ينظم الحالات التي تمنح لأجلها بطاقة مزارع، ويشترط أن تكون فواتير اقتناء مواد إنتاجية أو فواتير متعلقة بوسائل متصّلة، متسلسلة بالزمان والفصول حتى لا يتم التلاعب بأموال الدعم الزراعي. ويرى مراقبون، أنّ أكثر من طرف يتحمل مسؤولية منح بطاقات إلى المزارعين المزيفين، فالآلاف من المستفيدين من بطاقة مزارع طبقا للقانون لا يزاولون أي نشاط والكثير منهم استفاد من أموال الدعم، والخطأ تتحمله المصالح الإدارية على مستوى الولايات، مع الإشارة أنّ كثير من التجاوزات شهدتها ولايات الجلفة والعاصمة وتيبازة، حيث تم إحالة 150 ملف على العدالة في قضايا نهب الأراضي الفلاحية، وفي إطار التحقيقات حول الاستثمارات الزراعية التي لم تظهر نتائجها لحد الآن. وتوعد رشيد بن عيسى، وزير الفلاحة والتنمية الريفية بمتابعة بارونات العقار ممن استنزفوا الأراضي الفلاحية بعد انتهاء عملية المسح الشامل للأراضي الزراعية، في وقت قال إنّ ملف قاطني “المجموعات الفلاحية” من اختصاص الولاة. وفي تصريحات خاصة بالسلام، أوضح بن عيسى أنّ قضية قاطني أراضي المجموعات الفلاحية مطروحة على مستوى الولايات، حيث سيتكفل الولاة بإيجاد حل نهائي يقضي بمنح المعنيين سكنات أو تحويل المزارع إلى قرى، مشيرا إلى أن هذا الملف سيخضع لسلطة التقديرية للجهات الوصية التي ستقدر الوضع انطلاقا من المعطيات المتوفرة لديها في اجل لا يتعدى شهر أوت من السنة القادمة بعد دراستها لكل حالة على حدى،مبرزا استفادة المواطنين ممن امضوا على دفتر الشروط مع الديوان الوطني للأراضي الفلاحية من إعانات مالية وقروض تفاديا لعجزهم وعدم قدرتهم على دفع قيمة السكنات التي سيستفدون منها، ووسط تواصل موجة الغلاء، يرفض بن عيسى الرد على المشككين في قدرة مصالح قطاعه على تحقيق الاكتفاء الغذائي، تاركا المجال للمواطنين في حكمهم على مجهودات وزارته، مشير أنّ الأمر لا يتعلق مطلقا بندرة، في ظلّ توفر الخضار وكذا اللحوم بنوعيها الحمراء والبيضاء، حيث ذكر المسؤول الأول على قطاع الفلاحة بأنّ المستوردين الخواص والعموميين استوردوا اللحوم الحمراء المجمدة والطازجة من عديد الدول الغربية على غرار أمريكا اللاتينية وأوروبا والبرازيل بالإضافة إلى بوليفيا، نافيا في سياق حديثه استيرادها من كولومبيا. المسؤول الأول عن قطاع الفلاحة، فتح النار على ولايات كل من سوق أهراس وخنشلة والمدية وتيارت، التي تأخرت في تنصيب مجالسها الولائية الفلاحية على عكس باقي الولايات، وأبدى بن عيسى تفاؤله إزاء ارتفاع معدل نمو الإنتاج الفلاحي إلى 14 بالمائة خلال السنوات الثلاثة الأخيرة، مؤكدا بان الجزائر قادرة خلال السنوات القليلة القادمة على تحقيق اكتفاء غذائي، مستدلا في أقواله على التحاليل التي أثبتت بان نسبة الواردات بلغت 30 بالمائة في مقابل 73 بالمائة. الفلاحون يصطدمون بشبح السقي تشير إفادات عديد الفلاحين إلى اصطدامهم بشبح سقي أراضيهم رغم كل الكلام الذي قيل في هذا الشأن، في هذا الصدد، يؤكد هؤلاء على ضرورة التكثيف من عملية حفر الآبار الخارجة عن الحوض المسقي التي أصبحت جد مستحيلة لدى البعض منهم، مما اضطرهم للبحث عن الماء على بعد عشرات الكيلومترات لسقي أراضيهم وذلك تجنبا للخسارة، حيث يقول بعض الفلاحين أنّ مديريات الري رفضت منحهم ترخيص بحفر الآبار وحاصرتهم بمختلف التبريرات التي تجعل الآلاف من المساحات الزراعية مهددة بالزوال، إضافة إلى ارتفاع أسعار البذور، حيث وصل سعر بذور مادة البطاطا كوندور وسبونتا 12 ألف دينار، وبذور ديزيري إلى 9500 دينار، وكذا ارتفاع تكلفة الكهرباء حسب ما أورده بعض الفلاحين الذين استلموا فواتير الكهرباء بقيمة خيالية فاقت 80 مليون سنتيم