رغم التقدم الذي احرزوه في الانتخابات وحصولهم على اصوات ناخبين مستغلين الشعارات الايديولوجية الديموجية، إلا ان الحملة المضادة لهم كانت نشطة وقوية وهي انطلقت متمسكة بالديمقراطية والتعددية والتنوع، فأوروبا اليوم ليس كما كانت بالأمس كما ان العالم العربي بعد "الربيع " ليس كما قبله. لقد كانت ردود الافعال كبيرة على مؤتمر الاحزاب اليمينية المتطرفة الأوروبية الذي اقيم بمدينة كوبلنز الالمانية، وبمشاركة اعضاء من ايطاليا أو ألمانيا أو الدنمارك والسويد وهولنداوفرنسا واليونان والمجر. المؤتمر مثل مظلة حاولت فيها الاحزاب اليمينية التي كانت مهمشة ومعزولة في السابق اسماع صوتها وتوصيل رسالتها وبناء قاعدة للتواصل والتشابك يحسد طموحاتها في الوصول الى تمثيل اكبر في السلطة قبل الانتخابات التشريعية في هولندا في منتصف مارس، والانتخابات الرئاسية في فرنسا أبريل ومايو، والانتخابات التشريعية في ألمانيا نهاية سبتمبر، لقد حاول اعضاء المؤتمر في الاجندات المطروحة على طاولة في التلاعب على القلوب والعقول وخلط الاوراق واستغلال الأزمة الاقتصادية في الترويج إلى سياسات مناهضة لوجود اللاجئين خاصة المسلمين في اوروبا، وفرض سياسات انعزالية وحماية ضد المنتجات الأجنبية. لكن لا تتمثل المخاوف اليوم في انتشار الأطروحات المناهضة وخطابات الكراهية من الاخر حصرا، بل في بروز الموجة المعادية التي تلجأ للاعتداء والعنف وربما ممارسة الارهاب وقد اظهرت التحقيقات في المانيا على سبيل المثال ان عددا كبيرا من الحوادث المرتبطة بالتيارات اليمينية المتطرفة أظهرت أن أعدادا من أعضائها انضموا لمنظمات ذات طبيعة إرهابية، كمنظمة "مدرسة المجتمع القديم" الإرهابية التي اعتقلت السلطات أعضاءها بعد تنفيذهم اعتداءات وهجمات على مراكز وبيوت اللاجئين وايضا المساجد ودور العبادة كما حدث في كندا. ان المواجهة ضد الخطاب اليميني المتطرف تراهن على هشاشة ورفض الاطروحات والبرامج المقدمة من هؤلاء الجماعات خصوصا من قبل الجيل الجديد من الشباب الذي كبر في ظل الحرية وحقوق الانسان والعولمة والتعاطي مع السوشيال ميديا وعالم منفتح وملون ومتنوع. من جانب اخر هناك قناعة بان اتاحة المجال للأحزاب اليمينية في التمثيل السياسي والتواجد الاعلامي والاجتماعي سيضعها على المحك وسيكشف ضعفها وهشاشتها ويعريها امام الرأي العام.