تكاد مدينة سطيف تصنع الاستثناء من حيث إلتهاب أسعار السكنات والقطع الأرضية الموجهة للبناء، والتي سجلت خلال السنوات الأخيرة أرقاما قياسية، الأمر الذي أدى إلى بروز أزمة سكن حادة يدفع ثمنها عادة المواطن المحدود الدخل والمطلوب على أمره. ففيما يخص السكنات فإن شقة من ثلاث غرف لا يقل ثمنها عن مليار سنتيم في الأحياء الشعبية، أما بالأحياء التي توصف بالراقية على غرار حي دالاس والبروج وبومرشي ومرواني فإن سعر نفس الشقة يتجاوز عقبة الملياري سنتيم دون إحتساب مصاريف التسجيل في الحفظ العقاري وعريضة البيع لدى الموثق، والتي تصل إلى أزيد من عشرة ملايين. ويوعز سبب هذا الإرتفاع الفاحش في أسعار السكنات بعاصمة الولاية حسب المتتبعين إلى جملة من العوامل من أبرزها الاقبال المتزايد لآلاف العائلات القادمة من العديد من ولايات الوطن، خاصة ولايات الجنوب على غرار ولاية بسكرة، الوادي، مسيلة وغرداية للإقامة بمدينة سطيف، التي أضحت خلال الأعوام الأخيرة وجهة مفضلة لهؤلاء حيث تشير المعطيات المتوفرة في هذا المجال بأن نحو عشرة آلاف عائلة قد استقرت خلال الخمس سنوات الأخيرة بالمدينة. ويضاف إلى ذلك مشكل شح البرامج السكنية بمختلف أنماطها، لا سيما منها السكن الاجتماعي حيث لم يتم خلال الفترة المذكورة إنجاز سوى حوالي 1500 وحدة بعاصمة الولاية، مما ضاعف من حدة العرض والطلب وأدى بالتالي إلى إرتفاع فاحش في أسعار مثل هذا النمط من السكنات، الأمر الذي مهد الطريق للوسطاء ومافيا العقار للثراء الفاحش دون مراعاة ظروف المواطن البسيط. أما بالنسبة لأسعار الفضاءات العقارية الموجهة للبناء فإن أقل ما يقال عنها أنها بلغت عنان السماء، حيث وصل سعر المتر المربع إلى أزيد من 15 مليون سنتيم عدا ونقدا، مما جعل هذه الفضاءات حكرا على الأثرياء من رجال الأعمال وبعض أصحاب المهن الحرة مثل الأطباء والمحضرين القضائيين والموثقين. ولعل خير دليل على ذلك ما حدث مؤخرا، والذي يعتبر طفرة في حياة مدينة سطيف هو إقدام أحد رجال الأعمال المعروفين بالمنطقة على شراء قطع أرضية بمحاذاة عين الفوارة لا تتعدى مساحتها الاجمالية 250 متر مربع بمبلغ خيالي قدر بعشرة ملايير سنتيم، وذلك لاستغلالها في إقامة مشروع فندق، ويرى متتبعوا ملف السكن بعاصمة الهضاب العليا بأنها القطرة التي أفاضت كأس أسعار العقار بالمدينة، وفضلا عن البزانسة هو التشبع الذي بلغته الفضاءات العقارية، حيث يصعب حاليا إيجاد مساحات أرضية شاغرة الأمر الذي ساهم في إرتفاع أسعارها بشكل غير مسبوق. ويذكر واستنادا لمصالح البلدية فإن الفترة الممتدة بين 1985 و2002 قد عرفت توزيع أكثر من عشرين ألف قطعة أرضية موجهة للبناء، دخل معظمها عالم البزنسة من بابه الواسع حيث عادت في معظمها لأصحاب الجاه وذوي النفوذ.