مقابل 400 قنطار من البطاطا، أي ما يقارب 160 مليون سنتيم سنويا. وينتقد فلاحون ارتفاع أسعار الجرارات وسائر التجهيزات التي تصل قيمتها إلى 224 مليون سنتيم، فضلا عن زيادة أسعار مواد الإنتاج إذ بلغ سعر الأسمدة من نوع ( 3X 15/15)3500 دينار، والأسمدة من نوع بتنال 4250 دينار، حيث يتطلب الهكتار منها ست قناطير، فضلا عن النقص الفادح في المواد المضادة للحشرات جراء غلائها، وهذا ما يعرض المنتوج إلى الهلاك، إضافة إلى عودة أزمة المازوت وارتفاع أجر العمال. ويطالب كل من اتحاد الفلاحين الأحرار ومنتجي البطاطا بضرورة خلق معاهد للبحوث فيما يخص البذور، يشرف عليها دكاترة مختصين في علم الفلاحة وبيولوجيين مختصين في (فيجيطوا ) حسبهم، وعلم الجينيات. وحتى لا يكون هناك تبذير في الثروة المائية، يؤكد الفلاحون حتمية انتهاج أحدث الأساليب التقنية، كاللجوء إلى طريقة الرش بالتقطير، هذه العملية التي لها دور فعال في الحفاظ على الثروة المائية من جهة، وحفظ النبتة من الأمراض من جهة أخرى، لكون كثرة الماء أو قلته حسب بعض الفلاحين في تصريحاتهم للسلام يسببان للبطاطا طفيليات يتعذر محاربتها. في شق آخر، تتعرض مئات الهكتارات إلى خسائر تقدر بالمليارات سنويا، خاصة بعد الأمطار التي أحدثت بقعا سوداء، وقد اتسعت دائرة انتشار هذا النوع من البطاطا المصابة لتجتاح معظم أسواق الوطن، الأمر الذي جعل تجار الجملة يتخلصون من هذه المادة وبيعها بأسعار منخفضة جدا لتجار التجزئة والباعة المتجولين الذين تفاجأوا للأمر، لكن بعد فوات الأوان فمنهم من قام برمي كميات معتبرة منها وإتلافها، في حين فضل آخرون بيعها للمواطنين الذين اكتشفوا فيما بعد أن البطاطا مريضة، بعد سوادها وانبعاث رائحة كريهة منها. حساسية الضبط الفلاحي يدعو متعاملون إلى توخي نظام جديد للضبط الفلاحي على ضرورة اعتماد ما سماه نظام جديد للضبط الفلاحي، ورأى بن عيسى في هذا النظام مفتاحا لضمان الأمن الغذائي في الجزائر، ومقدمة لعصرنة مختلف أوجه المنظومة الزراعية. ولدى اطلاعه على التحضيرات الخاصة بحملة الحصاد والدرس للموسم الفلاحي الحالي في بعض الولايات النموذجية، أيّد الوزير رشيد بن عيسى النظرة المذكورة، مشيرا إلى أنّ الخطوط العريضة لنظام الضبط تقوم على تحقيق الاكتفاء الذاتي من الحبوب وإنتاج البطاطا والحليب، بما يجعل الأمور تسير نحو تحسين الأمن الغذائي المرهون بفعالية التنظيم على كل المستويات. وأضاف الوزير أنّ اعتماد نظام الضبط الفلاحي سيعين على بلوغ الأهداف الرامية إلى ضمان الأمن الغذائي والتخفيف من التبعية للخارج في مجال استيراد المواد الغذائية، إضافة إلى تجنيب الفلاحين المخاطر الناجمة عن الكوارث الطبيعية، مشيرا إلى حتمية استحداث تنظيم خاص يكفل انخراط الفلاحين في تنظيمات مهنيةتعنى بتأمين الإنتاج، وتفادي الخسائر التي تصيب محاصيل المزارعين. في ذات السياق، دعا خبراء منتجي البطاطا إلى ضرورة تأسيس جمعيات مهنية لطرح انشغالاتهم، خصوصا مع احتمال استمرار انهيار أسعار الإنتاج، متصورا أن تتكفل الدولة بأخذ الفائض حتى لا يتضرر جمهور المنتجين والفلاحين، ويتم وضع حد للمضاربة والاحتكار، وسبق لمجموعة من الفلاحين تحدثت إليهم ‘'السلام'' مؤخرا، أن طالبوا الوصاية بتعاونيات فلاحية تتحمل عنهم الصدمات الموسمية للأسعار، وتسهم في إحداث توازنيكون في صالح المنتج والمستهلك، ويقي البلاد شرّ الأزمات كتلك التي طالت البطاطا و الطماطم، وأدت إلى خسائر فادحة السنة الماضية بفعل كثافة الإنتاج وقلة التسويق وعدم وجود وحدات للتخزين ونقص المصانع التحويلية التي تحتاج إلى الطماطم الصناعية فقط وتشتري الطماطم الأخرى من الفلاحين بأسعار زهيدة.