الحلقة الأولى تتربع الجزائر على مساحة شساعتها تقدر بمليوني 2 381 741 كلم مربع وهي بهذا الحجم أكبر بلاد في إفريقيا والعالم العربي والمحيط المتوسطي. وتتقاسم الجزائر أزيد من كلم مع سبعة دول هي تونس وليبيا شرقا والمغرب والصحراء الغربية غربا ومالي والنيجر وموريتانيا جنوبا بالإضافة إلى أزيد من 1600 كلم شمالا متاخمة البحر الأبيض المتوسط. هذه هي اليوم النظرة الإجمالية الشاملة التي تصور الجزائر في محيطها الجغرافي. أما ملابساتها الجيوستراتيجية قد تخفى على الكثير لأن الحرب القائمة على الحدود ضد الجماعات المسلحة والتوتر مع المغرب ما هي إلا المظاهر الجلية لحرب هي أكثر خفاء وخطرا إذ أن القوى العظمى اليوم تصدر الحرب كما تصدر الأجهزة الإلكترونية والمنتوجات الزراعية. فما تراه أنت حربا حقيقية ليست هي في الأكثر إلا حربا بالوكالة أو حربا أسيميترية غير متوازية تستنزف قوى البلاد من غير طائل. الأمن الجزائري متفطن للمخاطر في حربه "الأسيميترية" الجديدة لأنه جرب عشر سنوات كاملة في مقارعة الجماعة الإسلامية المسلحة والجماعة السلفية للدعوة والقتال وتنظيم القاعدة ببلاد المغرب واكتسب من الخبرة ما أهله لأن يخوض حربا جديدة خفية بمعنويات مرتفعة وتفاؤل كبير. الحرب الأسيميترية غير المتوازية أكثر شيء يستنزف قوة الجيش السابقة الأفغانية يرى خبراء الحرب أو ما يسمى "فنون القتال" منذ تسو الصيني إلى "كلاوسفيتس" الألماني أن الحرب الأسيميترية غير المتوازية أكثر شيء يستنزف قوة الجيش مهما كانت صلابته لأن العدو هنا ليس جيشا ظاهرا وليس له بلد ولا عاصمة ولا لغة ولا موقع جغرافي ولا حتى اسم في الغالب. فأنت تصارع الأشباح وتستنفد قواك من غير طائل. هذه هي الحرب الأسيميترية غير المتوازية التي فشلت فيها روسيا ضد القاعدة بأفغانستانوالولاياتالمتحدة بعدها في أفغانستان وغيرها ولا تزال تصارعها العراق وسوريا واليمن من غير طائل إلا تخريب البلاد وتدمير العباد وإرجاع المجتمع إلى الماضي كما هو ظاهر من أحوال البلدان التي ذكرنا. غير أنه من الضروري معرفة الجماعات التي تواجه من خلالها الجزائر خطرا داهما كانت عملية إن أمناس أكبر تجلياته. القناعة اليوم لدى مسئولي الأمن القومي أن الخطر قادم لا محالة من الجنوب : إما من الفزان الليبي المحاذي لمنطقة جانت وإما من شمال مالي حيث الخليط المتفجر المتكون من القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي وأنصار الدين والملثمين وأنصار السنة والجهاد والسنة في غرب إفريقيا وتوغل جماعة "بوكو حرام" وغيرهم. إن العديد من هذه الجماعات تخدم من حيث تدري أو من حيث لا تدري المخططات الإمبريالية الجديدة. فهذه فرنسا وهذه الولاياتالمتحدة لا هم لهما إلا التنغيص على روسيا والصين اللذين لهما التوغل الاقتصادي الأقوى في المنطقة لإرغامهما على المغادرة ليتم لهما بسط هيمنتهما الاقتصادية كاملة غير منقوصة على أرجاء القارة كلها. قوة برخان نفذت سنة 2016 في دول الساحل 125 عملية بشمال مالي بعد سنوات من الحرب والخسار لا تحصل فرنسا على طائل تحدت جماعة "المرابطون" فرنسا قبل أشهر وأكدت أن افتخار باريس بنتائجها في شمال مالي ليست حقيقية لأن الجماعات باقية. وأكدت الجماعات المسلحة كلام مختار بلمختار بالعمليات الأخيرة التي اسودت لها سماء أزواد. وقال مسؤولون فرنسيون أن قوة برخان المتموقعة بشمال مالي سيطول بها الوقت في الساحل الإفريقي. بفعد ثلاث سنوات من الحضور المكثف في مالي لم تستطع دحر المسلحين ولا هي جلبت الأمن للشعب كما لا يخفى على المطلع على يوميات الشمال المالي. فرنسا تزعم أنها تدخل في خمس دول من الساحل الإفريقي وبعض الدول تنفي ذلك. وكان الناطق العسكري الفرنسي العقيد باتريك ستيكر أكد أن القوات الفرنسية قتلت وأسرت 150 إرهابيا في منطقة الساحل الافريقي وصادرت أكثر من ستة أطنان من الذخائر والمتفجرات خلال عملياتها المنفذة في عام 2016. وأشار ستيكر إلى "أن القوات الفرنسية نفذت، بمفردها أو بشراكة مع قوات محلية، 125 عملية خلال عام 2015 في دول منطقة الساحل الخمس هي موريتانياومالي وتشاد والنيجر وبوركينا فاسو.