وضعت السلطات الجزائرية بين أيدي القضاء الفرنسي، عينات من رؤوس "رهبان تبحيرين"، بطلب من الطرف الفرنسي قصد الكشف عليها وتحليلها في إطار إستكمال التحقيقات في ملف الرهبان الذي تفتحه السلطات الفرنسية وتغلقه منذ سنة 1996 وفقا لأهوائها. أكدت وكالة الأنباء الفرنسية رسميا إستلام المصالح القضائية المشرفة على قضية رهبان "تيبحيرين" لعينات من رؤوس الأخيرين قادمة من الجزائر التي إستجابت لهذا المطلب الفرنسي "المُلح"، وأبانت الجزائر ليونة كبيرة في التعاطي مع هذا الطلب الفرنسي، تكريسا منها لموقفها القائم على أن الجريمة اقترفتها الجماعة الإسلامية المسلحة "جيا" التي كان يقودها جمال زيتوني، وكانت تنشط في المناطق المحيطة بدير سيدة الأطلس ب "تيبحيرين"، حيث خطف الرهبان ليلة 26 إلى 27 مارس 1996، لتعلن رسميا بعد أيام تبنيها العملية، وأكدت أنها قطعت رؤوس الرهائن التي تم العثور عليها في طريق غابي، بينما لم يظهر أي أثر للجثث. وعلى طرف النقيض أصرّ العديد من المسؤولين الفرنسيين الذين ما فتئوا يفتحون ملف الرهبان ويغلقونه وفقا لأهوائهم، على ضرورة توريط الجيش الوطني في القضية، بناء على فرضية تقول بأن وحدة للجيش بالمنطقة قتلت الرهبان عن طريق الخطأ. للإشارة طرحت منذ سنوات فرضيات عدة إختلفت تفاصيلها حول خطف وقتل الرهبان من ديرهم حيث اختاروا البقاء رغم الخطر الذي كان يتهددهم في العشرية السوداء. هذا وأكد الطيب لوح، وزير العدل حافظ الأختام، في وقت سابق، أن القضاء الجزائري هو الذي يفصل في القضية بحكم اتفاقية قضائية بين الجزائروفرنسا، وعليه إنتقل القاضي الجزائري إلى فرنسا لتنفيذ الإنابة القضائية في القضية. ومن جانب آخر ودائما في إطار المناورات الفرنسية الفاشلة لتوريط الجيش الجزائري في مقتل الرهبان، فتح القاضي الفرنسي، مارك ترفيديك، المكلّف من الجانب الفرنسي بالتحقيق في القضية، النار على الجزائر وجدّد تأكيده على نقص الخبرة العلمية الجزائرية في حلّ أكبر ملف أمني ورثته منذ العشرية السوداء، وجاء ذلك في تصريحات إعلامية قبل أقل من خمسة أشهر من مغادرته كرسي رئاسة محكمة القطب الجزائي المتخصّص في القضايا الإرهابية والجريمة المنظمة، أي بداية شهر مارس من السنة الفارطة، حيث أشار إلى أن الجزائر لا تملك الوسائل التقنية والعلمية للإحتفاظ بعينات أخذت من جثث الرهبان المقتولين، معتبرا رفض الجزائر لتقديم عينات لفريق الخبراء الفرنسيين "خيانة ومحاولة متعمّدة لإخفاء الحقيقة"، ما يغدّي -حسبه- فرضية مقتل الرهبان السبعة على يد الجيش، وهو ما أسقطته الجزائر بتقديمها اليوم عينات من رؤوس الرهبان للقضاء الفرنسي.