أعضاء المكتب التنفيذي للمجلس الشعبي الولائي لولاية غرداية في زيارة إلى مقر مجلس الأمة    إطلاق الإكتتاب لشراء أسهم أول شركة ناشئة ببورصة الجزائر في الفاتح ديسمبر    زيتوني يترأس اجتماع تنسيقي لوضع خارطة طريق شاملة لإعادة هيكلة النسيج الاقتصادي    رقمنة القطاع التربوي: التأكيد على "الانجازات الملموسة" التي حققتها الجزائر    رئيس الجمهورية يشرف على مراسم الاحتفال بالذكرى ال50 لتأسيس الاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين    أردوغان يعد بوقوف بلاده مع فلسطين حتى يتم تحرير أراضيها    منظمة الصحة العالمية تدين الهجمات الصهيونية على مستشفى كمال عدوان في غزة    الأمم المتحدة تقيم آثار الفيضانات على النازحين في غزة    الدور الجهوي الغربي الأخير لكأس الجزائر لكرة القدم: جمعية وهران -اتحاد بلعباس في الواجهة    حوادث الطرقات: وفاة 34 شخصا وإصابة 1384 آخرين بجروح الأسبوع الماضي    وهران: وفاة المجاهدين مسلم السعيد وخالد بعطوش    شركة جزائرية تبتكر سوار أمان إلكتروني لمرافقة الحجاج والمعتمرين    اعتداء مخزني على صحفي صحراوي    هيئة بوغالي تتضامن مع العراق    حشيشي يتباحث مع وفد عن شركة عُمانية    إعادة انتخاب دنيا حجّاب    عطّاف يستقبل عزيزي    ندوة بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة    توقيف مُشعوذ إلكتروني    الشرطة توعّي من أخطار الغاز    حاجيات المواطن أولوية الأولويات    اختتام زيارة التميز التكنولوجي في الصين    المنظومة القضائية محصّنة بثقة الشعب    آفاق واعدة للتعاون الاقتصادي وشراكة استراتيجية فريدة قاريا    رسميا.. رفع المنحة الدراسية لطلبة العلوم الطبية    نتنياهو وغالانت في مواجهة سيف القضاء الدولي    الجزائر تدعو إلى فرض عقوبات رادعة من قبل مجلس الأمن    دروس الدعم "تجارة" تستنزف جيوب العائلات    الجزائر تسير بخطوات ثابتة لتجويد التعليم    الرئيس تبون رفع سقف الطموحات عاليا لصالح المواطن    العميد يتحدى "الكاف" في اختبار كبير    استذكار أميرة الطرب العربي وردة الجزائرية    التجريدي تخصّصي والألوان عشقي    اتفاقيات بالجملة دعما لحاملي المشاريع    المجمع العمومي لإنجاز السكك الحديدية : رفع تحدي إنجاز المشاريع الكبرى في آجالها    المهرجان الثقافي الدولي للكتاب والأدب والشعر بورقلة: تسليط الضوء على أدب الطفل والتحديات الرقمية الراهنة    دراجات/الاتحاد العربي: الاتحادية الجزائرية تفوز بدرع التفوق 2023    وفد طبي إيطالي في الجزائر لإجراء عمليات جراحية قلبية معقدة للاطفال    مجلة "رسالة المسجد" تنجح في تحقيق معايير اعتماد معامل التأثير والاستشهادات المرجعية العربي    كرة اليد/بطولة افريقيا للأمم-2024 /سيدات: المنتخب الوطني بكينشاسا لإعادة الاعتبار للكرة النسوية    الدورة الخامسة والأربعين لمهرجان القاهرة السينمائي : مشروع "غزة، من المسافة صفر" يفتك ثلاث جوائز    اليوم الدولي لمناهضة العنف ضد المرأة: تنديد بانتهاكات المغرب ضد المرأة الصحراوية ودعوة لتطبيق الشرعية الدولية    الوادي: انتقاء عشرة أعمال للمشاركة في المسابقة الوطنية الجامعية للتنشيط على الركح    عين الدفلى: اطلاق حملة تحسيسية حول مخاطر الحمولة الزائدة لمركبات نقل البضائع    "تسيير الارشيف في قطاع الصحة والتحول الرقمي" محور أشغال ملتقى بالجزائر العاصمة    وفاق سطيف يرتقي إلى المركز الخامس    الابتلاء المفاجئ اختبار للصبر    وداع تاريخي للراحل رشيد مخلوفي في سانت إيتيان    مازة يسجل سادس أهدافه مع هيرتا برلين    باكستان والجزائر تتألقان    هلاك شخص ومصابان في حادثي مرور    سقوط طفل من الطابق الرابع لعمارة        قرعة استثنائية للحج    حادث مرور خطير بأولاد عاشور    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



برلسكوني.. خفة تفوق الوصف!
نشر في السلام اليوم يوم 23 - 11 - 2011

ليس مألوفاً في أوروبا أن يتجمع الناس في وسط العاصمة للاحتفال باستقالة رئيس حكومة يحتفظ بالأغلبية البرلمانية كما فعل آلاف الإيطاليين الذين تجمعوا في وسط روما مبتهجين باستقالة سيلفيو برلسكوني ومرددين عبارة «ارحل».. التي يرددها الشبان في بعض العواصم العربية.
ومن غير المألوف أيضاً أن تتشكل حركة شعبية من كل الأطياف السياسية لمناهضة رئيس وزراء منتخب، كما تشكلت في إيطاليا حركة «الشعب البنفسجي» في فضاء «الفيس بوك»، وكانت تصرّ على استقالة رجل الأعمال الإيطالي الذي كاد يزج بلاده في أزمة مستعصية مع الاتحاد الأوروبي، بل لوح بالاستقالة من اليورو، عملة أوروبا الموحدة، عندما قال «إن الشعب الإيطالي لم يقبل يوماً فكرة العملة الموحدة».
