لا يكاد يمر يوما إلا ونسمع عن اندلاع حركة احتجاجية هنا أو هناك في عموم تراب ولاية بجاية، ولعل القاسم المشترك بين كل هذه الحركات هو المطالبة بالتزود بغاز المدينة الذي أصبح مطلبا ملحا للسكان أمام الظروف المناخية القاسية التي تعرفها معظم قرى الولاية في زواياها الأربع، خاصة وأن فصل الشتاء على الأبواب، ما يعني مزيدا من المعاناة والبرد القارس داخل المساكن الهشة أصلا في الوقت الذي وقفت فيه السلطات عاجزة أمام سيل الطلبات للتزود بهذه المادة الحيوية ولم يبق في جعبتها سوى ضخ المزيد من الوعود. عوائق حالت دون تقدم نسبة التغطية بالغاز الطبيعي على عكس العديد من الولايات لا تزال ولاية بجاية تسجل تأخرا كبيرا في نسبة التغطية بمادة الغاز الطبيعي التي لم تتجاوز 45 بالمائة، في حين نجدها في ولاية سطيف تجاوزت 90 بالمائة. وأرجع الكثير من الملاحظين هذا التأخر إلى مجموعة من العوامل أعاقت عملية رفع نسبة التغطية وفي مقدمتها الطابع الجبلي للولاية، ما حال دون إتمام الدراسات في آجال ملائمة وكذا وجود مناطق مهترئة، سيما على ضفاف السدود والوديان العميقة ناهيك عن بطء الأشغال نتيجة افتقار المقاولات للتجهيزات اللازمة ونقص اليد العاملة المؤهلة، فضلا عن بطء تحرك الهيئات المكلفة بمراقبة نوعية الأشغال ومدى احترام مقاييس الأمن والسلامة ناهيك عن تأخر صدور الأحكام القضائية فيما يخص الاعتراضات التي أبداها أصحاب الأراضي التي تمر عليها أنابيب الغاز، غير أن المعضلة الأكبر تتمثل في عدم تمكن السلطات في إيجاد حل لبعض العوائق التي عمرت طويلا، على غرار مشكلة مرور أنبوب الغاز من أوقاس إلى سوق الإثنين الذي استغرق 8 سنوات كاملة وحرم بذلك سكان سوق الإثنين، ملبو، تامريجت وزيامة منصورية من نعمة الغاز. حركات احتجاجية متصاعدة وحلول غائبة منذ بداية تطبيق المخطط الخماسي 2010-2014 استفادت ولاية بجاية من أغلفة مالية معتبرة، ونالت مشاريع الربط بغاز المدينة حصة الأسد وفي هذا الإطار استفادت دائرة خراطة من مشروع هام، باعتبارها منطقة جبلية تتميز ببرودة شديدة. وشرعت مقاولة مختصة في أشغال ربطها انطلاقا من بلدية تالة ايفاس ولاية سطيف على أمل أن يصل الأنبوب في أقصى سرعة ممكنة إلى مركز البلدية، غير أنه بمجرد وصوله إلى منطقة أجيون بلدية ذراع القائد حتى اعترض سبيله السكان ليطالبوا بحقهم في الربط، علما أن منطقتهم أي أجيو لم تكن معنية في البطاقة الفنية لهذا المشروع.. وقد تسبب هذا الأمر في توقف المشروع لعدة أشهر إلى حين تلقى السكان ضمانات من مديرية الطاقة والمناجم باستفادتهم أيضا بعد أن راسلت وزارة الطاقة والمناجم بشأن هذه القضية وعندما قاربت الأشغال على نهايتها تدخل سكان الرحامين من جهتهم ومنعوا إنهاء الأشغال في محطة التوزيع وكادت الأمور أن تخرج عن السيطرة بعد إصرار سكان أجيون على إنهاء الأشغال والتزود بالغاز في حين حاول سكان الرحامين الحيلولة دون ذلك ولحسن الحظ أن مصالح الدرك تدخلت في الوقت المناسب ومنعت حدوث احتكاك بين سكان القريتين. وفي الأخير تمت تسوية هذا المشكل، وبناء على ذلك دخل غاز المدينة بيوت سكان أجيون وخراطة رسميا يوم 8 ماي 2014م، في حين تلقى سكان الرحامين ضمانات باستفادتهم أيضا والأشغال على قدم وساق حاليا ولم تتوقف الأمور عند هذا الحد بل دخل سكان دائرة شميني على الخط ليطالبوا بتزويدهم فورا بالغاز الطبيعي، ولأجل ذلك نظموا مسيرة في قلب مدينة بجاية وستتبع بإضراب عام يشل الدائرة وإمكانية غلق الطريق الوطني رقم 26 إلى حين الاستجابة الفعلية لهذا المطلب. المسؤولون في سباق مع الوقت لربطها بالغاز تبذل سلطات ولاية بجاية وفي مقدمتها والي الولاية الجديد الذي صرح مرارا وتكرارا، أنه جاء للعمل على كبح جماح هذه الحركات الاحتجاجية سيما التي لها صلة بغاز المدينة، وذلك على مسارين، الأول يتمثل في توجيهه عبر أمواج إذاعة الصومام المحلية نداءات للصبر والتعقل وتفادي كل ما من شأنه أن يعطل النشاط الإقتصادي والإجتماعي في الولاية، وضمان انسياب حركة المرور وتنقل الأشخاص والبضائع وترك مثل هذه المسائل للجان المكلفة في ذلك، والتي لها أجندات وآجال لتجسيد أعمالها،على غرار تسجيل مشروع تزويد سكان دائرة شميني بغاز المدينة في الشطر الثالث من المخطط الخماسي الحالي والثاني هو تكثيف الجهود لإيجاد حل لمختلف المشاريع العالقة سيما تلك التي تنتظر تسويات قضائية أو لها مشاكل إدارية أو مالية.
وبناء على ذلك ينبغي على الجميع توخّي ما أمكن من نضج، تعقل، وحكمة للسير نحو الأمام وليس الدوران في حلقة مفرغة.