تحدثت كل من نجاة حدة، وزهرة بوسكين المبدعتين في مجال النظم الفصيح، إلى جانب نجمة الشعر الشعبي، عويشة بوزارية بومدين، عن دور المرأة الجزائرية في إثراء المشهد الشعري، والبصمة التي استطاعت رسمها على الصفحة الأدبية الوطنية، في ظل المشاكل المختلفة التي تعانيها. أكدت الشاعرات الثلاث اللواتي التقين ببيت بشطارزي، أن الكتابة ممارسة روحية وفكرية لا علاقة لها بالجنس، وأكثر ما يميز حواء عن الآخر فيها، قيمة الإبداع، كما أبدين اعتزازهن لكونهن ينتمين إلى مجموعة من الشاعرات اللواتي استطعن تسجيل أسماءهن في قائمة حملت عنوان "مبدعات كسبن رهان التميز أمام أهم الشعراء". وتحدثت عويشة بوزراية بومدين، المبدعة في مجال الشعر الشعبي، خلال الندوة الصحفية التي نشطتها رفقة كل من نجاة حدة، وزهرة بوسكين، على مستوى فضاء صدى الأقلام، أول أمس السبت، بهدف الاحتفاء بالمبدعات الجزائريات في عيد المرأة العالمي، عن تجربتها في مجال النظم، وقالت أن المرأة واكبت التطورات العديدة على مستوى القصيدة الشعبية منذ زمن طويل إلا أنها لم تظهر كاسم بارز إلا مؤخرا، وذلك بفضل الاعتراف بالقصيدة الشعبية كنوع أدبي وإدراجها ضمن المناهج التعليمية بالجامعات، ما ساهم في انتشار هذا النوع من الشعر واستقطابه لعدد واسع من الجمهور. وأكدت المتحدثة، حول مكانة الشعر الذي تنظمه مقارنة بشعر الفصحى، اللونين الشعبي والفصيح، يشكلان اليوم نسيجا متكاملا ينتج لونا مميزا، حيث أن "احتكاك شعراء الفصيح والشعبي أفرز تبادلا شعريا من نوع خاص فكل لون يقتبس من الآخر ويستفيد منه، لتتشكل بذلك قصيدة متزاوجة". وأضافت أنها تبتعد عن الكلاسيكية في كتاباتها لتشتغل على التجديد والتنوع. ومن جهتها أكدت الشاعرة زهرة بوسكين، صاحبة الباقة الشعرية الثرية والمتنوعة، والتي نذكر من بينها "أوقات مهرّبة"، "سقوط الأسماء"، "كذبة نيسان"، وغيرها، أن التجربة وقيمة الإبداع لا تقاس بالمدة الزمنية والفترة التي يقضيها الكاتب أو الشاعر في ممارسة العمل وإنما تقاس بالجودة وحبكة المضمون الفكري للنص، حيث قالت:"أنا شخصيا أفادني النشر عبر مختلف الصحف الوطنية كثيرا، وخاصة حضوري في الملتقيات الأدبية التي أتاحت لي فرصة الاحتكاك بثلة من الشعراء الأمر الذي أثرى تجربتي وزادني وعيا في الكتابة". كما أبدت بوسكين، رضاها عما حققته خلال مسيرتها الإبداعية خاصة وأنها استطاعت افتكاك ثلاث جوائز عربية، مشيرة إلى أن خوضها مجال الإعلام فتح لها آفاقا أوسع للبروز ومكنها من كسر بعض الطابوهات، كما أكدت أنها لا تعترف بتقسيم الأدب إلى القسم الرجالي والنوع النسوي حيث تعتبرهما سيان. وكونها توظف علم النفس في كتاباتها من خلال الغوص في أعماق شخصيات أبطال إبداعاتها الأدبية، أكدت بوسكين، أن المبدع يملك مالا يملكه عامة الناس من حيث الحس النفسي، فالكاتب يملك ميكانيزم دفاع نفسيّ، لا يتوفر لدى عامة المجتمع. كما تطرقت لآلية الانتقال بين حالة البوح وحالة الاشتغال مؤكدة كفرها بالنحت في الشعر وقالت أن الشعر لصيق بالبوح الذي يتسلل بشكل لا إرادي أثناء النظم، بينما تعتبر الاشتغال من سمات القصة والرواية. وتطرقت الشاعرة نجاة حدة، صاحبة "امرأة العزيز"، "فلسفة السنديان"، "أنا والآخر الذي ليس أنا" ،"عادات"، وغيرها، عن العقبات التي واجهتها وولدت في نفسها تحد من نوع خاص كان له الفضل في بروزها كمبدعة، حيث أثرت في نفسيتها أحداث العشرية السوداء التي كانت سببا في ابتعادها عن الساحة دون ابتعادها عن نظم الشعر، وقالت أنها في تلك الفترة كتبت في صمت مبتعدة عن النشر، إلى أن حركتها وفاة زوجها مصطفى متور، وبعده ابن جيلها المبدع مالك بوديبة، التي أيقظت في نفسها العزم على العودة إلى الساحة الأدبية بمرثية لزوجها الراحل التي يمكن أن تشكل لوحدها ديوانا شعريا، والتي أرادت من خلالها إشراك غيرها في أحزانها التي فجرت إبداعا شعريا ضمته لأعمالها المتمثلة في قرابة 10 دواوين إضافة إلى رواية ألفتها مؤخرا.