نظم فضاء «صدى الأقلام» مساء أول أمس السبت، بمسرح «محي الدين بشطارزي»، قراءة في النص المسرحي «الجثة المطوقة» للراحل لكاتب ياسين، بحضور كل من المخرج المسرحي إدريس شقروني والمخرج علي عبدون والناقدة المسرحية جميلة زقاي، وذلك في إطار الاحتفاء بالذكرى الخمسين لتأسيس المسرح الوطني الجزائري، حيث قدمت قراءة مختلفة للنص ونقدا عاما لما ضمته الترجمات للأعمال المسرحية. تطرقت جميلة زقاي، الناقدة المسرحية والأستاذة بجامعة وهران خلال مداخلتها إلي الدور الذي تلعبه الترجمة في إعادة صياغة النص المسرحي وبلورته على خشبة مسرح آخر غير التي قدم عليها. وأعربت المتحدثة، عن أن مشكل اللغة في المسرح الوطني، يجتذب الأضواء من الناحية النقدية ويلقي بثقله على بقية العناصر، ومرد الأمر -حسب رأيها- عائد إلى العسر في تسليط النقد على عناصر أخرى مثل السينوغرافيا والجانب الدارمي للنص التي تصعب ترجمتها مثل اللغة، خاصة فيما يتعلق بنص «الجثة المطوقة» لكاتب ياسين الذي يعتبره الكثيرون مستفزا وأيقونيا ومكتوبا بأسلوب الشعر النثري بحيث يوقع المترجم في فخ «الترجمة المخدوعة». ومن جهته، قدم المخرج المسرحي إدريس شقروني، قراءة لنص «الجثة المطوقة» باللغة العربية الفصحى من ترجمة «سليمان العيسى» والتي قام بإخراجها سنة 2000 ليتم اختيارها لتقدم في ذكرى ترميم المسرح الوطني. أما المخرج المسرحي على عبدون، فقد ارتأى تقديم قراءة ثالثة مختلفة للنص باللهجة العامية، لتوضح هذه القراءات القدرة الأدبية لكاتب ياسين حيث أن كل ترجمة أعطت روحا وحركية مختلفة للنص تدل على تميزه بروح جزائرية حرة رغم أنه كان سجين الكتابة باللغة الفرنسية. ومن خلال «الجثة المطوقة» كشف كاتب ياسين، أمام الرأي العام العالمي حقيقة مأساة الجزائر، ووصف حرب الإبادة التي شنتها فرنسا على متظاهرين عزل بأنها «وحشية وهمجية» بلغته المميزة، وعبر عن آلام وآمال الشعب بقوة، حيث لم يستطع أحد قبله ولا بعده أن يعبر بها. وقد اعتبر كاتب ياسين في كتاباته دائما أن المسرح معركة وسلاح، ولا يمكنه أن يكون خطاباً بل تجسيدا لما عاشه الشعب، وكانت الثورة التحريرية من خلال أعمال كاتب ياسين مثل ‘'الجثة المطوقة'' تلقي بظلال وآثار وعظمة الثورة التحريرية على الإبداعات الفنية المسرحية التي تمجد العمل الثوري، فكان للثورة الجزائرية صدى جزائريا وعربيا وعالميا عبر المسرح. والجدير بالذكر أن مسرحية «الجثة المطوقة» تعد أول عمل مسرحي للكاتب الجزائري والعالمي الكبير كاتب ياسين، وقد كتبها بعد أحداث 08 ماي 1945 حيث نشرت بمجلة «إسبري» شهر ديسمبر من العام 1954 بعد أشهر فقط من اندلاع ثورة نوفمبر، ترجمت أول مرة للغة العربية على يد «مليكة الأبيض» بإهداء من كاتب ياسين نفسه، كما قدم العرض بالعديد من اللغات واللهجات وجال الكثير من المسارح العالمية.