بالمقابل ليس مألوفاً أيضاً أن يثير رئيس وزراء أوروبي حوله هذ القدر من العواصف يميناً ويساراً داخل بلاده وخارجها، وأن تتميز مواقفه بالعنصرية والخفة والاستفزاز، فضلاً عن مسؤوليته المباشرة عن الصعوبات الاقتصادية التي تعاني منها بلاده خلال الولايتين الوزاريتين الأخيرتين، وقد وصلت روما في عهده إلى حد الاستدانة بما يعادل 120 في المئة من دخلها الوطني، ما يعني أن خفة رئيس الوزراء الإيطالي «المخلوع» معطوفة على سوء أدائه الاقتصادي وعلى عنصريته واتجاهه اليميني الأقرب إلى التطرف وضيق العديد من الزعماء الأوروبيين بسلوكه «البلطجي»، كل ذلك أدى إلى نشوء رغبة جامحة داخل أوروبا وخارجها برحيله.
وحتى لا تظلم سيلفيو برلسكوني والحكم برحيله من دون أدلة استعادت وسائل إعلام إيطالية وأوروبية تشكيلة من مواقفه السيئة خلال العشرية الماضية، ومن بينها تعليقه على تفجيرات 11 سبتمبر 2001 بالقول «لا يمكن أن نضع الحضارات كلها على مستوى واحد. علينا أن نعترف بتفوق الحضارة الغربية على الحضارة الإسلامية»، وفي رده على انتقاد نائب ألماني في البرلمان الأوروبي عام 2003 عرض برلسكوني على النائب المذكور وظيفة «حارس نازي» في فيلم إيطالي عن الحرب العالمية الثانية. وفي جوان 2005 قال إنه استخدم وسائله مثل «بلاي بوي» في إقناع رئيسة فنلندا بالتخلي عن ترشيح هلسنكي لصالح مدينة بارما الإيطالية لتكون مقراً للأمن الغذائي الأوروبي. وفي ديسمبر 2005 أكد من دون «رمشة عين» أن فلاديمير بوتين معاد للشيوعية منذ زمن طويل، وأنه كان من بين الذين اشتركوا في معركة «ستالين غراد»، علماً أن الرجل مولود عام 1952 واستقال من الحزب الشيوعي السوفييتي عام 1991.
وقد وصلت الخفة برئيس الوزراء الإيطالي «المخلوع» إلى حد التأكيد في خطاب علني أن الصين في عهد ماوتسي تونغ كانت تغلي الأطفال على النار وتقدمهم علفاً للأراضي الزراعية. وقد حمل برلسكوني على جزء من مواطنيه في صقلية في ماي عام 2007 ووصفهم ب»المتخلفين عقلياً» لأنهم امتنعوا عن التصويت في الانتخابات.
وفي عام 2009 قال إن جرائم الاغتصاب لن تنتهي في بلاده، لأن إيطاليا تضم الكثير من النساء الجميلات، وفي العام نفسه اقترح على طالبة إيطالية تعاني شظف العيش أن تتزوج مليونيراً. وقد وصلت خفة الفارس، كما يسميه أنصاره، إلى حد أنه ردّ على يساريين طالبوه بالعودة إلى بيته: إلى أي منهم فأنا أمتلك عشرين بيتاً؟
على الرغم من كونها لا تطاق، فإن «خفة برلسكوني» دامت عقداً من الزمن على رأس واحد من أهم الاقتصادات في العالم، وفي قمة دولة لعبت وتلعب أدواراً مهمة في مجموعة الثماني الأكثر تصنيعاً، وفي قمة أهم عشرين دولة تتحكم في اقتصادات العالم. ومن المرجح أن تستمر هذه الخفة ما استمر برلسكوني في الحديث عن العودة مجدداً إلى رئاسة الحكومة بعد الانتخابات المقبلة في عام 2013. والراجح أن يعود «الكافالييري» مجدداً إلى الحكم طالما أنه يستمد نفوذه من موقعه لاعباً مهماً في اقتصاد السوق الذي يحمي لاعبيه ويحصّن خفتهم تجاه النقد والمحاسبة الأخلاقية الصارمة.
في واحدة من خلاصته يؤكد ماركس أن الرأسمالية ستمرغ المعايير الأخلاقية السابقة عليها بالوحل، وستفرض معايير السوق وأخلاق السوق على المجتمعات الأوروبية، هذه الأخلاق التي نراها ماثلة من دون أقنعة في شخص رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني. بيد أن السوق التي تحمي لاعبيها تتيح هي نفسها استبدالهم بممثلين آخرين احترفوا خدمة السوق وخبروا آلياتها، ومن بينهم ماريو مونتي رئيس الوزراء الجديد والمفوض الأوروبي السابق.
واللافت في هذا الاختيار أنه يتطابق مع حاجة السوق الأوروبية إلى قائد إيطالي خبر العمل في السوق الأوروبية، لمعالجة أزمة اقتصادية محلية بالعلاقة مع السوق الموحدة، وهو اختيار يأتي بعد اختيار اليونان لبابا ديموس لمعالجة أزمة اقتصادية محلية أيضاً، لكنها متصلة في عمقها بالسوق الأوروبية المشتركة، علماً أن رئيس الوزراء اليوناني الجديد كان نائباً لحاكم المصرف الأوروبي.
بين برلسكوني ومونتي وبابا ديموس جامع واحد هو الخبرة في السوق وليس أخلاق الحكم وحكمته، فهذه لا قيمة لها في أسهم البورصة الباردة حين تجعل خفة «الكافالييري» التي لا تطاق سلطة كلية القدرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.