تعد العنوسة لدى النساء من بين الظواهر الاجتماعية العديدة التي تفاقمت نسبتها في المجتمع الجزائري، على نحو أثار استغراب العديد من المختصين بالنظر إلى أن أثارها لم تقتصر عليها فحسب، بالنظر إلى تباين الأسباب التي دفعتهن إلى ارتداء لباس هذه الظاهرة ومخاصمة الزواج، لذا سنحاول من خلال هذه السطور معرفة مختلف الأبعاد المؤثرة في هذه الظاهرة على اعتبار أنها واقع فرض على المجتمع . تلقينا لدى تناولنا لهذا الموضوع بعض الصعوبات في الحديث مع المواطنين وبالأخص المواطنات، اللواتي تباينت ردات فعلهن حول الموضوع بالنظر إلى حساسيته بالنسبة لهن، فأغلبهن وان تحدثن معنا بكل ابتسامة وصدق إلا أنهن يحملن في أصواتهن نبرات من الألم الذي أعدنا نحن تجديده لديهن بحديثنا عن هذا الموضوع، فعذرا منكن جميعا لان”السلام” لم ترد أن تضع الملح على جراحكن وإنما قصدت تنبيه جل السلطات بأن ناقوس الخطر دق في بلادنا، بسبب شبح العنوسة الذي أصبح يهدد كيان مجتمعنا الشبابي. وترجع هذه الظاهرة حسب “ي.طبال” أستاذة في علم الاجتماع بجامعة بوزريعة، إلى أن الشباب أصبحوا ينفرون أصلا من فكرة الزواج، وهذا بالنظر إلى التغير الجذري الذي سجله واقعنا الاجتماعي من حيث مفهوم الزواج لدى الجنس اللطيف، إذ أن الفتاة تشترط اليوم على كل من يتقدم لها السكن المنفرد عن أسرته قبل أن تقبل بعرضه من اجل ضمان استقلاليته في كل النواحي، وبما أن العديد من شبابنا يعانون من مشكل البطالة وعدم الارتياح المادي فإنه يستحيل على اغلبهم توفير ما تطلبه وهو ما يعيق بطبيعة الحال قراره بالزواج، ومن ثمة بقاء العديد من الفتيات حبيسات سجن العنوسة. كما اعتبرت محدثتنا خروج المرأة للعمل من بين العوامل التي ساهمت في تنامي ظاهرة العنوسة ببلادنا، من حيث أنها مكنتها من توفير استقلاليتها وكل متطلباتها دون الحاجة إلى الزواج، فضلا عن مختلف تكنولوجيات الاتصال التي دفعت مجتمعنا إلى الوقوع في دائرة عدم الانضباط العائلي. ومن خلال ملاحظتنا لجملة هذه العوامل نلاحظ بأنها في جلها تتمحور حول الرجل، على اعتبار انه الوحيد الذي يتعين عليه القيام بهذه الخطوة، ونظرا لوجود جملة هذه العوائق المادية فإنه يستحيل عليه أن يقوم بمجرد التفكير في الزواج. وبالنظر إلى أن الزواج يعد الحلقة الأساسية التي تحفظ للمجتمع استمراريته واستقراره، فإن عنوسة الفتيات وعزوف الشباب عن الزواج سيؤثر بشكل أساسي وسلبي