مما لاشك فيه أن غاية كل مسلم أن يغفر الله ذنوبه ويدخله الجنة وينجيه من النار، والكل يسعى لذلك، فيفعل ما استطاع من المأمورات، ويجتنب المنهيات، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم...). وبما أننا في شهر محرم، فإننا بحاجة إلى معرفة الأسباب التي تباعدنا من النار وتقربنا من رضا الرحمن. وقد يصوم المسلم يوم عاشوراء إيماناً واحتساباً فيتحقق له الوعد النبوي المذكور في الحديث “إن صيام يوم العاشر من محرم المسمى بيوم “عاشوراء” يكفر السنة التي قبله، كما قال النبي (صلى الله عليه وسلم)”. كما أنه يستحب صيام يوم التاسع والعاشر والحادي عشر من شهر المحرم، وذلك لما روى عن النبي (صلى الله عليه وسلم): “إذا كان العام المقبل - إن شاء الله -صمنا اليوم التاسع”، وقوله: “خالفوا اليهود صوموا يومًا قبله ويومًا بعده”. ومع هذا كله فينبغي للمسلم أن يكون سباقاً لفعل الخير، والازدياد من ذلك، لأن الذنوب كثيرة، وقد لا تغفر الذنوب بعمل من الأعمال بل لابد من الازدياد من الأعمال الصالحة، أو قد يوجد موانع تمنع من مغفرة الذنوب، كالعجب أو الرياء، أو حصول الخلل والتقصير في ذلك العمل. وكما هو معلوم فإن أبواب الجنة ثمانية منها باب للصيام، وباب للجهاد، وباب للصدقة، فلابد أن يكون للإنسان عمل يؤهله لدخول الجنة من ذلك الباب، وأن تكون له همة عالية في دخول الجنة من الأبواب كلها، كما كانت همة الصديق رضي الله عنه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من أنفق زوجين - أي عمل صنفين من أعمال البر- في سبيل الله نودي من أبواب الجنة: يا عبد الله هذا خير، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة). فقال أبو بكر رضي الله عنه: بأبي وأمي يا رسول الله ما على من دعي من تلك الأبواب من ضرورة فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها؟. قال: (نعم، وأرجو أن تكون منهم). فالمطلوب هو الحرص على القيام بهذه الأعمال على الوجه المطلوب شرعاً، وأن نحرص على أن يكون صيامناً صحيحاً بعيداً عن كل ما يخدشه أو ينقص الأجر، كما علينا أن نقوم بالأعمال الصالحات، والله نسأل أن يمنَّ علينا بمغفرة الذنوب، وستر العيوب، وتنفيس الكروب. اللهم اجعلنا ممن صام وقام إيماناً واحتساباً فغفر له ما تقدم من ذنبه، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك..