تواجه الأحزاب هذه الأيام سؤالا قد يطرح بشكل أو آخر وباللغات المتداولة في الجزائر (عربية، أمازيغية، فرنسية): ماذا ستقول الأحزاب للشعب؟ بعدما سكتت أو لم تجد ما تقوله، بعيدا عن رد الفعل الحزبي الذي تعودت عليه ويشكل مادة خام في نقد النشاط الحكومي، عادة ومشاريع القوانين في البرلمان.. شهدت الساحة السياسية والوطنية في الأسبوعين الأخيرين نوعا من الجمود، أحياها احتجاج أعوان الشرطة 24 ساعة، مثلما حدث مع مقتل الرعية الفرنسي إرفيه غورديل.. ثم عاد الروتين إلى مكاتب الأحزاب وفاكساتها.. وإن كان التعامل مع هذه الأحداث تم بوتيرة بطيئة، حين ظهر الارتباك على السلطة والأحزاب في التعاطي معها، فانكفأت أحزاب الموالاة على نفسها، وانكمشت متفرجة على الآتي من السلطات المركزية التي لم تتنبأ بالأحداث، بينما اكتفت أحزاب المعارضة بكلام روتيني، واستغرقت وقتا لتتعود على الأحداث وتربطها براهن سياسي متأزم، والتزم الكل الصمت بعدها . بعد هذا المشهد تراجع النشاط السياسي، قل تحرك الحكومة بعد آخر زيارة للوزير الأول لولاية تمنراست ولم يظهر بعدها، وتراجع نشاط البرلمان الذي تنتظره العديد من القوانين العالقة، باستثناء دراسة قانون المالية نهاية الأسبوع الفارط، وعلى غير عادتها، اكتفت اللجنة المالية بتعديلات محدودة على أحكام النص، وأجلت العديد منها، في وقت تراجع نشاط النواب ميدانيا. على مستوى الأحزاب، بإستثناء جبهة القوى الاشتراكية التي باشرت مشاوراتها الثنائية للذهاب نحو نقاش وطني حول مبادرة الإجماع الوطني، تراجعت معظم الأحزاب في الحراك السياسي، اللهم "الخرجة" الأخيرة لعبد الرزاق مقري باقتراح مراقبة الحكومة عن بُعد. تراجع نشاط قطب التغيير وتنسيقية الانتقال الديمقراطي التي أعلنت عن خرجات ميدانية لم يظهر صداها لحد الآن، وهو ربما ما دفع حركة مجتمع السلم لإطلاق مشروع اللجان القطاعية المتخصصة لمراقبة عمل الحكومة من بعد، لتغطية فراغ الحركة في الميدان، في حين انكمشت أحزاب الموالاة التي راهنت على تعديل الدستور، وقالت أن مراجعته لم تعد أولوية، أو هذا ما يلمح إليه الصمت المطبق الذي يلف الملف، مثل صمت الأمين العام للأفالان عمار سعداني، بعد تغريدات لم تتوقف مطالبا بدستور يعيد الحكومة للأغلبية. وتحاول الأمينة العامة لحزب العمال كسر الروتين السياسي بتذكير السلطة، أنها وعدت بإصلاح عميق، جوهره دستور جديد، ثم "نامت على الملف"، وكذلك يفعل عبد المجيد مناصرة، دفاعا عن أطروحة "الدستور التوافقي"، بينما تقف معظم الأحزاب، بما فيها الأحزاب الجديدة، التي شرفها أويحيى باستقبالات في مكتبه جوان الفارط، وتقف الآن موقف المترقب إزاء الآتي من السلطة.