صدر أخيرا عن دار ورقة للنشر التونسية كتاب قيم للمفكر والسياسي والحقوقي التونسي محمد القوماني، تحت عنوان "مقاربات في الثورة والحداثة"،وقد مثل هذا الكتاب ذو الجودة العالية من حيث اللغة السليمة والنظر العميق والرؤية الواضحة إضافة نوعية في الحقل المشتغل على دراسة الحالة العربية بين الماضي والحاضر. إذ جال مؤلف الكتاب في أروقة الماضي العربي وثنايا الحاضر مراوحا بين الفكري والسياسي في مقاربة نقدية استشرافية تناولت ثمانية فصول مثلت جوهر الدراسة وهي 1-سردية الثورة، الفرص المهدورة والمواطنة المتعثرة 2-القران هاد للعقل لا وصيا عليه 3-التوحيد أساس التصور وموجه للسلوك 4-من الخلافة إلى الجمهورية الديمقراطية 5-الأصول الخمسة للمعتزلة 6-العبادة طريق إلى الكمال الذاتي والاجتماعي 7-من جماعة سرية إلى حزب في الحكم، حركة النهضة تتطور سياسيا وتتردد فكريا 8-تيار الهوية العربية الإسلامية، من مهام الدفاع إلى متطلبات البناء، ومن الاجتهاد إلى التجديد ولئن بدا الكاتب من خلال هذه الدراسة منبّها من خطورة الاستمرار في تغذية الاحتقان والاحتراب بين تياري العلمنة والأسلمة فإنه قد استخلص ضرورة انصراف تيار الهوية العربية الإسلامية عن حالة الانفعال والدفاع إلى حالة الانخراط والبناء وعن حالة الاجتهاد إلى حالة التجديد مشعرا بالحاجة إلى إعادة صياغة الأسئلة والإشكاليات التي طالما اشتغل عليها العقل العربي القديم والحديث وبلورة رؤية جديدة للذات وللعالم تخرجنا من وضع الانكفاء والإتباع إلى وضع الانفتاح والإبداع.